يا أسود يا أبيض

07 يوليو 2015   |  آخر تحديث: 23:46 (توقيت القدس)
ألفة يوسف: من يعارض الحظر "خائن للوطن"
+ الخط -

كان من الطبيعي أن يؤدي قرار الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بفرض حالة الطوارئ، مساء السبت، إلى حالة من ردود الفعل المختلفة، سياسياً وشعبياً، بين مؤيد ورافض وباحث عن أسباب وأهداف القرار. قرار أدى في كل الحالات إلى وضعية من الخوف أو القلق العام الذي زاد في تعكير المزاج، وخصوصا أنه جاء بعد أحداث سوسة التي أقلقت بطريقة القتل التي ميزتها كل التونسيين، الذين لم يتقبلوا كيف تمكن فرد واحد من إعدام كل ذلك الجمع في كل تلك المساحة ببرودة دم قاسية. وكانت ملامح الرئيس السبسي عشية السبت صارمة عكست قلقه الشخصي من الوضع، ونشرته بين التونسيين الذين تسمروا أمام شاشات التلفزيون قبيل الإفطار.

زادت المفردات التي استعملها في حدة المخاوف، حين أشار بلا مواربة إلى الوضع الصعب والتهديد القائم، وإمكانية انهيار الدولة إذا تكررت الأحداث. وبعيداً عن تحليل الموقف ألسنياً وسياسياً، شكل خطاب السبسي فاتحة لمرحلة جديدة ستدخلها تونس، بلا مبالغة أو تضخيم للحدث. وجاءت ردود الفعل، السياسية بالخصوص، في أغلبها داعمة للقرار خصوصا من طرف أحزاب التحالف الحكومي، في حين عارضتها أصوات قليلة إلى حد الآن، وربما تلتحق بها أخرى. غير أن ما لفت هو ما أشارت إليه الكاتبة والباحثة ألفة يوسف، حين دونت على صفحتها الخاصة أن كل من يعارض قرار الحظر هو "خائن للوطن".

مع أنني أحب ألفة يوسف وأحترم كتاباتها وحضورها البارز والنقي في الساحة الوطنية، وتدويناتها الرشيقة في الغالب، إلا أنني فوجئت بما ذهبت اليه، ولئن كانت اللحظة صعبة بالتأكيد، فإن خطاب التخوين يبدو غريبا عليها وعلى اللحظة، وأعتقد أنه لا يمكن أن نعود لخطابات التخوين والمنطق الذي يفيد بـ "إن لم تكن معي فأنت مع الآخرين"، لأن اللحظة هي بامتياز للوحدة وليست الانقسام، وأعتقد أنه يمكننا أحياناً أن نغادر منطقة "يا أبيض يا أسود"، وربما يكون الآن فرصة جيدة لذلك، من دون التنازل عن أي حبة من تراب الوطن.

المساهمون