Skip to main content
يوميات حنين

مدونة عامة

حنين عودة
حين يلتقينَ لا يعرفن النضج فيما بينهن، يبدو جسدهن الداخلي رغم مرور الزمن عليه كطفل صغير، يسترجع ألبوم الذكريات ويصبح للحضور حالة من الجنون ممزوجة بمشاعر دافئة أنثوية شفافة بروحها، محبتهن اللا متناهية كقلب طفل يترك أثرا في أنفسهن عند كل لقاء.

حقل من الطاقة ومناعة قوية في اللحظات التي يجتمعن يضحكن، يمزحن، يتحدثن ما يخطر ببالهن دون قيود، يعلقن الصور أمامهن يتحاورن يتجادلن لا يعرفن الإنصات والإصغاء إلا عند الصراخ "خلص هدوء!"، صوتهن الجماعي باسم الاشتياق واللهفة حكاية صديقات الطفولة بأعمار مختلفة ومسارات مختلفه تحت ظل الحب والعشرة.

في المساء يجتمعن ويقررن المشي في شوارع المدينة بأجوائها الرمضانية، كل منهن قادرة على تسليط الضوء عليها لساعة كاملة لتخبرنا عن يومياتها بتفاصيلها التي لا تنتهي، والأخرى تسأل وتستفسر والأخرى تنتقد وتشتم والأخرى داعمة لكل قول، ورغم اختلافاتهن الكثيرة إلا أنهنّ يجتمعن على الحب والصداقة وخطف الزمن.


يجتمعن يتواصلن ويشتركن في مواضيع لا مفر منها، حيث تشعر أن العالم يختفي وأن هذه المواضيع تبقى خالدة، كالوزن والشكل والجسم واللباس والمستحضرات التجميلية، حيث لا يتغيرن مهما ارتقين بالثقافة والفكر.

كم يبلغ ثقلك؟ ما هي حميتك التي تناسب جسمك؟ ما نوع الرياضة التي تقومين بها؟ وكل منهن تسأل الأخرى: ضعفانة أم نصحانة؟ "سؤال استنكاري لجواب ترفض سماعه" مع العلم أن جميعهن في هذه اللحظة يطبقن نظام حمية معينا، الحمية الغذائية موضوع مزعج وبغيض، تبدو الوسائل كثيرة لفض النقاش حوله.

صاحبة الهدوء: يكفي يا صبايا.. كيف أموركن؟ أنتن على ما يرام؟ لا يوجد أي جديد؟ وكل منهن تغمز للأخرى وينظرن لبعضهن نظرات تشويق ممتزجة بالفضولية وحب الاستطلاع، ينتظرن لتتحدث واحدة منهن ليتشجعن ويتحدثن "يا حظكن السيئ!".

خمس دقائق أو أقل، سكوت مفاجئ وراحة من الكلام، خلال لحظة عبورهن ممر المشاة تذكرن أنهن أصبحن قريبات من محل بوظة أبو زيتون، بدأن يتجادلن ويتحاورن إن أردن أن يأكلن، والسيارات تنتظر ليصلن نهاية ممر المشاة.

بوظة أبو زيتون "بوظة شفا عمرو" مستكة بنكهة الليمون والفستق الحلبي والفانيلا "بصراحة ما بنقلها لا" إنهن يدركن أنها من ريح البلاد ورمز من رموز المودة والمحبة، باختصار: "ما بتتاكل إلا مع مجموعه أصدقاء، عائلات".

انتقلن من موضوع من ستأكل؟ إلى من ستدفع؟ والأصوات تعلو ولا كأنهن في الشارع، أي جنون وأي سعادة أنتن فيها!

وإذا بصاحبة الإرادة القوية، تعلن رفضها لتناول البوظة في مثل هذه الساعة، بعد هجوم ومحاولات إقناع رفعت الراية البيضاء واشترطت عليهن بأنها تريد أن تطلب بوظة دايت (Diet) وإذ بأصوات قهقهتهن تعلو، نطقت صاحبة الهدوء، لست أنا من سيطلب من البائع بوظة دايت (Diet) بدكن يضحك علينا!

أعلنت صاحبة الجرأة أنها من ستذهب وتطلب لكل واحدة ما تريد..
صاحبة الإرادة: أريد بوظة دايت.
صاحبة الهدوء: تنازلتُ.. أريد أيضا بوظة دايت.
صاحبة القناعة: بكل سخرية بوظة دايت (بوظة أبو زيتون) بالبسكويت!
صاحبة الجرأة: أنا عصير برتقال.

انتظرن! قبل الذهاب هيا نلتقط صورة سيلفي، ومن بين ستة صور استطعن والحمدلله الاتفاق على صورة.

أثناء تناولهن البوظة طرحن سؤالا: كم كالوري (سعرة حرارية) تحتوي البوظة؟ مع العلم أن ثلاثة منهن يأكلن بوظة أبو زيتون باسم الدايت لتخفيف حدة الندم.

ما بكن يا معتوهات اعتبرن أنه اليوم الأخير الذي ستأكلن به في مثل هذه الساعة المؤهلة لأكل الأخضر واليابس.

انتهت الليلة، لكنهن وقبل رجوعهن إلى بيوتهن ووسائدهن اتفقن بأن يلتقين من جديد، والميعاد أصبح متى يبدأ الشوق.