وردة شامية... استثناء دراما البيئة الشامية

وردة شامية... استثناء دراما البيئة الشامية

03 يونيو 2018
مشهد من مسلسل "وردة شامية" (فيسبوك)
+ الخط -
قلب مسلسل البيئة الشامية "وردة شامية" المعايير. فعلى الرغم من وقوعه في الموسم الرمضاني الفائت بمطب التسويق، وتعثر وصوله إلى شاشات التلفزيون، ورغم تسريبه على موقع "يوتيوب" قبل أشهر من انطلاق الموسم الرمضاني الحالي، فإنه تمكن هذه السنة من منافسة المسلسلات التي لم تتردد القنوات التلفزيونية بشرائها، وتزاحمت لعرضها والإعلان عنها، فتمكن من تحقيق جماهيرية كبيرة، ونسبة مشاهدة هي الأعلى حتى الآن، وأرقام المشاهدات على "يوتيوب" تشير إلى ذلك.
يستند المسلسل إلى الحكاية المصرية الشعبية "ريا وسكينة"، التي تتحدث عن أختين قاتلتين تشكلان عصابة تقوم بخطف النساء وقتلهن بهدف سرقة ما يرتدين من ذهب. ولا يبدو الطرح جديداً، حيث تناولت العديد من الأعمال الدرامية والمسرحية هذه القصة، أشهرها المسرحية المصرية الكوميدية "ريا وسكينة"، التي لعب دوري البطولة فيها الفنانة شادية وسهير البابلي. لكن "وردة شامية" هو المسلسل السوري الأول الذي يستند لهذه الحكاية الشعبية، ومن الغريب أنه تم اختيار البيئة الدمشيقة كمناخ للقصة.
ويتميز مسلسل "وردة شامية" عن باقي أعمال هذه البيئة بأنّه أول عمل من هذا النوع تسند فيه أدوار البطولة المطلقة إلى النساء، حيث يلعب دوري البطولة كل من سلافة معمار وشكران مرتجى. في حين اعتدنا أن يكون دور المرأة في مسلسلات البيئة الشامية دوراً ثانوياً أو مسانداً للبطل الذكر. فظهور الشخصيات الأنثوية في أعمال البيئة الشامية التقليدية كان يتمحور عادةً حول الرجل، فشخصيات النساء تظهر بوصفهن أمهات أو أخوات أو زوجات أو بنات أبطال المسلسل. أما في "وردة شامية"، نرى بطلتي العمل تعيشان مستقلتين في منزلهما، وتعملان بشكل منفرد، على عكس الصورة النمطية التي تظهر بها المرأة عادةً في هذا النوع من المسلسلات، والتي تكرس دور المرأة في الأعمال المنزلية وتربية الأطفال والتهريج في بعض المناكدات بين الحماية والكنة والنميمة بين جيرانها.
ويتميز مسلسل "وردة شامية" عن باقي مسلسلات البيئة الشامية أيضاً، بأنه لا يصور الحياة في تلك المدينة وتلك الحقبة باعتبارها حياة مثالية، وكأن الناس كانوا يعيشون في المدينة الفاضلة، حيث يسود الشرف والأخلاق دون وجود أي مظاهر للفساد، باستثناء المستعمر وعملائه الذين يمثلون الشر الملطق. فـ"وردة شامية" يضيء على الجانب المظلم من تلك المرحلة، ويصور ما لم يتم تصويره من قبل، كتعاطي الحشيش والتحرش والقتل والسرقة وتعنيف المرأة. فيبدو واضحاً أن الكاتب مروان قاووق عمل بشكل جاد على إعطاء صورة عن الحياة في تلك الحقبة بشكل متوازن، ولم يصور الصراع في المسلسل على أنه صراع بين القيم المطلقة، الخير والشر. فلا تنفرد بطلتا العمل بتجسيد الشر المطلق، بل إن أغلب الضحايا والشخصيات تحتوي على جانب مظلم. وبذلك يكون قد تمكن من بناء تفاصيل درامية مثيرة مضافة على القصة الأصلية، تمكنت من جذب الجمهور. فاستطاع تقديم قصة بتفاصيل غنية وبخطوط درامية جديدة، تفوقت ببعض المفاصل على المسرحية الأصلية.

فبطلتا العمل "وردة" و"شامية" تظهران كقاتلتين محترفتين، تمارسان طقوسا خاصة بهما أثناء قتل الضحايا. ويتم تصوير القتل في المسلسل بشكل فج وعنيف، على عكس المسرحية الكوميدية "ريا وسكينة"، التي تظهر أسلوب القتل بطريقة كوميدية تجعل المشاهد يتعاطف مع القاتلتين بدلاً من الضحية.

دلالات

المساهمون