27 سبتمبر 2024
يسألونك عن الإسلاموفوبيا
بعد الاعتداءات في بروكسل، وقبلها في باريس، لا شك أن أوروبا، بدولها كافة، في حالة من الاستنفار غير المسبوق، وخصوصاً أن الخطر لم يعد آتياً من الخارج، بل بات متغلغلاً في المجتمع بأشكال مختلفة، سواء من مهاجرين جدد أو من مهاجرين من الجيلين الثاني أو الثالث، أو من مواطنين أوروبيين متحوّلين حديثاً الى الدين الإسلامي الذي ترتكب باسمه جرائم كثيرة ممتدة على مساحة الكرة الأرضيّة.
بعد هذه الاعتداءات في أوروبا، وبناء على هوية منفذيها وانتماءاتهم الدينية، ستبدأ انعكاسات اجتماعية بالظهور بين المواطنين الأوروبيين في تعاطيهم مع نظرائهم المنتمين إلى الدين الإسلامي، على غرار ما حدث قبل يومين في بريطانيا، عندما استوقف رجل امرأة مسلمة ليسألها عن تفسيرٍ لاعتداءات بروكسل، محملاً إياها ودينها مسؤولية هذه الاعتداءات. في غمرة حالة الغضب العارمة في أوروبا، والخوف من المجهول الخطير الذي قد يحصل في أي لحظة، ومن دون سابق إنذار، قد تكون مثل هذه التصرفات مفهومةً، لكنها بالتأكيد لن تتحول إلى حالة حقد عامة، وخصوصاً في ظل التعاطي الواعي والمسؤول من السلطات في الدول الأوروبية مع هذه التصرفات التي قد تزيد المخاطر، بدل الحد منها، وتدفع مزيداً من المواطنين الأوروبيين المسلمين إلى التقوقع، بعيداً عن المحيط والاندماج فيه، وبالتالي، يكونون فريسة سهلة لـ"داعش" وأمثاله من التنظيمات المتطرفة. تعاطٍ واعٍ ظهر مبدئياً من السلطات البريطانية التي اعتقلت الرجل الذي سأل السيدة، باعتباره خطراً قد لا يقل لاحقاً عن الخطر الذي يمثله المتطرفون.
بالتأكيد، لن تكون حالة الرجل البريطاني فردية، وستظهر تصرفاتٌ مماثلة، وربما أخطر، في دول أخرى عديدة، على غرار ما حكي عن لجان أمن ذاتي، بدأت بالظهور في بعض المدن الأوروبية. ستستفز مثل هذه الحالات كتاباً عرباً عديدين، مهجوسين بالإسلاموفوبيا في الدول الغربية، لتسطير المزيد والمزيد من المقالات والتقارير عن هذه "الآفة"، مع إضافة بهاراتٍ كثيرة توحي بأن وضع المسلمين في أوروبا لم يعد يُطاق، وأن المضايقات سمة عامة، أصبح نقيضها نادراً، وهو أمر غير صحيح بالمطلق، بل ربما العكس هو الصحيح، أو على الأقل إن لم تكن المضايقات نادرة، فإنها لم تتحول إلى سلوك جماعي في المدن والأحياء الأوروبية، خصوصاً أن منطق المواطنة وحقوق الإنسان وحرية الانتماء لا يزال السائد في هذه الدول، على عكس الأمر في دول عربية عديدة تعيش حالة إسلاموفوبيا غير معلنة، قد تكون عاملاً أساسياً في صناعة التطرف، إضافة إلى عوامل أخرى موجودة في النصوص الدينية نفسها. لكنّ هذا بحث آخر.
لا يمكن اليوم التغاضي عن فكرة أن الإسلاموفوبيا لم تعد محصورة في النطاق الجغرافي الغربي، سواء الأوروبي أو الأميركي، بل أصبحت متغلغلة في الدول العربية ذات الخلفية الإسلامية. الأكثر خطورة أن هذه الإسلاموفوبيا، وعلى عكس الوضع في أوروبا، فإن الحالة هي سياسة رسمية للدولة، وليست مجرد حالة اجتماعية منتشرة في أوساط يمينية. السياسة الرسمية تنعكس بشكل مباشر في الأداء الأمني في التعاطي مع كل من يبدي بعض مظاهر التدين الزائد، أو يجاهر بالانتماء إلى أحزاب وجماعات ذات خلفيات دينية، حتى لو كانت معتدلة أو ذات توجهات غير عنفية. الأمر يمكن لمسه، بشكل مباشر في مصر وبعض الدول الخليجية، حيث الاعتقال أو الترحيل مصير من يمكن أن يضبط متلبساً بالمجاهرة بانتماء سياسي بأبعاد دينية.
ينعكس هذا السلوك الرسمي العربي، أيضاً، في الأوساط الاجتماعية المسلمة في هذه الدول التي باتت تتوجس ريبةً من هذه الفئة، وتساهم في ملاحقتها أو الإبلاغ عنها، خصوصاً في ظل الممارسات المتطرفة لـ"داعش" وأتباعه. لا يأخذ هذا النوع من الإسلاموفوبيا حقه من المعالجة الإعلامية، على عكس نظيرتها في الدول الأوروبية التي يتم التعاطي معها، بشكلٍ مبالغٍ فيه، باعتبارها ظاهرة عامة.
بعد هذه الاعتداءات في أوروبا، وبناء على هوية منفذيها وانتماءاتهم الدينية، ستبدأ انعكاسات اجتماعية بالظهور بين المواطنين الأوروبيين في تعاطيهم مع نظرائهم المنتمين إلى الدين الإسلامي، على غرار ما حدث قبل يومين في بريطانيا، عندما استوقف رجل امرأة مسلمة ليسألها عن تفسيرٍ لاعتداءات بروكسل، محملاً إياها ودينها مسؤولية هذه الاعتداءات. في غمرة حالة الغضب العارمة في أوروبا، والخوف من المجهول الخطير الذي قد يحصل في أي لحظة، ومن دون سابق إنذار، قد تكون مثل هذه التصرفات مفهومةً، لكنها بالتأكيد لن تتحول إلى حالة حقد عامة، وخصوصاً في ظل التعاطي الواعي والمسؤول من السلطات في الدول الأوروبية مع هذه التصرفات التي قد تزيد المخاطر، بدل الحد منها، وتدفع مزيداً من المواطنين الأوروبيين المسلمين إلى التقوقع، بعيداً عن المحيط والاندماج فيه، وبالتالي، يكونون فريسة سهلة لـ"داعش" وأمثاله من التنظيمات المتطرفة. تعاطٍ واعٍ ظهر مبدئياً من السلطات البريطانية التي اعتقلت الرجل الذي سأل السيدة، باعتباره خطراً قد لا يقل لاحقاً عن الخطر الذي يمثله المتطرفون.
بالتأكيد، لن تكون حالة الرجل البريطاني فردية، وستظهر تصرفاتٌ مماثلة، وربما أخطر، في دول أخرى عديدة، على غرار ما حكي عن لجان أمن ذاتي، بدأت بالظهور في بعض المدن الأوروبية. ستستفز مثل هذه الحالات كتاباً عرباً عديدين، مهجوسين بالإسلاموفوبيا في الدول الغربية، لتسطير المزيد والمزيد من المقالات والتقارير عن هذه "الآفة"، مع إضافة بهاراتٍ كثيرة توحي بأن وضع المسلمين في أوروبا لم يعد يُطاق، وأن المضايقات سمة عامة، أصبح نقيضها نادراً، وهو أمر غير صحيح بالمطلق، بل ربما العكس هو الصحيح، أو على الأقل إن لم تكن المضايقات نادرة، فإنها لم تتحول إلى سلوك جماعي في المدن والأحياء الأوروبية، خصوصاً أن منطق المواطنة وحقوق الإنسان وحرية الانتماء لا يزال السائد في هذه الدول، على عكس الأمر في دول عربية عديدة تعيش حالة إسلاموفوبيا غير معلنة، قد تكون عاملاً أساسياً في صناعة التطرف، إضافة إلى عوامل أخرى موجودة في النصوص الدينية نفسها. لكنّ هذا بحث آخر.
لا يمكن اليوم التغاضي عن فكرة أن الإسلاموفوبيا لم تعد محصورة في النطاق الجغرافي الغربي، سواء الأوروبي أو الأميركي، بل أصبحت متغلغلة في الدول العربية ذات الخلفية الإسلامية. الأكثر خطورة أن هذه الإسلاموفوبيا، وعلى عكس الوضع في أوروبا، فإن الحالة هي سياسة رسمية للدولة، وليست مجرد حالة اجتماعية منتشرة في أوساط يمينية. السياسة الرسمية تنعكس بشكل مباشر في الأداء الأمني في التعاطي مع كل من يبدي بعض مظاهر التدين الزائد، أو يجاهر بالانتماء إلى أحزاب وجماعات ذات خلفيات دينية، حتى لو كانت معتدلة أو ذات توجهات غير عنفية. الأمر يمكن لمسه، بشكل مباشر في مصر وبعض الدول الخليجية، حيث الاعتقال أو الترحيل مصير من يمكن أن يضبط متلبساً بالمجاهرة بانتماء سياسي بأبعاد دينية.
ينعكس هذا السلوك الرسمي العربي، أيضاً، في الأوساط الاجتماعية المسلمة في هذه الدول التي باتت تتوجس ريبةً من هذه الفئة، وتساهم في ملاحقتها أو الإبلاغ عنها، خصوصاً في ظل الممارسات المتطرفة لـ"داعش" وأتباعه. لا يأخذ هذا النوع من الإسلاموفوبيا حقه من المعالجة الإعلامية، على عكس نظيرتها في الدول الأوروبية التي يتم التعاطي معها، بشكلٍ مبالغٍ فيه، باعتبارها ظاهرة عامة.