وزارة الثقافة الفلسطينية: بيان لإرضاء الجميع

وزارة الثقافة الفلسطينية: بيان لإرضاء الجميع

17 فبراير 2017
دلدار فلمز / سورية
+ الخط -

الأمر الواضح أن "وزارة الثقافة الفلسطينية" في رام الله تحاول دفع الحرج عن نفسها بعد حملات عدة على النطاق العربي وحتى العالمي تدين قرار النائب العام الفلسطيني بمنع رواية "جريمة في رام الله" واستدعاء كاتبها وموزعها وناشرها، وقيام قوات أمن بمصادرة نسخ الرواية من المكتبات الفلسطينية.

حتى أن أصواتاً عربية وجهت نقداً مباشراً لـ"وزارة الثقافة" مثلما فعل الروائي إلياس خوري في مقال نشره قبل يومين: "قبل الشروع في تقديم قراءة نقدية للرواية يجب أن يرفع قرار المنع، كما يجب أن نسمع اعتذاراً من وزارة الثقافة الفلسطينية التي عليها أن تجد وسيلة لمنع هذا المنع، وإلا فقدت مبرر وجودها. شرط القراءة هو رفع سيف الاتهامات والتضليل عن الرواية وكاتبها، عندها يصير النقاش ممكناً".

اليوم أعلنت "وزارة الثقافة الفلسطينية" في بيان لها، أنها تلقت رسالة من النائب العام "سعادة المستشار أحمد براك" بتعبيرها، بخصوص رواية عبّاد يحيى، "أكد فيها بوضوح أن النيابة لم تصادر الرواية لكون القرار يتم بموجب حكم قضائي، ولكن اتخذت قراراً تحفظياً مؤقتاً بالتحفظ على الرواية لحين انتهاء إجراءات التحقيقات".

الوزارة تقترح في بيانها الذي يتبنى ادعاء النائب العام "الاستعانة بآراء النقاد وذوي الاختصاص يشكّل من وجهة نظر الوزارة مدخلا حكيماً لمعالجة هذه المسألة بشكل موضوعي ومهني لا يتعارض مع مبدأ حرية الرأي والتعبير من جهة، ولا يتعارض مع اللوائح والأنظمة والقوانين ذات العلاقة من جهة أخرى". وتتابع: "إن الاستعانة بالنقاد وذوي الاختصاص يؤكد حق المثقف الفلسطيني بالتفاعل الثقافي النقدي الذي يمثل جوهر الانتماء لفلسطين التاريخ والحضارة، ويُعدّ رافعة أساسية للرواية الفلسطينية، فالرأي النقدي الجاد يساهم في تعزيز الخطوات الحكيمة لمعالجة القضايا الأدبية المختلفة".

بدا بيان "الوزارة" وكأنه يحاول إرضاء جميع الأطرف فـ"معالجة القضايا ذات البعد الثقافي والفكري تتمثل في تعزيز الوعي بضرورة تفعيل دور النقد، عبر مناخ ديمقراطي ثقافي يساهم في مواجهة أية تحديات قد تنال من صورة فلسطين الحضارية، التي أسس لها وساهم في رسم ملامحها رواد ومعاصرون في كافة المجالات الثقافية".

البيان الذي لا يتخذ موقفاً واضحاً ولا يقول لا لهذه السابقة الخطيرة في منع الكتب وتهديد الكتّاب، يريد بكلام عام مرسل أن "يسهم في تحقيق الإرادة الوطنية نحو إقامة دولة مستقلة ذات قوانين عصرية، تكرّس مبدأ حرية الرأي والتعبير والنشر في إطار احترام تعددية المعتقدات الدينية والاجتماعية والفكرية، كجزء أصيل من مكونات المجتمع الفلسطيني بما لا يتناقض مع القانون الأساسي الفلسطيني الذي يضمن ويصون الحريات العامة".

فالوزارة حريصة "على ضرورة تكريس وصون مبدأ حرية الرأي والإبداع وحق التأليف والنشر كما كفلها القانون الأساسي الفلسطيني؛ وأنه من حق الجميع الاختلاف في رؤية الفن والأدب بشكل عام، وإبداء الرأي حول الأعمال الأدبية والفكرية والفنية في سياق تعددية ثقافية تسمح بنقاش حضاري وفكري؛ تتفق أو تعارض، توافق أو ترفض، في إطار نهج ثقافي نقدي موضوعي ضمن مساحة تتسع لمختلف الرؤى المستندة إلى الحق في مناقشة القضايا ذات البعد الفكري والثقافي".

وهي "تجدّد" تأكيدها "على احترام استقلالية القضاء الفلسطيني كمظلة لصون الحريات العامة وفق القانون الأساسي الفلسطيني، وانطلاقاً من ضرورة تعزيز مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية كجزء أصيل من الفعل الديمقراطي الفلسطيني".

ولا تنسى طبعاً أن "تثمن" "دور ومواقف مختلف المؤسسات والفعاليات الثقافية الفلسطينية التي عكست تفاعلا ديمقراطيا؛ يؤكد ضرورة حماية وصون النهج الديمقراطي في فلسطين، ويعزز المناخ الإيجابي لجهة الحفاظ على صورة فلسطين الثقافية والوطنية محليا وعربيا ودوليا".

يبدو بيان الوزارة أقرب إلى بيانات مكاتب العلاقات العامة؛ مع الجميع ومع لا أحد في الواقع، بحيث يبدو "سعادة النائب العام" خارج دائرة الخطأ والديموقراطية مجرّد لعبة كلامية ورغوة تطفو فوق زمن الاحتلال الذي تتصرف الوزارة وكأنه غير موجود، وكأن هذا المنع يجري في دولة كاملة السيادة لا في بلد محتل ممنوع على شعبه.

المساهمون