وقاحة نظام وانفصام شعب

وقاحة نظام وانفصام شعب

05 مارس 2018
زياد عيتاني (حسين بيضون)
+ الخط -
يمكن للبعض أن يُبرر حفلة الجنون اللبنانية بأنها "زحمة انتخابات"، وأن كل التخبّط السياسي والاجتماعي المُحيط بكل قضايا الرأي العام سينتهي صباح السابع من مايو/أيار بعد انتهاء الاستحقاق. يحلو لهذا البعض أن يجتزئ القضايا وأن يختار لها توقيتاً سياسياً ضيقاً، في محاولة قد تكون مقصودة للتقليل من حجم أزمة النظام القائمة في لبنان أو على الأقل تجزئة تلك الأزمة لتصبح سهلة البلع. وليُصبح كل استحقاق دستوري موعداً لتناول دواء مُخدّر يُطيل من عمر المرض ويُسكّن العوارض. 

هل يُعقل لمديرة سابقة لأحد الأفرع الأمنية غير الرئيسية (المسؤولة عن إزعاج الناشطين والصحافيين) أن تُلفّق ملف عمالة لمواطن؟ وأن يبلع اللبنانيون (كل الدولة ومُعظم الرأي العام) هذا الطعم؟ يُجيب البعض بالنفي. ويقولون إن توقيت الملف مُرتبط بالانتخابات. حسناً. ماذا عن مصير آلاف الموقوفين في السجون اللبنانية؟ وماذا عن الاستدعاءات المُتكررة لصحافيين وناشطين لم يُسايروا العهد الرئاسي الجديد في لبنان؟ هل كل هذه القضايا مُرتبطة بالانتخابات فقط؟ نحن بلد لم يشهد انتخابات منذ 9 أعوام! وستحتاج القوى السياسية كُلها إلى مُعجزات لإقناع جماهيرها الطائفية بالتصويت. لن يكفي ملف زياد عيتاني لخلق أي شد عصب طائفي، ينتقل مفعوله إلى صناديق الاقتراع. 

أصدر الشعب (بمعظمه) الحكم على زياد عيتاني ووسمه بالعمالة قبل 3 أشهر فقط، واليوم استدار هذا الشعب نحو الدفّة الأُخرى وبات مُقتنعاً ببراءة الرجل. إنه الانفصام الذي يسمح لمواطن بإدانة مواطن آخر، ثم تبرئته، ثم الانتقال إلى متابعة حدث سياسي آخر والتعليق عليه دون أدنى حس بالمسؤولية الفردية أو الجماعية عن أثر موقفه على المشهد العام. يسمح هذا الواقع للكثير من المسؤولين باستغلال الموقف بأبشع الطرق وأكثرها وقاحة. يتبنّى أحد الوزراء مظلومية زياد عيتاني، ويُحاول تقديم نفسه كضحية تجاوز حجم تضحياته حجم ما عاناه الأول. 

ويخرج صحافي ليقول إن رئيس الجهاز الأمني المسؤول عن توقيف زياد عيتاني لا يُمكن أن يستقيل لأنه مسيحي! نعم! المسؤول مسيحي فلا تجوز إقالته. وكأن أحداً حاسب المسؤولين الأمنيين المُسلمين الذين تغاضوا عن مشاهد تعنيف واحتقار مئات الموقوفين والمحكومين (مُعظمهم مُسلمون) في سجن رومية قبل عامين فقط! نجا زياد عيتاني أو كاد، أما باقي اللبنانيين فإنهم محكومون بسيفَي الطائفية والانتهازية. 

دلالات

المساهمون