واشنطن تجمد مساعدات لإثيوبيا على خلفية أزمة سد النهضة

"فورين بوليسي": واشنطن تجمد مساعدات لإثيوبيا على خلفية أزمة سد النهضة

28 اغسطس 2020
تعويل مصري على الدعم الأميركي في الخلاف القائم (إدواردو سوتيراس/فرانس برس)
+ الخط -

أقر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خططا لتجميد بعض المساعدات التي تقدمها بلاده لإثيوبيا، وذلك ضمن الجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب للوصول إلى تسوية بشأن الخلاف بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا بشأن سد النهضة، وفق ما أورده موقع "فورين بوليسي"، في تقريرٍ له.

ويتزامن ذلك مع المرحلة النهائية من جولة مفاوضات سد النهضة، التي تنتهي اليوم، والمتعثرة منذ سنوات بين مصر وإثيوبيا والسودان، على أن ترفع وثيقة موحدة إلى الاتحاد الأفريقي.
وأشارت المجلة الأميركية، إلى أن القرار، الذي تم اتخاذه هذا الأسبوع، قد يؤثر على ما يقرب من 130 مليون دولار من المساعدات الخارجية الأميركية لإثيوبيا ويؤجج توترات جديدة في العلاقة بين واشنطن وأديس أبابا حيث تنفذ خططًا لملء السد، وفقًا لمسؤولين أميركيين ومساعدين في الكونغرس على دراية بالأمر.

ونقلت المجلة عن مسؤولين ومساعدين في الكونغرس، قولهم إن البرامج التي هي على وشك الانهيار تشمل المساعدة الأمنية، ومكافحة الإرهاب، والتعليم والتدريب العسكري، وبرامج مكافحة الاتجار بالبشر، وتمويل المساعدة الإنمائية الأوسع.
وقال مسؤولون إن التجميد لن يؤثر على تمويل الولايات المتحدة للإغاثة الإنسانية الطارئة أو المساعدات الغذائية أو البرامج الصحية التي تهدف إلى التصدي لفيروس كوفيد -19 وفيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز).
وقالت المجلة إن هذه الخطوة تهدف إلى معالجة المواجهة بين إثيوبيا والدول الأخرى التي تعتمد على نهر النيل والتي عارضت بناء مشروع سد النهضة الإثيوبي، وترى مصر أن بناءه يمثل قضية أمنية جوهرية نظرًا لاعتماد البلاد الشديد على النهر للحصول على المياه العذبة والزراعة. وفي الماضي، لمّح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أن بلاده قد تستخدم القوة العسكرية لوقف بناء السد.
 

من جهة أخرى، ذكّر تقرير "فورين بوليسي" بأنّ بعض المسؤولين الإثيوبيين أعربوا سابقاً عن اعتقادهم بأنّ إدارة ترامب تقف في صف الجانب المصري في هذا الخلاف، مشيراً إلى أنّ ترامب لا يخفي إعجابه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي"، الذي قال عنه إنه "الديكتاتور المفضل لديه" خلال اجتماع لمجموعة السبع، العام الماضي.

كما أورد أنّ المسؤولين الأميركيين، المطلعين على المحادثات، قالوا إنّ إدارة ترامب لم تصدق على اقتطاعات مماثلة من المساعدات الخارجية المخصصة لمصر.

وأكد مسؤولو الإدارة مرارًا وتكرارًا لجميع الأطراف، بحسب المجلة، أن واشنطن هي وسيط محايد في المفاوضات، وهو ما يمثل إحدى المبادرات الدبلوماسية القليلة في أفريقيا التي لعب فيها ترامب دورًا شخصيًا وفعالًا، وأشار هؤلاء المسؤولون إلى أن مصر اتهمت الولايات المتحدة بالانحياز إلى جانب إثيوبيا في النزاع أيضًا.

بينما تتعامل وزارة الخارجية مع القضايا الدبلوماسية، طلب ترامب من وزير الخزانة ستيفن منوتشين قيادة الوساطة


وقال مسؤول أميركي: "لا يزال هناك تقدم، وما زلنا نرى طريقًا قابلاً للتطبيق للمضي قدمًا".
وأشارت "فورين بوليسي" إلى أنه من المرجح أن تواجه هذه الخطوة معارضة حادة في مبنى الكابيتول هيل، وفقًا لمساعدي الكونغرس المطلعين على الأمر. وقال المساعدون إن مسؤولي وزارة الخارجية أطلعوا موظفي الكونغرس على القرار يوم الخميس، وأصروا خلال الإحاطة على أن العلاقة بين الولايات المتحدة وإثيوبيا ستبقى قوية على الرغم من تقليص المساعدات لأن الولايات المتحدة يمكن أن تجري محادثات صعبة "مع الأصدقاء".
بدأت جهود الوساطة التي تبذلها الإدارة الأميركية العام الماضي، عندما طلب السيسي المساعدة من ترامب خلال زيارة للولايات المتحدة. وبينما تتعامل وزارة الخارجية مع القضايا الدبلوماسية، طلب ترامب من وزير الخزانة ستيفن منوتشين قيادة الوساطة. وتسبب هذا الترتيب، بحسب المجلة، في حدوث احتكاك داخل الإدارة، حيث صرح بعض مسؤولي وزارة الخارجية بشكل خاص بأن الإدارة تسيء التعامل مع دورها في المفاوضات من خلال وضع وزارة الخزانة في المقدمة.
وزار رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، الخرطوم، يوم الثلاثاء، لمناقشة قضية السد. وكان بومبيو في الخرطوم في اليوم نفسه للقاء رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، لكن أبي أحمد وبومبيو لم يلتقيا. وقالت وزارة الخارجية في بيان: "اتفق بومبيو ورئيس الوزراء حمدوك على أن تحقيق اتفاق مفيد للطرفين بين السودان وإثيوبيا ومصر بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الكبير هو أمر حاسم للاستقرار الإقليمي".
وبعد زيارة أبي أحمد، أصدرت الحكومتان الإثيوبية والسودانية بيانًا مشتركًا، قالتا فيه إن الجانبين "سيبذلان كل جهد ممكن للتوصل إلى نتيجة ناجحة للمفاوضات الثلاثية الحالية".
وأثار بعض المسؤولين الأميركيين شكوكًا حول ما إذا كان ممكناً أن تغير تخفيضات التمويل الأميركي لإثيوبيا الموقف التفاوضي للبلاد، بالنظر إلى الأهمية السياسية والثقافية للسد.

 

وبدأت إدارة ترامب في البداية النظر في حجب المساعدات الأجنبية عن إثيوبيا، بسبب مناقشات السد في يوليو/تموز. في السنة المالية 2019، قدمت الولايات المتحدة ما مجموعه 824.3 مليون دولار من المساعدات لإثيوبيا، منها 497.3 مليون دولار كمساعدات إنسانية، وفقًا لبيانات وزارة الخارجية.
وطالبت مصر والسودان إثيوبيا بعدم البدء في ملء السد، حتى تتوصل الدولتان إلى اتفاق ملزم قانونًا يتناول كيفية إدارة تدفق المياه أثناء فترات الجفاف أو مواسم الأمطار الجافة، وأنشأتا آلية لحل الخلافات المتعلقة بالسد.
لكن في يوليو/ تموز الماضي، بعد موسم أمطار غير معتاد، أعلنت إثيوبيا أنها أنهت المرحلة الأولى لملء السد الذي تبلغ مساحته 74 مليار متر مكعب، مما أثار رد فعل عنيفاً من القاهرة والخرطوم.

المساهمون