سطع نجم الملاكم الأميركي الأسود روبين كارتر (2014-1937) ما بين الأعوام 1961-1966، في الفترة الذهبية للملاكمة، كان كارتر وهو من فئة المتوسط، معروفاً بديناميكيته داخل الحلبة وسرعته وقوة ضرباته، وأطلق عليه لقب ”الإعصار“ وتوقع الكثيرون له مستقبلاً واعداً.
خاض كارتر 40 نزالاً في مسيرته فاز بـ27 منها، وخسر 12 وتعادل في واحد، وسجّل عشرين انتصاراً بالضربة القاضية، وخسر عام 64 لقب بطولة العالم في الملاكمة للوزن المتوسط.
لكن حياته أخذت منحنى تراجيدياً في حزيران عام 1966، عندما قبضت عليه الشرطة مع صديقه جون أرتيس في مدينته بارنسن، بولاية نيوجيرسي، واتهمتهما بقتل ثلاثة أشخاص من ذوي البشرة البيضاء في إحدى حانات المدينة.
وبالرغم من عدم وجود أدلة كافية ضده وشهادة ثلاثة أشخاص أكدوا وجوده في مكان آخر غير مكان الحادث، فقد حكمت لجنة من المحكمين، وكانوا كلهم من ذوي البشرة البيضاء، على كارتر وصديقه بثلاثة أحكام مؤبدة.
طغت روح كارتر القتالية كملاكم على فترة سجنه وحياته بأكلمها، فقد أصر خلال فترة سجنه على براءته، ورفض أن يتعامل معه السجانون كمُتهم، بل أصرّ أن تتم معاملته كملاكم، فرفض ارتداء ملابس وحذاء المسجونين، كما رفض تناول طعام السجن إذا لم يعمل مقابل ذلك.
بدأ كارتر في السجن بكتابة سيرته الذاتية التي أصدرها عام 1974 تحت عنوان "الجولة السادسة عشرة"، وعلى إثر صدور مذكراته وبعدما قام أحد الصحافيين بجذب الانتباه لضعف الأدلة في قضيته تمت تبرئته وخرج من السجن هو وصديقه عام 1976، لكن الشرطة القت القبض عليهما بعد تسعة أشهر قضياها كأحرار وتمت محاكمته في نفس القضية والحكم عليه مجددا بتهم القتل، التي لم يرتكبها.
عاد كارتر خلف القضبان مرة أخرى وهذه المرة أيضا لم تتركه روح الملاكمة، فرفض القيام بأي عمل كسجين وباشر الكتابة والدراسة من أجل الدفاع عن نفسه.
جلبت قضية كارتر انتباه الكثير من المدافعين عن حقوق السود في الولايات المتحدة من بينهم الملاكم محمد علي كلاي والمغني بوب ديلان الذي ألف أغنية تحكي قصته تحت عنوان لقبه في الملاكمة "الإعصار"، وهو نفس العنوان الذي حمله فيلم يحكي قصة حياته ولعب فيه الدور الرئيسي الممثل الشهير دينزل واشنطن عام 1999.
اطلق سراح كارتر اخيراً عام 1985، أي بعد 19 عاماً من سجنه بناء على حسن السيرة والسلوك داخل السجن، وقال القاضي في حكمه الصادر لتبرئته أن الحكم الأول عليه "استند إلى النزعة العنصرية أكثر من البراهين، وإلى إخفاء الحقائق أكثر من الكشف عنها".
بعد تبرئته وخروجه من السجن نشط كارتر في حملات لتبرئة مساجين آخرين من ضحايا التفرقة العنصرية للقضاء في الولايات المتحدة، وحصل على دكتوراه فخرية من جامعات في كندا، التي عاش فيها، ومن أستراليا.
وعلى الرغم من السنين الطويلة التي أمضاها وراء القضبان لأسباب عنصرية فإنه قال في إحدى المقابلات إنه لم يشعر بالمرارة والكره لأنه لو سمح لها بأن تسيطر عليه لكان السجن قد انتصر عليه.
توفي كارتر في مدينة تورنتو الكندية يوم أمس بعد صراع مع مرض السرطان، بعدما آمن بأن حقه هو حقيقته التي اذا تنازل عنها تحول الى كذبة.