06 فبراير 2018
هولوكوست حلب
هولوكوست حلب

يمان دابقي (سورية)
لم يكن الهاشتاغ "هولوكوست حلب" الذي أطلقه الناشطون السوريون على وسائل الإعلام مجرد مصطلح تصدّر وسائل الإعلام، بل هو هولوكوست حقيقي، مرتّب له قبل خديعة الهدنة الأخيرة التي نتجت عن اتفاق روسي أميركي، والذي حتماً سيصفه التاريخ بأنه أخطر اتفاق لمعاقبة الشعب السوري الذي تمرّد على نظام الاستبداد.
ما يجري في حلب من إبادة جماعية بدءاً من 19 سبتمر/ أيلول الحالي أعاد إلى ذاكرة السوريين المحرقة التي ارتكبها أدولف هتلر بحق ملايين اليهود في ألمانيا النازية، وقد لا تحتاج المحرقة إلا لبعض ترتيبات واتخاذ عدّة إجراءات وقوانين، من المؤكد أنّها مخالفة لقوانين الطبيعة البشرية، وبعيدة كل البعد عن القيم الأخلاقية، ولا تمس بصلة لمفهوم الإنسانية. ومن شأن هذه الخطوات أن تُحقّق المطلب للحل النهائي مع إشراف لمنفذي هذا القرار.
ومصطلح الحل النهائي موجود ضمن دساتير أيّ دولة، وقد يتم بطرق وقوانين شرعية أو غير شرعية. وفي الحالتين، سيؤدي، بالضرورة، إلى الوصول إلى نتيجة ونهاية ما قد تكون نسبية مرتبطة مكانياً وزمانياً بالواقع المعاش، لتتحوّل بعد ذلك حدثاً تاريخياً أصبح ماضياً، بحسب قياسنا لمفهوم الزمن، إلا أنّ نتائج الحدث وتداعياته تستمر عبر تواتر الفكر أجيالاً وحقباً لاحقة مستقبلاً.
وهذا ما حدث فعلاً من خلال تداعيات الحرب النازية، فإنّ أول من استخدم الحل النهائي هو أدولف إيخمان الذي اتخذ قراره ضد اليهود، بعد مناقشته في سجن الرملة 1962، حيث تمّ وضع اللمسات الأخيرة على آلية إبادة اليهود، وفيما بعد برّرت الفلسفة النازية عملية الهولوكوست بأنها طريقة للتخلص ممن اعتبرتهم دون مستوى البشر. ولعل هتلر استمد فكرتة "تحت البشر" من كتاب نشره الطبيب الألماني، ألفريد بلويتز، عام 1904 طرح فيه أفكاراً أسماها تحسين النسل البشري عن طريق إحداث تغيير جديد للمجتمع الجمعي، يكون أكثر ذكاء، فتمّ إلحاق هذا الكتاب بكتاب آخر للكاتب كارل بايندنت، "الرخصة للقضاء على الأحياء الذين لا يستحقون الحياة"، بذريعة أنهم مصابون بأمراضٍ لا يمكن علاجها، وهو ما عُرف بالقتل الرحيم.
الواضح هنا أنّ بشار الأسد استفاد مما فعله هتلر من حيث النظرية والتطبيق، مستعيناً بحليفه الروسي الذي هندس له الإجراءات اللازمة مع حليفة الأميركي، لوضع مدينة حلب المحاصرة تحت الحسم النهائي، بما فيها من مدنيين ليُطبق عليهم ما جاء في كتاب كارل، لأنهم في نظر بوتين والأسد دون مستوى البشر.
وبعد التدبير والتخطيط بدبلوماسية العصر الحديث، تمّ الإقرار بتنفيذ هولوكوست حلب الذي ما كان ليحدث، لولا موافقة أميركية له، وعشية 21 من سبتمبر/ أيلول الحالي، جاء الأمر بالتمهيد على الأحياء الشرقية الخاضعة لفصائل المعارضة بكل أنواع الأسلحة الأرضية والجوية، إضافة إلى استعمال سلاح جديد، مخصّص لاستهداف الملاجئ، وهو صاروخ ارتجاجي يزن أكثر من طنين بطول مترين، وبظرف ثلاثة أيام من الحرب العلنية البربرية، قتل أكثر من 350 مدني وتدمير هائل في البنى التحتية.
تصدرت مشاهد الإبادة الجماعية، بشكل كبير، عبر شاشات الإعلام العربي والغربي، وقد اختصرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية ما يجري في حلب بأنه أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. وقد جعلت المذبحة الحلبية الأمم المتحدة في وضع حرج حيال الصمت الكبير المفتعل من إدارة أوباما، ما دفع واشنطن ولندن وباريس إلى المطالبة بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن، لبحث الوضع الأمني في حلب، ما جعل مراقبين ينظرون على أنها خطوة لملء الفراغ السياسي، ومضيعة للوقت، على اعتبار أنّ موضوع حلب تمّ الترتيب له مسبقاً.
سياسياً، تتمتع حلب بأهمية كبيرة، وهي بيضة القبان، ومركز ثقل لكل أطراف الصراع في سورية، ولها بعد تاريخي واقتصادي، وهو السبب الأهم لتمسّك النظام بها، وهو بدون أيّ شك يرغب في سحب البساط بشكل كامل من تحت أقدام المعارضة في حلب، بل ويراهن على ذلك لإفراغ سلة المعارضة السياسية من أيّ ثقل في مسار المفاوضات المستقبلية، وقد يضعها في مخطط سورية المفيدة.
حلب مهمة جداً للمعارضة أيضاً، فهي الظهر المحمي لهم بالنسبة لمدينة إدلب، وقد تؤدي خسارتها إلى دخول الثورة في مرحلة مفصلية حاسمة، قد ترسم نهاية غير مرضية للشعب السوري، وهذا ما يفسّر التصعيد الكبير في حلب، والذي سمّي بهولوكوست حلب.
ما يجري في حلب من إبادة جماعية بدءاً من 19 سبتمر/ أيلول الحالي أعاد إلى ذاكرة السوريين المحرقة التي ارتكبها أدولف هتلر بحق ملايين اليهود في ألمانيا النازية، وقد لا تحتاج المحرقة إلا لبعض ترتيبات واتخاذ عدّة إجراءات وقوانين، من المؤكد أنّها مخالفة لقوانين الطبيعة البشرية، وبعيدة كل البعد عن القيم الأخلاقية، ولا تمس بصلة لمفهوم الإنسانية. ومن شأن هذه الخطوات أن تُحقّق المطلب للحل النهائي مع إشراف لمنفذي هذا القرار.
ومصطلح الحل النهائي موجود ضمن دساتير أيّ دولة، وقد يتم بطرق وقوانين شرعية أو غير شرعية. وفي الحالتين، سيؤدي، بالضرورة، إلى الوصول إلى نتيجة ونهاية ما قد تكون نسبية مرتبطة مكانياً وزمانياً بالواقع المعاش، لتتحوّل بعد ذلك حدثاً تاريخياً أصبح ماضياً، بحسب قياسنا لمفهوم الزمن، إلا أنّ نتائج الحدث وتداعياته تستمر عبر تواتر الفكر أجيالاً وحقباً لاحقة مستقبلاً.
وهذا ما حدث فعلاً من خلال تداعيات الحرب النازية، فإنّ أول من استخدم الحل النهائي هو أدولف إيخمان الذي اتخذ قراره ضد اليهود، بعد مناقشته في سجن الرملة 1962، حيث تمّ وضع اللمسات الأخيرة على آلية إبادة اليهود، وفيما بعد برّرت الفلسفة النازية عملية الهولوكوست بأنها طريقة للتخلص ممن اعتبرتهم دون مستوى البشر. ولعل هتلر استمد فكرتة "تحت البشر" من كتاب نشره الطبيب الألماني، ألفريد بلويتز، عام 1904 طرح فيه أفكاراً أسماها تحسين النسل البشري عن طريق إحداث تغيير جديد للمجتمع الجمعي، يكون أكثر ذكاء، فتمّ إلحاق هذا الكتاب بكتاب آخر للكاتب كارل بايندنت، "الرخصة للقضاء على الأحياء الذين لا يستحقون الحياة"، بذريعة أنهم مصابون بأمراضٍ لا يمكن علاجها، وهو ما عُرف بالقتل الرحيم.
الواضح هنا أنّ بشار الأسد استفاد مما فعله هتلر من حيث النظرية والتطبيق، مستعيناً بحليفه الروسي الذي هندس له الإجراءات اللازمة مع حليفة الأميركي، لوضع مدينة حلب المحاصرة تحت الحسم النهائي، بما فيها من مدنيين ليُطبق عليهم ما جاء في كتاب كارل، لأنهم في نظر بوتين والأسد دون مستوى البشر.
وبعد التدبير والتخطيط بدبلوماسية العصر الحديث، تمّ الإقرار بتنفيذ هولوكوست حلب الذي ما كان ليحدث، لولا موافقة أميركية له، وعشية 21 من سبتمبر/ أيلول الحالي، جاء الأمر بالتمهيد على الأحياء الشرقية الخاضعة لفصائل المعارضة بكل أنواع الأسلحة الأرضية والجوية، إضافة إلى استعمال سلاح جديد، مخصّص لاستهداف الملاجئ، وهو صاروخ ارتجاجي يزن أكثر من طنين بطول مترين، وبظرف ثلاثة أيام من الحرب العلنية البربرية، قتل أكثر من 350 مدني وتدمير هائل في البنى التحتية.
تصدرت مشاهد الإبادة الجماعية، بشكل كبير، عبر شاشات الإعلام العربي والغربي، وقد اختصرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية ما يجري في حلب بأنه أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية. وقد جعلت المذبحة الحلبية الأمم المتحدة في وضع حرج حيال الصمت الكبير المفتعل من إدارة أوباما، ما دفع واشنطن ولندن وباريس إلى المطالبة بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن، لبحث الوضع الأمني في حلب، ما جعل مراقبين ينظرون على أنها خطوة لملء الفراغ السياسي، ومضيعة للوقت، على اعتبار أنّ موضوع حلب تمّ الترتيب له مسبقاً.
سياسياً، تتمتع حلب بأهمية كبيرة، وهي بيضة القبان، ومركز ثقل لكل أطراف الصراع في سورية، ولها بعد تاريخي واقتصادي، وهو السبب الأهم لتمسّك النظام بها، وهو بدون أيّ شك يرغب في سحب البساط بشكل كامل من تحت أقدام المعارضة في حلب، بل ويراهن على ذلك لإفراغ سلة المعارضة السياسية من أيّ ثقل في مسار المفاوضات المستقبلية، وقد يضعها في مخطط سورية المفيدة.
حلب مهمة جداً للمعارضة أيضاً، فهي الظهر المحمي لهم بالنسبة لمدينة إدلب، وقد تؤدي خسارتها إلى دخول الثورة في مرحلة مفصلية حاسمة، قد ترسم نهاية غير مرضية للشعب السوري، وهذا ما يفسّر التصعيد الكبير في حلب، والذي سمّي بهولوكوست حلب.