اكتمل رباعي الأحلام بعد أن تأهلت هولندا ولحقت بركب الأرجنتين وألمانيا والبرازيل، في نصف نهائي المونديال. أربع فرق كبيرة تتنافس في الأراضي اللاتينية من أجل الحلم الأخير، ويجب ألا ننسى ذلك الفريق الصغير، الذي فعل المستحيل خلال البطولة، المنتخب الكوستاريكي. أداء عملاق، وإقصاء للكبار، وقتال حتى الثواني الأخيرة. إنهم أبطال يستحقون كل تقدير.
المباراة كانت متكافئة إلى حد كبير، واقترب الفريقان من الفوز في مونديال عُرف بتألق حراس المرمى، نافاس يتصدى لأغلب محاولات الطواحين، بينما الحارس البديل، كرول، يصعد بالبرتقالة إلى نصف النهائي بعد تصديه لركلتي جزاء. قمة الجنون الذي يمتزج بالحلم، والحزن، والفرح في آن واحد، إنها كرة القدم وسرُّها الجميل.
مصيدة التسلل
بدأ لويس فان جال المباراة بالثلاثي الدفاعي الصريح، لكن بوجود أربعة لاعبين في الوسط، وثلاثي هجومي صريح أي 3-4-3 الهجومية، بينما لعبت كوستاريكا بطريقتها نفسها، 5-4-1، التي تتحول في الهجوم إلى 3-4-3 أيضاً، كما أن توزيع اللاعبين داخل الملعب كان متشابهاً بين الفريقين.
يكمن الفرق الوحيد أن كوستاريكا لا تبادر، حيث عادت إلى الخلف ولعبت في الدفاع على المرتدات، بينما اختارت هولندا حسم المباراة من البداية، اللعب بثلاثة أسماء في الثلث الأخير، لخلق كثافة عددية وموقف واحد ضد واحد أمام المرمى، لكن كافة الفرص ضاعت أمام براعة الحارس العملاق نافاس، الذي تصدى لكل تسديدات الفريق الأوروبي.
ومع براعة نافاس، ظهرت طريقة تمركز الدفاع الكوستاريكي، فالثلاثي الخلفي يتحرك بشكل دقيق للغاية، مع الظهيرين ليصبح المجموع خمسة أمام نافاس، وحينما يقترب الهولنديون من منطقة الجزاء، يصعد الظهيران إلى الأمام، ويتحرك الثلاثي الأخير في اللحظة نفسها قليلاً إلى الأمام، ليقع مهاجم هولندا في مصيدة التسلل.
استراتيجية تكررت في أكثر من مناسبة طوال المباراة إلى درجة أن المنتخب الهولندي احتسب ضده 13 تسللاً، خلال مجريات اللعب، فدفاع كوستاريكا المتقدم، مع قوة خط الوسط، وعودة الهجوم إلى دائرة المنتصف، هي أوامر تكتيكية أجبرت فريق فان جال على اللعب في منطقة ضيقة داخل الملعب، مما ساهم في زيادة التوتر الهجومي، وضياع الكرات السهلة.
فان جال في الميزان
خلال الشوط الثاني وبقية الأشواط الإضافية، تراجعت كوستاريكا كثيراً إلى الوراء، حيث خذلت اللياقة البدنية الفريق اللاتيني وجعلته يلعب بشكل متأخر في الثلث الدفاعي، مما جعل المساحات تزيد أمام الفريق الهولندي، نصف الملعب بالكامل والثلث الأول مفتوح على مصراعيه أمام الطاحونة، مقابل عودة فريق المدرب بينتو إلى الخلف بشكل مبالغ فيه.
لويس فان جال ارتكب خطأً كبيراً، فالحفاظ على طريقة اللعب نفسها مع مجرد تغيير الأسماء، جيرمان لينز مكان ديباي، جناح مقابل جناح مع الحفاظ على ثلاثة مدافعين أمام مهاجم كوستاريكي واحد، أي وجود لاعبين في الخلف بلا أهمية، الفريق الهولندي يهاجم بالأدوات نفسها والاستراتيجية نفسها دون أي تغيير مع استبسال كوستاريكا وقوة حارسها.
هولندا نسيت الكرة الشاملة قليلاً، ولا يوجد تبادل كبير في الأماكن أو الهجوم القاسي بطول الملعب، بل تمركز اللعب هو الغالب، تحركات قليلة وتدوير للكرة مع الصبر، ومحاولة إخراج المنافس خارج منطقته، لكن وجود ثلاثي دفاعي صريح جعل تدوير الوسط أمراً صعباً، بالإضافة إلى عدم قدرتهم على التمرير الإيجابي إلى الأمام.
أخيراً في الوقت الإضافي، ينزل هونتيلار مكان إيندي، تغيير تأخر أكثر من ساعة كاملة لتتحول طريقة اللعب الهولندية من 3-4-3 إلى 4-3-3 لكن بعد فوات الأوان، لتنتهي المباراة بالتعادل السلبي، ويحتكم الفريقان إلى ضربات الجزاء، هنا يتدخل العجوز فان جال بأسلوب قديم بعض الشيء، ليُدخل المفاجأة تيم كرول، ويتصدى لضربتين ليفوز الهولنديون في النهاية ونكون على موعد مع قمة نارية أمام راقصي التانجو.