منذ ذلك الحين، درج الشعب الفلسطيني والأنظمة العربية، عاماً بعد عام، على إحياء يوم الأرض، فيما كانت حكومات إسرائيل تحذّر سنوياً، عشية ذكرى يوم الأرض، القيادات الفلسطينية في الداخل من مغبّة الإضراب ومن مغبّة إحياء الذكرى... مرّت السنين وتحوّل يوم الأرض إلى ذكرى فلسطينية، وأحياناً أخرى عربية، تبعاً لكرم هذا النظام أو ذاك، ممن امتهنوا الاتجار بقضية فلسطين.
لكن الذكرى السنوية ليوم الأرض التي تحلّ يوم الجمعة المقبل من هذا العام، لا تحمل للأرض ولا لشعبها بريق أمل، أو بشرى سارة.
في الجليل كبرت بذور العنصرية في مستوطنة "كفار فراديم" والتي يعني اسمها بالعربية "قرية الورود"، وطرحت ثمارها قراراً بمنع أهالي ترشيحا، أصحاب الأرض التي قامت عليها المستوطنة، من شراء شقق سكنية فيها.
وفي المثلث، كبرت مستوطنة "حريش"، وتعني بالعربية "حراثة"، وبدأت تعرض على الإسرائيليين العودة إلى احتلال الأرض واستيطانها لتهويد المثلث أيضاً، وكانت سبقتها مستوطنة "كتسير"، وتعني بالعربية الحصاد، لتحصد قراراً قضائياً يمنعها من "التمييز الفاضح ضد العرب" التفّت عليه إسرائيل بقانون "لجان القبول" الذي يجيز التمييز العنصري لحرمان العرب من شراء بيت في مدينة جديدة أقيمت على أراضيهم.
وفي النقب، عادت الجرافات لهدم قرية العراقيب الصامدة للمرة 126، فيما وزعت إخطارات على بيوت قرية أم الحيران، بلد الشهيد يعقوب أبو القيعان، تنذر سكانها بهدم البيوت خلال شهر من الآن.
والحال في فلسطين، وقد أصبحت كلها تحت الاحتلال، من بعضه. استئناف الاستيطان والإقصاء للفلسطينيين في الداخل، ومواصلة قضم أراضي الضفة الغربية والاستيطان فيها، واستمرار حصار غزة.
تلعب إسرائيل بالنار وهي تواصل غيّها، فيما تلعب أحزاب العرب في إسرائيل بمناورات برلمانية سخيفة، وتلعب فصائل الثورة الفلسطينية والفصائل الإسلامية بتبادل الاتهامات، عابثة كلها بمصير شعب بات كله تحت الاحتلال، فيما يضيع يوم الأرض، فكرةً ومنهجاً، في أتون هذه المعارك الداخلية، حتى لو ارتفع ضجيج الخطابات الرنانة في أرجاء الوطن كله.