وكان الطفل (مصري الجنسية) برفقة والده، ومع خروجهما من أحد المحلات التجارية في شارع أم القرى بجدة، كان سائق صهريج الصرف الصحي قد فتح غطاء البالوعة، دون أن يضع أية تحذيرات عليها، ولم يتنبّه الأب لفتح الغطاء، واتجه كالعادة إلى باب السائق في سيارته، واتجه الطفل إلى باب الراكب، ولكنه سقط في بالوعة الصرف التي كانت في طريقه دون أن ينتبه لها، وحاول الدفاع المدني إنقاذ الطفل لأكثر من سبع ساعات، وشارك ثمانية غواصين في محاولة الإنقاذ، ولكن المشكلة كانت بوجود بئر داخل البالوعة بعمق 12 متراً، ومرتبطة بـالمياه الجوفية ومليئة ببقايا الصرف الصحي، ونجحوا في انتشال جثة الطفل بعد أن سحبوا المياه بـ 17 صهريجاً لشفط المياه.
وأتهم حقوقيون ومختصون أمانة مدينة جدة بالإهمال في التعاطي مع ملف حفر الصرف الصحي المفتوحة، خصوصاً أن حملة قام بها مواطنون وناشطون لم تفلح في الحد من هذه الحوادث والتي راح ضحيتها أكثر من عشرين ضحية في أقل من ستة أشهر. ففي الشهر الماضي فقط توفي أربعة أشخاص بحوادث مشابهة في جدة (حادثتين) وشرورة وجازان (جنوب السعودية)، وقبلها لقي وافد (35 عاماً) مصرعه بعد سقوطه في غرفة للصرف الصحي في الدمام (شرق السعودية)، وتكررت الحوادث في بنيع وأبها ونجران وأيضاً في جدة التي شهدت أكثر من أربع حالات من هذا النوع.
ولا يتوقع أن تنتهي تلك الحوادث فعلاً، لعدم التعامل مع هذا الملف بالشكل السريع من قبل الأمانات والدفاع المدني في مختلف المناطق.
ويؤكد عضو جمعية حقوق الإنسان في جدة مصعب الأحمدي أنه لا بد من وضع حد لحوادث الصرف الصحي التي باتت تأخذ الكثير من الأرواح، بسبب الإهمال لا أكثر. ويقول لـ "العربي الجديد" :"هذه الحوادث لا يجب أن تقع ولا يمكن القبول بها، فهي نتيجة الإهمال فقط، فما ذنب أسرة تفجع بطفلها لأن عاملاً أهمل في عمله، ولم يضع تحذيراً على فتحة صرف صحي تركت مفتوحة، أو ما ذنب عائلات كثيرة فقدت أبناء وبنات بسبب فتحات صرف صحي تركت مفتوحة بكل إهمال".
وعلى الرغم من كثرة الحوادث لم يصدر حتى الآن أي تقرير بخصوص إهمال البلديات أو أمانات المدن وما يحدث، ويقول الأحمدي :"ما زلنا ننتظر نتائج التحقيق في أكثر من حادثة، لا أحد خرج واعتذر عن الإهمال الحاصل والأسوأ من ذلك أن لا أحد يعمل على منع هذا الإهمال، وحادثة طفل جدة بالأمس أكبر دليل على ذلك".
اقرأ أيضاً:ثلثا سكان الريف اليمني من دون صرف صحي