وقفة مع سهام بوهلال

وقفة مع سهام بوهلال

21 يونيو 2018
(سهام بوهلال، تصوير: ماري روماني، أيار 2018)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه.


ما الذي يشغلكِ هذه الأيام؟
- ينتابني قلق إنساني مضاعف. هناك سورية التي ما تزال غارقة في دماء حسبناها تهدر مقابل مستقبل أفضل ولكن لا الأفضل أتى ولا دم سورية جف. الحماس الطفولي الذي رافقني مدى حياتي بشأن فلسطين عندما كنت أصرخ: "الغضب الساطع آت... وستمحو يا نهر الأردن آثار القدم الهمجية... القدس لنا" كأنه صمتَ استحياءً وألماً. النهر لا يجري إلا دماً وقلب فلسطين ما زال ينزف. والقدس في قبضة سفاحين. تؤرقني أشياء أخرى أساسها تراجع وربما أجرؤ وأقول تخلف العالم العربي الإسلامي.


ما هو آخر عمل صدر لكِ وما هو عملكِ القادم؟
- رواية "ويتجسد غيابك"، وقد صدرت عن "دار يوفانا" الفرنسية، وهي تحكي قصة حب أدخله موت الحبيب إيوان الأبدية. ولكن الرواية أيضاً سياسية بالدرجة الأولى، فبقدر ما تشرح موضوع الحب والفقد والحميمية، تحاول أن تؤرّخ أيضاً لفترة من تاريخ المغرب، وهي ما يعرف بـ"سنوات الرصاص" من خلال شخصية إدريس بن زكري. أما بخصوص العمل القادم، فستصدر أولاً ترجمتي لرواية "محاولة عيش" لمحمد زفزاف إلى الفرنسية، كما ستصدر رواية أخرى تسائل موضوع الجسد الأنثوي في الأديان عامة والإسلام بشكل خاص.


هل أنتِ راضية عن إنتاجك ولماذا؟
- طبعا لا. إن عين الرضى عن كل عيب كليلة، ومشروعي الأدبي لم ينضج بعد بالقدر الذي أريده وعملي سواء المتعلق بالتراث العربي القديم أو كتابة الشعر أو الرواية حقل مفتوح لا نهاية له. مستمر باستمرار الحياة، فعليّ أن أشتغل عليه كما أني أتنفس وأعيش وأنام وأحب. وإلا فالانتحار أفضل!


لو قيّض لكِ البدء من جديد، أي مسار كنت ستختارين؟
- آهٍ. لا أعتقد أنني سأغيّر من هذا المسار الذي تقدّمت فيه، لأنني اخترته وأتحمل مسؤوليته ومقتنعة به. على أنني أتمنى أن أكون أكثر نشاطاً أو أقل كسلاً.


ما هو التغيير الذي تنتظرينه أو تريدينه في العالم؟
- إذا لم يحصل "بيغ بانغ" آخر فأتمنى أن يكون عالماً أكثر عدلاً وحرية. أتمنّى أن تُستعمل الأموال الطائلة والجهود الجبارة لتحقيق السلم والأمن بدل التسلّح. أتمنى أيضاً أن ننظر للإنسان المختلف كإثراء، وأن خروجه عن الأنماط المألوفة يمكّننا من إعادة النظر في معتقداتنا التي تكون غالباً وراء "هزائم العالم"، فهذا يريد أمّة والآخر يريد أكبر دولة والثالث يعتبر نفسه سيّد العالم إلى آخره من هذه الأوهام. الحقيقة مرآة سقطت من السماء وتكسرت فلكل منها شظية فقط. لو استوعبنا مقولة جلال الدين الرومي هذه ربما أصبحنا بخير.


شخصية من الماضي تودّين لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- أعتقد أن أكثر شحضية أحبّ لقاءها هي كونفوشيوس. وحين ألتقيه سوف أسأله: كيف يمكن تدبير شأن العالم الذي نعيش فيه اليوم.


صديق/ة يخطر على بالك أو كتاب تعودين إليه دائماً؟
- جمال الدين بن الشيخ الذي علّمني كل ما أعرف.


ماذا تقرئين الآن؟
- هذه الأيام، أنا بصدد قراءة كتاب "الحياة السرية للأشجار" لـ بيتر ويلبين والذي يعلّمنا كيف تنظم "أُمّة" الأشجار حياتها على مدار السنة. إنه درس رائع ومفيد للإنسانية.


ماذا تسمعين الآن وهل تقترحين علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- أستمع على غير عادتي للموسيقار الإيطالي أنطونيو فيفالدي، وتحديداً "الفصول الأربعة"، هو من الموسيقيين الكلاسيكيين، وغالباً ما ظلّ ذوقي مرتبطاً بالمؤلف الموسيقي الألماني فرانتس شوبيرت، وعاكفة حواسي عليه، لأن هذا الأخير يعبّر تماماً عن البعد التراجيدي للذات، ولأني مولعة بهذا المفهوم ومؤمنة بأنه مرآة لجانب كبير مني، بيد أن فيفالدي ربما هو أكثر انفتاحاً على ذات أخرى أكثر مرحاً في حلة حزن. من جهة أخرى، وفي ما يخص الفن العربي، فإن تجربة أديب الدايخ تستحق الانتباه، وهو بالنسبة لي يقرّب لي حقيقة الطرب العربي القديم الذي يصفه لنا كتاب مثل "كتاب الأغاني" أو "كتاب المغنيات" وغيرهما من الكتب التراثية المهتمة بالموضوع. وربما أيضاً لأن أديب الدايخ، في ما انتقاه للغناء، يقدّم صورة جميلة ومكتملة للمجتمع العربي القديم بشكل عام.


بطاقة
سهام بوهلال (الدار البيضاء، 1966)، شاعرة وكاتبة مغربية تكتب بالفرنسية ومقيمة في باريس منذ قرابة ثلاثة عقود. من إصداراتها الشعرية: "قصائد زرقاء" (2005)، و"قبر الشوك" (2007)، و"الجسد الضوء" (2008)، و"موت لا يندمل" (2010)، و"ملح الحب"، و"وجه العالم الآخر" (2014). وصدر لها في الرواية: "الأميرة أمازيغ" (2009)، و"عناق" (2012)، و"يتجسّد غيابك" (2015، الصورة)، كما نقلت إلى الفرنسية "الكتاب الموشّى"، لأبي الطيب الوشّاء البغدادي من القرن الثالث الهجري الذي أصدرته دار غاليمار عام 2004، و"أدب النديم" لكشاجم الذي أصدرته دار آكت سود عام 2009.

المساهمون