وقفة مع هشام البستاني

وقفة مع هشام البستاني

25 فبراير 2018
(هشام البستاني)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. هنا وقفة مع الكاتب الأردني هشام البستاني.


■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
- رداءة المشهد الثقافيّ العربيّ، وانحطاط "المثقّف" الذي تحوّل إلى ما يشبه المتسوّل اللاهث خلف الجوائز و"النّجومية" ورضا السّلطة، وإعادة إنتاج هذه الأخيرة لنفسها كقوّة غاشمة لدورة تاريخيّة جديدة، وتفاقم التبعيّة، وتدهور الوعي النقديّ العميق مقابل ازدهار سطحيّة وشعاراتيّة وسخافة وتجهيل ودوغمائيّة "السوشال ميديا".

■ ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك المقبل؟
- صدر كتابي القصصيّ الخامس، وعنوانه "شهيقٌ طويلٌ قبل أن ينتهي كلّ شيء"، مؤخراً في مصر عن دار "الكتب خان". أما عملي المقبل فسيكون إصدار نصوصي الشعريّة.

■ هل أنت راضٍ عن إنتاجك ولماذا؟
- راضٍ عن إنتاجي حين أنشره، أمّا بعد حين فكثيراً ما أُخضعه لمعايير نقديّة وجماليّة تنتمي للفترة اللاحقة عليه، ويتوقّف رضاي عن بعضه، أو أكره بعضه، وأحياناً أعيد كتابته أو أعيد تحريره بشكل واسع، مثلما حدث مع كتابي الأوّل "عن الحبّ والموت" الذي قد يصدر بصياغة جديدة قريباً.

■ لو قيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
- لو كنت سأختار مساراً محدّداً على مزاجي فسأكون عازف غيتار عضواً في فرقة روك، حيث يجتمع الغضب والنّقد مع تلاقح الكلمة والموسيقى والأداء. هناك أيضاً شحنٌ رهيب يولّده هذا النّوع الموسيقيّ، مُحوّلاً الفنّ إلى شكلٍ من الطاقة التي يمكن الإحساس بها والتفاعل معها في أعماق النّفس، وهو ما لا يتحقّق في أجناس فنيّة أخرى.

■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- لا أجد أي معنى في الوجود الإنسانيّ العابر سوى في إنتاج المعرفة والفنّ، وأحتقر أنانيّة الإنسان وظنّه عن نفسه أنّه مركز الكون، وتسلّطه - بالتالي - بعضه على بعض، وعلى بقيّة الكائنات والموجودات والطبيعة التي يظنّها موجودة لأجله. عالمي المثاليّ (الذي لن يتحقّق) هو عالم يتفرّغ فيه بشرٌ متساوون لإنتاج الفنّ والمعرفة، ويعيشون ككائنات تحترم الطّبيعة والكون ولا تتسلّط عليها.

■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- أنا مفتونٌ بأبي ذر الغفاريّ، بجرأته على قول الحق في وجه السّلطة، وتحدّي الفهم السائد، وكرهه للتّسويات، وتدمع عيني حين أفكّر بنهايته التراجيديّة القاسية. أعتقد أن أبا ذرّ (كما ترد سيرته في كتب التّراث) هو من أعظم الشّخصيّات التي لم تأخذ حقّها المُستحقّ من التّأثير في الأدب، والاستعادة التاريخيّة.

■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
- كثيراً ما أعود إلى ديوان أحمد طه البديع "إمبراطوريّة الحوائط"، خصوصاً قصيدتيه: "كيف سألت الآلهة عن ضريح أنور كامل"، و"حائط الفوت"؛ مثلما أظلّ أستذكر مقاطع من كتاب إيتالو كالفينو "المدن اللامرئيّة" بنسخته الإنكليزيّة، خصوصاً تلك المدينة المُتخيّلة المُسمّاة: "ماوريليا".

■ ماذا تقرأ الآن؟
- أقرأ كتاب "المأزق الإنسانيّ"، أحدث كتب الفيلسوف الجنوب-أفريقيّ ديفيد بينيتار، الصادر مؤخّراً عن دار نشر جامعة أوكسفورد، وهو كتاب يبحث في لامعنى الوجود الإنسانيّ على المستوى الكونيّ، ويؤكّد أن النّظرة التشاؤميّة تجاه الحياة والوجود هي النظرة الأكثر موضوعيّة ودقّة.

■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- أقترح ألبومي "المُربّع" و"طرف الخيط" لفرقة "المُربّع" من الأردن، وهي بنظري أفضل فرقة تقدّم الموسيقى غير المُسلّعة أو "التّجاريّة" في العالم العربيّ حاليّاً، إذ تجمع بين الكلمات المُتماسكة للأغاني، والخيارات المتنوّعة الذكيّة التي تجمع بين الرّوك والموسيقى الإلكترونيّة، مع حضور واضح لتأثيرات من الموسيقى العربيّة بدون افتعال أو ابتذال.


بطاقة: ولد هشام البستاني عام 1975 في عمّان، يكتب القصّة والشّعر والمقالة والأشكال المُولَّدة، له "عن الحبّ والموت" (2008)، "الفوضى الرّتيبة للوجود" (2010)، "أرى المعنى" (2012)، "مقدّماتٌ لا بدَّ منها لفناءٍ مؤجّل" (2014)، "شهيقٌ طويلٌ قبل أن ينتهي كلّ شيء" (2018)؛ ترجمت أعماله إلى لغات عدّة.



دلالات

المساهمون