Skip to main content
هيلاري... طموح ديمقراطي متجدّد
فاطمة ياسين
هيلاري كلينتون.. "النسوية" هماً رئيسياً (1/6/2016/Getty)
تجاوزت هيلاري كلينتون الخطوة الأولى للوصول إلى كرسي الرئاسة الأميركية، اخترقت طريقها بهدوء وثقة، لكسب النقاط اللازمة للفوز بترشيح الديمقراطيين. لم يكن خصمها بيرني ساندرز قوياً، على الرغم من أنه انتفض قرب نهاية السباق، وحاول منافستها. تجاوزته، بسبب ميل الديمقراطيين إلى الظهور بشكل حضاري، ففضلوا سيدةً تُبدي صلابةً وحضوراً سياسياً على عجوزٍ أقرب إلى ناشط حقوقي ذي اهتمامات محلية. وأصبح عليها الآن خوض مقارعةٍ أكثر عنفاً لمواجهة دونالد ترامب، الثري الذي يحمل في يده ورقة تململ من أميركيين يرغبون في رؤية نظامٍ جديدٍ بعد ثماني سنوات من حكم رئيس ديمقراطي. في المقابل، ركّزت كلينتون على تاريخها السياسي، مستفيدة من اسم زوجها الذي ارتبط بالبيت الأبيض ثماني سنوات ناجحة، لم تلوّثها عثراته القليلة، بالإضافة إلى وجودها في وزارة الخارجية أربع سنوات. والأهم حملتها الانتخابية التي أظهرت ميلاً جندرياً جنَّد إلى جانبها سيدات الحزب الديمقراطي، كنانسي بيلوسي ومادلين أولبرايت.
كانت هيلاري كلينتون حريصةً على أن تبدو أنثى قوية طوال الوقت، في سلوكها، وفي القضايا التي تنخرط فيها، فأبقت، بعد الزواج، على اسم عائلتها، ولم تكتف بلقب زوجها، وتصدّت لعدة قضايا تتعلق بالمرأة والطفولة وحقوق المثليين والإجهاض، وحرصت في هذا كله على أن تبدو "نسوية". تجاوزت كلينتون دورها سيدة أولى، فكان لها مكتب في البيت الأبيض، عندما كان زوجها رئيساً للبلاد، وألقت خطاباً لصالح الأمم المتحدة في الصين، تضمن مقولة شهيرة ومميزة: "حقوق النساء هي حقوق إنسانية". وكانت أول سيدة تُنتخب سيناتوراً عن نيويورك، وعندما أصبحت وزيرة للخارجية، جعلت العمل النسوي أولوية.
أحبّها الديمقراطيون لولعهم الحزبي بمثل هذه القضايا، وأبدى الجمهوريون كراهية حزبية لها، فانتقدوا ثيابها وتسريحة شعرها، ثم انتقدوا اسمها، وأطلقوا عليها لقب "الليدي ماكبث".
في خطوتها التالية لمواجهة الجمهوريين، يمكن أن تنجح خطة كلينتون في اعتماد "النسوية" لَوناً مميزاً للحملة، لكنها بحاجة إلى زاد إضافي، يضمن نجاحها في المواجهة، لأنها، وعلى الرغم من تسجيلها حضوراً سياسياً، لم تترك أثراً يمكن أن يثير شهوة ناخبٍ متردّدٍ، غير مهتم بشؤون المرأة، فهي لم توقف حرباً، ولم تساهم في شنها، وكان عهدها كاسداً سياسياً، على الرغم من فوران المنطقة العربية بالربيع، فاكتفت بالتفرّج ضمن عمليةٍ سميّت "القيادة من الخلف". وفضلاً عن ذلك، تلطخ اسمها بحادثة مقتل السفير الأميركي في ليبيا، بعد هجوم على السفارة. كانت كلينتون شديدة الحذر إلى درجة الخوف، وشديدة التمنّع إلى درجة الإحجام، وهي مواصفات سياسي سوداوي، غير قادر على الممارسة السياسية الفعالة، بقدر اعتماده على التوفيق في طريقة رد الفعل.
قد يُتهم الرئيس أوباما بأنه وراء سلوك كلينتون الدبلوماسي، لكن نظرة إلى نشاط وزير الخارجية، جون كيري، غير الاعتيادي، ستجعل من السهل على الجمهوريين توجيه أصابع لوم دبلوماسي إليها. يمكن لكلينتون أن تتفاداه، نظراً إلى وضعية خصمها القلقة، وتاريخه الخالي إلا من النجاح في جمع الأموال، الأمر الذي يجعل الكفّة تميل لصالحها، وهو ما انعكس في استفتاءات الرأي العام التي رجّحت فوزها عليه، وبفارقٍ لا بأس به، وقد يجعل انضمام خصمها ساندرز إليها فوزها أكبر احتمالاً، وهو الذي كانت استطلاعات الرأي تفضله أيضاً على ترامب..
بقي على كلينتون أن تحضّر نفسها جيداً، للخروج بنتائج مشرّفة في المناظرات الثنائية التي قد تعقد بينهما، حيث سيركز ترامب على بنغازي ومقتل السفير الأميركي، وما إذا كانت تحركات كلينتون كافية لمواجهة ذلك الهجوم، وهو الاتهام نفسه بالإحجام والخوف والتقاعس عن تحمل الخطر الذي أظهرته كلينتون بالفعل، فبدت من النوع الذي يحرص على أن يبقى بعيداً، ويترك كل شيء على ما هو عليه، خصوصاً في منطقةٍ ملتهبةٍ كالشرق الأوسط، وهذا لا يعني أن ترامب سيحرّك الكثير، لكن الحديث يجري عن رئيسٍ محتمل، سيكون همه النسوي أولويةً قصوى.