يا أعزائي النجوم... الفن لا يورث

يا أعزائي النجوم... الفن لا يورث

31 ديسمبر 2017
+ الخط -
يتطلّع بعض النجوم إلى توريث أبنائهم مهنتهم التي فتحت لهم أبواب الثراء والشهرة، وكأن الإبداع أملاك خاصة قابلة للتوريث للأبناء. والسؤال الذي لم يطرحه النجوم على أنفسهم قبل أن يفكروا في توريث عروشهم لأبنائهم هو: هل يمكن أن تنتقل جينات الإبداع في الفنون الدرامية حقاً من جيل إلى آخر؟

من المقبول أن تتناقل بعض الأسر مهناً كالنجارة والحدادة وصناعة الحلويات ومهناً حرفية أخرى، التي يتعلمها الأبناء من آبائهم منذ الطفولة عبر ترددهم إلى تلك الورش، فيتعلمون مهارات تلك المهن، إذ من الممكن توريث الصنعة الحرفية لأنها مهارة تكتسب عبر التعلم.

ولكن هل الإبداع بحد ذاته وراثة؟ بالطبع لا يمكن إنكار تأثير الجينات على البشر، لكنه تأثير جزئي، لا يعني أن ينجب النجم نجماً آخر يكمل مسيرته، وعلى الرغم من وجود فنانين استطاعوا تحقيق شهرة توازي أو تفوق شهرة آبائهم، فإن أعداد الفنانين الذين استطاعوا الوصول إلى قمة النجاح والشهرة بكفاءتهم من دون الحاجة إلى الاعتماد على نفوذ ذويهم أكبر بكثير من الذين خاضوا غمار الفن بالوراثة، لأن النجاح في مجال الفنون بشكل عام مرهون بالموهبة، التي توهب إلى قلة من الناس دون غيرهم، فتمنحهم حضوراً وجاذبية، فضلاً عن التأهيل الذي يلعب الدور الأهم في النجاح.

إذاً، الفن يا أعزائي النجوم لا يورث.. فلماذا تصرّون، وأعني هنا نجوم التمثيل، على احتكار هذا المجال الإبداعي الواسع وتحويله إلى إقطاعية فنية لكم ولأبنائكم وأقاربكم.

واللافت انتشار هذه الظاهرة في الوسط الفني العربي، والأمثلة كثيرة على التوريث، خاصة في مصر. على سبيل المثال: أبناء الفنانين عادل إمام ومحمود عبد العزيز وسمير غانم وصلاح السعدني... إلخ، وليس في مجال التمثيل فحسب، بل في أكثر من مجال كالإخراج والإنتاج.

أما في سورية، فنذكر قيس الشيخ نجيب ابن المخرج والفنان محمد الشيخ نجيب، والفنانة الشابة هيا المرعشلي ابنة الفنانة رندة وطارق المرعشلي، وإخوان الممثل أيمن زيدان وائل وشادي، وعبد الرحمن آل رشي ونجله الفنان محمد آل رشي... إلخ.

وفي ظلّ هذا الاحتكار الفني، نتساءل أين يعمل خريجو معاهد التمثيل في هذه الدول؟ ما مصير موهبتهم؟ وما مستقبل طموحاتهم وأحلامهم؟ هل يجب أن يتبرأ الواحد منهم من نفسه ومن موهبته لأنه ليس من طبقة أبناء الفنانين؟!

ما مصير الفن والإبداع في عالمنا العربي في ظل هذه الإقطاعية؟ وما مستقبل شبابنا العربي الذي نصرّ على إغلاق جميع الأبواب في وجوههم، فالوظيفة تحتاج إلى واسطة، والتمثيل يحتاج إلى واسطة، والغناء يحتاج إلى واسطة. هل وصل بنا الأمر إلى احتكار الإبداع لفئة وطبقة معينة في مجتمعاتنا العربية؟

دلالات