وادي هور ينتظر إعلانه محميّة

وادي هور ينتظر إعلانه محميّة

26 مارس 2017
منطقة دنقلا حيث يصب وادي هور (Getty)
+ الخط -
وادي هور من أكبر الوديان الواقعة في الصحراء الكبرى، لكنّ الطبيعة القاسية فعلت فعلتها بالحياة في هذا الوادي وبالذين يقطنون فيه. فرمال الصحراء راحت تتراكم حتى غطّت أجزاء مختلفة من حوض الوادي، وقسمته إلى أجزاء قلّما يرتبط بعضها ببعض بسبب قلّة مياه الأمطار في المرتفعات العليا. ومع توالي سنوات الجفاف، قلّت الحيوانات البرية كماً ونوعاً إذ إنّها ارتحلت جنوباً. كذلك، جفّت ينابيع كانت معروفة من قبل سكان الوادي، فغادروه بأغلبهم واتجهوا إلى عمق الجنوب الغربي وصوب منحنيات النيل. وقطنوا بمعظمهم أطراف مدن دارفور وكردفان والشمالية، في حين آثر بعض منهم البقاء في الواحات المتباعدة والمنعزلة، جبرونة والعطرون وراهب. إلى هؤلاء، ثمّة من فضّل العيش متنقّلاً بين منحنيات الوادي التي ما زالت تحتفظ ببعض سبل الحياة.

وجاءت الحرب الأهلية التي اشتعلت لتقضي على ذلك الوجود الضئيل لمن فضّل البقاء من أهل الوادي. وهربت الحيوانات البرية، واختفت خيام البدو لتحلّ محلّها ثكنات المتمرّدين. كذلك، كادت فكرة ضمّ الوادي إلى قائمة المحميات الطبيعية بوصفه كنزاً إيكولوجياً، أن تموت لولا مثابرة بعض المهتمين بالشأن البيئي.

مقترح إقامة محميّة محيط حيوي في الوادي جاء في تقرير للعالم الإنكليزي فرانك فريزر دارلينغ (1962)، ومن بعده عالم إنكليزي آخر هو د. لاميري (1975). وبدأ الأمر يؤخذ بأهمية أكبر بعد تزايد الزحف الصحراوي على حوض الوادي، وبعد ازدياد الاهتمام العالمي بالمحميات الطبيعية. فقد أثبتت الدراسات أنّ منطقة الوادي تحتوي على مخزون كبير من المياه الجوفية والمناطق الجيولوجية ذات الجذب السياحي مثل الحجر الرملي (زلط الحمار) الذي يرجع إلى العصر الكريتاوي الأعلى. كذلك نجد في المنطقة بحيرات نادرة تضمّ صخوراً هشّة وكثبانا رملية ومناطق رخامية وأحزمة غرانيت، بالإضافة إلى مناطق للعطرون ومعدن البوكسيت. ويُشار كذلك إلى حضارات ومدن يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، مثل حضارة الاترينات وهي من الحضارات المتمايزة عن حضارة وادي النيل. ويرجّح دارلينغ أن تعود إلى قرابة 4500 سنة قبل الميلاد.

وينتظر كثيرون من الخبراء والمهتمين في السودان الذي عرف المحميات الطبيعية منذ عام 1935 الاعتراف بمحميّة وادي هور، والعمل على حجزها وتمويل عمليات إقامتها لما تكتسبه من أهميّة بالغة، خصوصاً أنّها تمثّل البيئات الصحراوية التي لم يتوفّر لها تمثيل في نظام المحميات الطبيعية في السودان وفي أفريقيا، بالإضافة إلى أنّها تمثّل بيئات نباتيّة متميّزة.

*متخصص في شؤون البيئة

المساهمون