وللثورة احتجاجات أخرى.. اسمها "زينب"

وللثورة احتجاجات أخرى.. اسمها "زينب"

20 نوفمبر 2014
لأن ثورتنا أكبر من هذا البطش، سننتصر
+ الخط -

زينب ذات ابتسامات الأمل وبهجات الربيع الثوري، وكآباته والحلم غير المكتمل لخصّت بموتها ما نخوضه في واقعنا، نحن الشباب، عرّت قبحه وبغضه.

تكلم موتها الصادم بألف كلمةٍ وحسرة، فضح الخيانات المتوالية لجسد الثورة المثخن المصلوب بين التيارات العاجزة، ورسمت ريشته شحوب جيلٍ كامل بهتت ملامحه من الأوجاع واشتعل رأسه شيباً من الأهوال.

زينب كانت تموت حزناً وحسرةً، كل يوم، مثلما نفعل، فأرواحنا المنهكة التي يفتّها إجرام العسكر وخباثات معارضين كنا نحسبهم في صفوفنا، وسذاجات البعض الآخر وفشلهم تجعلها وأرواحنا نفكّر مرات ومرات في لحظات الخلاص الأبدية، لكنها أقدمت عليها وبقينا نحن تلوكنا الصدمة تلو الأخرى لا يفصل بينها زمن!

ومع موت زينب انتفى الضمير الواعي والفعل المقاوم بأساليب واهنة لا تُجدي، ولم تكن بقدر الجرم وبشاعته، فَلَربما لم يمنع الغضب انكسارنا كما تمنّينا بل حوّله إلى كتلة من العذابات والانهيارات تتطلّع إلى الراحة والسكينة المفقودة.

إنني لن أتساءل عن حجم وقوة القهر والخذلان الذي دفع بزينب إلى فعل ذلك لأننا نعيشه في كل لحظة، وما يرتكبه العسكر أكبر من استيعاب أرواحنا الفتّية النقية له، فجاء إحباطنا متسارع الوتيرة، لذا فإن زينب لم تُجرم في حق الله تعالى، كما يعتقد البعض أو تعمدت أن تفعل، زينب فقط أرادت أن تذهب إليه سريعاً دون تفكير كي يرحمها من عذابات اعتصرت قلبها كما تعتصر قلوبنا نحن شباب هذا الجيل التعس، هي كانت تحرّر روحها من الجسد العاجز عن فعل شيء كما كانت تعتقد رحمها الله، كانت تحررها من إجرام المواجهات غير المتكافئة وخستها، واشتداد وطأتها مع تقدم الشهور.

إننا لا نحضّ على الفعل لكننا نتفّهم تلك اللحظة التي غارت فيها النفس ألماً وقهراً، وتعطلّت فيها وسائل الاحتجاج ضد الظلم والاستبداد الممنهج، ربما هو آلية لتحدي أشكال الطغيان والعدوان واللاإنسانية، فنحن أبطال احتمالات المشاهد المُوجعة والمرعبة، نحن أبطال الخيانات الضاربة في جذور قلوبنا، الكاسرة لأحلامنا، إننا ذلك الكيان الذي لم يستطع القبول بالتشوّه أو التحوّل لأجيال خانعة، فأثار وأد أرواحه المرهقة بنقائها.

ولأن ثورتنا كانت أكبر في نفوسنا من هذا البطش فسننتصر، ربما ليس الآن، ربما سنُورّث النضال للجيل الذي يلينا أو يليه ليحصد حلمنا في الانتصار ونشوة الإحساس به.

وكما قال الأديب التشيكي، فاتسلاف هافل، يوماً في ظل الاستبداد: "يمكنك أن تدوس الأزهار لكنك لن تؤخر الربيع".

المساهمون