يوميات القراءة: الدكتاتورية والفن

يوميات القراءة: الدكتاتورية والفن

14 مايو 2020
(يوسف حمدان)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع الكتّاب العرب في قراءاتهم أثناء فترة الوباء، وما يودّون مشاركته مع القرّاء في زمن العزلة الإجبارية.


يتوفّر، خلال فترة الحجرّ الإلزاميّ بسبب وباء كورونا، الكثيرُ من الوقت وقدرٌ غيرُ قليلٍ من الملل، وهو ما يستدعي الأعمال الروائيّة الكبيرة على مستوى الحجم والأهميّة لتكون وسيلةً لتسليّة الهمّ والكَدَر.

ومن هذا النوع من الأعمال التي قرأتُها خلال هذه الفترة روايةُ "جنتلمان في موسكو" للكاتب الأميركي أمور تاولز (1964) التي تحكي قصة أرستقراطيّ روسيّ هو الكونت ألكسندر إليتش روستوف الذي يُحكم عليه بالإقامة الجبرية مدى الحياة بعد الثورة الروسيّة في فندقٍ فخمٍ بسبب قصيدة له تتضمن نبرة ثوريّة على النظام الجديد.

الرواية تستعرض محاولات روستوف للتعايش مع محبسه الفخم ويقدم ملاحظاته عن المكان عبر وصف تفصيليّ ليس فقط لشكل المكان وعادات الناس التي تعبّر عن المجتمع الروسيّ، وإنّما أيضاً ترصد بدقّة ممتعة التحوّلات التي فرضها النظام الجديد على القيم والعادات التي تظهر من خلال الطريقة التي يُدار بها الفندق، وهو ما يهدف في العمق إلى نقد هذا النظام الجديد الذي يقوم على التعسّف وإجبار الناس على شكل محدد من الحياة.

وبينما تقع الأحداث الرئيسة في مكان مغلق هو الفندق، تقدّم الرواية عالماً ثرياً بالأوصاف والثقافة والنظام الاجتماعي، وتحتوي بنبرة ساكنة على مواقف سياسيّة من النظام الشيوعيّ الذي هيمن على مفاصل الحياة الروسيّة، وتحطّمت بفعله أجزاء كبيرة من تقاليد المجتمع الأرستقراطيّة.

بالإضافة إلى تركيز كبير على قدرة الذات على إغناء المكان عبر الخيال والأفكار، وبالطبع أثر الفن والأدب في التعبير عن المواقف الأيديولوجية والأفكار الناقدة، وردّة فعل الدكتاتوريّة على المواقف الكامنة في الفن والأدب.


* باحث وأكاديمي أردني، حاصل على دكتوراه في النقد الأدبي الحديث. من أبحاثه: "الصورة وبنية الحكاية في "حفّار القبور"، و"تجليات الاغتراب في شعر على طه النوباني".

دلالات

المساهمون