ويلي نيلسون... نجمة زرقاء في الجهة اليُمنى

ويلي نيلسون... نجمة زرقاء في الجهة اليُمنى

12 يوليو 2020
يبلغ نيلسون من العمر 87 عاماً (Getty)
+ الخط -

قبل أيام، أصدر المغني الأميركي، ويلي نيلسون، ألبوماً جديداً حمل عنوان "First rose of spring"؛ وهو الألبوم السبعون في مسيرة أسطورة موسيقى الكاونتري، الذي يبلغ من العمر 87 سنة.

على مدار 60 سنة، لم يتوقف نيلسون عن العمل الفني يوماً، فكان ولا يزال رمزاً للاستمرارية والعمل الدؤوب والمستمر؛ وحتى بعد أن تجاوز الثمانين من عمره، لم تتوقف جولاته الفنية أبداً، إلا بعد أن اضطر إلى إلغاء جولته الأخيرة بسبب الإجراءات الوقائية المفروضة بعد انتشار جائحة كورونا. ورغم ذلك، فإن هذه الظروف الاستثنائية لم تثنه عن مواصلة العمل، ليصدر عملاً في هذا التوقيت بالذات.

لا يزال نيلسون محافظاً على رونقه، ولم يمنعه الزمن والأزمات التي عايشها من مواصلة الغناء بذات الروح، فهو لا يزال يغني للحب والتفاؤل بصوته العميق وأدائه الانسيابي البسيط، الذي يجبرك على تصديق كل كلمة ينطق بها، حتى وإن كنت تدرك أن هذه الكلمات قد كتبها شخص آخر، وأنها لا تتناسب مع عمره وتجربته؛ لتبدو أغانيه الجديدة تعبيراً رمزياً عن أسطورة الشباب الدائم، واختزالاً لأفكار مثالية، كأن السعادة والتفاؤل لا يعرفان عمراً.

يضم ألبوم نيلسون الجديد إحدى عشرة أغنية، وهي جميعاً أغاني كاونتري نموذجية، تعتمد بشكل رئيسي على الآلات الوترية الحية والأداء الرومانسي الرقيق، ولا تكسرها سوى بعض المقاطع لآلات نفخية؛ التي تم إقحامها على موسيقى الكاونتري -التي كانت تعتبر فن العرق الأبيض في أميركا في العشرينيات- بعد الانفتاح على موسيقى الجاز في الخمسينيات والستينيات؛ أي بذات الحقبة التي بدأ بها نيلسون مسيرته الفنية.

يفتتح نيلسون ألبوم "First rose of spring" بأغنية تحمل ذات الاسم؛ أغنية رقيقة تختزل مشاعر متضاربة بصور رومانسية مستمدة من الطبيعة، لتبدأ بولادة الحب وتنتهي بالفقدان بالاعتماد على ذات الصورة، زهرة الربيع الأولى، التي يستخدمها في المقطع الأول من الأغنية كصورة شعرية عن ولادة المشاعر، وتتحول بالمقاطع التالية إلى عنصر متكرر يدل على تقادم الزمن. وعلى الرغم من النبرة الحزينة التي تختتم بها الأغنية، فإن نيلسون ينتصر الحب والتفاؤل على الموت، ليحافظ على دهشة وجمال مشاهدة زهرة الربيع الأولى حتى النهاية.

الصراع المستمر مع الزمن لتعزيز التفاؤل، الذي يمكن التماسه بالأغنية الأولى، يصبح بالأغاني التالية أكثر وضوحاً؛ ولكن تبدأ بعض جوانب هذا الصراع السوداوية تتجلى في الأغنية الثانية "Blue star"، التي يقول فيها: "إذا تمكنت من هزيمتك حتى النهاية، سيكون لي بداية كبيرة. نحن نركب الريح فقط. وعندما تصل إلى السماء الساطعة سأكون النجم الأزرق على يمينك"؛ ليؤكد من خلال هذه الكلمات على إصراره الدائم على محاربة التشاؤم والموت، وإيمانه بالبعث بعد الموت، ضمن حياة أفضل يصبح بها نجماً في فضاء أوسع.

من الأمور الجميلة في الألبوم، أن نيلسون يتمكن من مراكمة الصور الشعرية التي يستخدمها، لتكوين صور أكثر جمالية وتعقيداً في الأغاني اللاحقة؛ ومثال على ذلك، اللون الأزرق الذي يستخدمه في أغنية "Blue star" للدلالة على الانعتاق الجسدي والتفاؤل بحياة ما بعد الموت، يعود لاستخدامه في الأغنية الثالثة "I'll Break Out Again Tonight"، التي يقول فيها: "يعتقد السجان أن كل ما رأيته في الحياة هو الخطوط البيضاء والسوداء على بدلتي. إنه لا يعرف شيئاً عن بدلتي الزرقاء وربطة العنق"؛ ليشير من خلال هذه الصورة إلى عدم قدرة الحياة على إلزامه ارتداء القالب الكئيب الذي تفرضه عليه.

دلالات

المساهمون