يجري الحديث منذ أيام عن دخول بعثة الأمم المتحدة في العراق على خط الوساطة بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان في أربيل بهدف تقريب وجهات النظر بين الجانبين، والعمل على إبرام اتفاق طويل الأمد لحل المشاكل العالقة.
وتأتي هذه التطورات عقب الفتور الذي أصاب المفاوضات بعد تأخر أربيل في الرد على مطالب الحكومة العراقية التي أوصلتها من طريق وفد كردي زار بغداد الشهر الماضي، وتضمنت قضايا عدة مهمة، أبرزها ضرورة التزام الإقليم تسليم الحكومة العراقية جميع إيرادات النفط المصدَّر من الإقليم، ونصف إيرادات المنافذ الحدودية في كردستان، مقابل صرف بغداد حصة الإقليم من الموازنة كاملة.
وقالت عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، النائبة الكردية، آلاء طالباني، لـ"العربي الجديد"، إن مبادرة الأمم المتحدة تعكس العمل الحقيقي للبعثة الأممية في بغداد، التي من واجباتها العمل في مثل هذه الملفات، ومن ضمنها تطبيق القانون، وتحسين العلاقات بين بغداد وأربيل، خصوصاً في هذه الفترة التي تشهد علاقات غير جيدة، وغير مستقرة بين المركز والإقليم.
وأوضحت طالباني أن رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، زارت إقليم كردستان، مشيرة إلى أن البعثة تبحث عن حلول للتقريب بين بغداد وأربيل وفقاً لما هو موجود في الدستور العراقي الصادر عام 2005.
وتابعت قائلة: "بغداد أوصلت مقترحات ورسائل إلى إقليم كردستان خلال زيارة الوفد الكردي الأخير للعاصمة العراقية"، موضحة أن الفريق الكردي المفاوض كان عليه العودة إلى الإقليم والحديث مع الأطراف الكردية المعنية، ثم العودة إلى بغداد بقرارات.
اتصالات بين حكومة وبرلمان كردستان لبحث كل ما من شأنه تحقيق مصالح الإقليم بشكل لا يتعارض مع مصالح الحكومة الاتحادية
واستدركت قائلة: "إلا أن حكومة إقليم كردستان لم تتخذ إلى الآن أي قرار بشأن مقترحات بغداد الأخيرة، مثل تسليم جميع إيرادات النفط، وقضية المنافذ الحدودية"، مبينةً أن حكومة الإقليم لا تزال تبحث هذه المسائل.
وأشارت إلى أن البعثة الأممية، والاتحاد الأوروبي، ودولاً عدة أخرى، تعمل من أجل حلّ المشاكل بين بغداد وأربيل وفقاً للدستور، مستدركة: "لكن بالنتيجة يبقى القرار عراقياً يعود للحكومتين والمؤسسات المعنية في بغداد وأربيل".
وعلى الرغم من الفتور الذي أصاب المفاوضات، إلا أن طالباني أشارت إلى وجود نوع من التواصل بين الجانبين، غير أنه يحتاج إلى تدخل الأمم المتحدة لتؤدي دور الوسيط وتشجيع الحوار والوصول إلى نتيجة تتضمن صيغة نهائية ترضي الطرفين.
عضو في برلمان إقليم كردستان أكد لـ"العربي الجديد" أن الأطراف الكردية متفائلة بدخول الأمم المتحدة على خط الأزمة بين بغداد وأربيل، موضحاً أن الحوارات الكردية - الكردية لا تزال مستمرة على قدم وساق من أجل التوصل إلى صيغة نهائية للرد على مطالب بغداد التي تضمنت سقفاً عالياً يصعب على إقليم كردستان الإيفاء به وفقاً لقدراته الحالية.
وأشار إلى وجود اتصالات بين حكومة وبرلمان كردستان لبحث كل ما من شأنه تحقيق مصالح الإقليم بشكل لا يتعارض مع مصالح الحكومة الاتحادية، مبيّناً أن الأطراف الكردية تأمل أن يؤدي دخول الأمم المتحدة على خط الأزمة إلى التوصل إلى اتفاق طويل الأمد من شأنه حل المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل.
ورحب تحالف "النصر"، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، بنفي ممثلة الأمم المتحدة في العراق الأنباء التي تحدثت عن طرح الأمم المتحدة "الصيغة الكونفدرالية" كحل للمشاكل بين بغداد وأربيل، مضيفاً، في بيان: "نرى في تأكيدها التزام وحدة وسيادة العراق ونظامه السياسي والدستوري توضيحاً يتناسب ومهامها كممثلة للأمين العام للأمم المتحدة، ومتماشياً مع معايير والتزامات التخويل الممنوح لبعثة الأمم المتحدة في العراق".
وكانت بعثة الأمم المتحدة في العراق قد أكدت أمس الجمعة أن الأمم المتحدة تشجع على إيجاد حلول دائمة لجميع القضايا العالقة بين بغداد وأربيل على أساس الدستور العراقي، مضيفةً، في بيان، أن "الأمم المتحدة مستعدة للمساعدة بأي شكل من الأشكال بناءً على طلب الأطراف، وعلى أساس الإطار القانوني والدستوري للعراق وتماشياً مع تفويض يونامي (بعثة الأمم المتحدة في العراق)، الذي يجدد تأكيد استقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه".
ومثّل موقف البعثة الأممية في العراق رداً على ما تداولته وسائل إعلام كردية بشأن وجود تنسيق بين الأمم المتحدة، والسلطات العراقية، لوضع خريطة طريق لحل شامل للقضايا العالقة بين بغداد وأربيل يستند إلى تطبيق الكونفدرالية، التي تمنح سلطات أوسع لإقليم كردستان.