هنا ليبيا... جحيم الصحافيين

هنا ليبيا... جحيم الصحافيين

18 أكتوبر 2014
تظاهرة بعد مقتل الصحافي مفتاح بوزيد (فرانس برس)
+ الخط -
بات الأمر رسمياً: ليبيا حالياً هي من أخطر الدول في العالم على الصحافيين، ويجب على الأجانب منهم تفادي العمل فيها إن أمكن. هذا ما نبّهت إليه منظمات حقوقية عدة تعنى بشؤون الصحافيين. إذ ترصد هذه الجمعيات كل يوم عشرات الانتهاكات بحق الصحافيين الأجانب، لكن أيضاً وبشكل خطير ضد الصحافيين الليبيين ولعل أخطر هذه الانتهاكات هي القتل، كما حصل مثلاً مع الصحافي الشهير مفتاح بوزيد .
وقد رصدت "منظمّة مراسلين بلا حدود" ومعها مراكز محلية لحرية الصحافة  عشرات الانتهاكات في الفترة الأخيرة، والمئات منها منذ اندلاع الثورة الليبية ومقتل معمّر القذافي. وهذه المرة فإن الاشتباكات المسلّحة لا تستثني أي صحافي إلى أي طرف انتمى. وآخر الضحايا المدير المالي في إحدى القنوات الخاصة، الطيب عيسى، الذي وجد جسده مرمياً على الطريق، ليقتل بعده بثلاثة أيام في بنغازي المذيع في إحدى محطات الإذاعة المحلية معتصم ورفللي. وقد أكد أحد زملاء عيسى أنه لم يتلقّ يوماً أي تهديد، وأنه لم يكن له أعداء. أما ورفللي فهو مذيع شاب يعمل في إذاعة "صوت ليبيا الوطن" وهو مناصر لجماعة "أنصار الشريعة".
وقد أكدت "مراسلون بلا حدود" أنه رغم عدم ظهور أي سبب مباشر لمقتلهما، إلا أنها لا تستبعد أن يكون ما حصل جزء من تصفية الصحافيين في ليبيا.
وقبل جريمتي القتل هاتين، حصل هجوم على إذاعة "الميدان" في منطقة زاوية، فتم تفكيك قسم من معداتها وسرقة قسم آخر، لكن رغم ذلك استمرّت الإذاعة ببثها. وقد اتهمت، في بيان أصدرته، "الجماعات الإرهابية التي تخاف من الإعلام الحر" بالوقوف خلف هذا الاعتداء.
أما الصحافي معاذ الثليب، وهو مذيع في قناة "العاصمة" الخاصة، فاختطف قبل أسبوع ليطلق سراحه بعد يومين، في إطار حملة ترهيب وتخويف الصحافيين في مختلف أنحاء البلاد، ومن قبل كل الأطراف المتقاتلة.
لكن الأخطر من كل هذه التجاوزات هي الرقابة الذاتية التي تفرضها المؤسسات الإعلامية على نفسها. وانطلاقاً من هذا الخوف، أوقفت مجموعة من المؤسسات عملها خوفاً على موظفيها. ومن بين هذه المؤسسات، إذاعات وصحف مثل جريدة "الأحوار" التي تصدر من بنغازي، وصحيفة "الميادين" التي تصدر من العاصمة الليبية طرابلس.
ومظهر آخر من مظاهر التضييق على الصحافيين وتدمير حرية الصحافة في البلاد، والتي رصدتها المنظمات الحقوقية، تتمثّل في الهجرة الكبيرة للصحافيين خارج البلاد منذ انطلاق الاقتتال المسلح، وبعد تلقيهم تهديدات كثيرة من كل الأطراف.
أما الصحافيون العاملون داخل الأراضي الليبية فبات أغلبهم يفضّل الابتعاد عن مناطق الصراع، أو عدم متابعة الملفات السياسية. لكن حتى ذلك لا يبعدهم عن رصاص وهجوم المسلحين. إذ إن بعض الضحايا الذين سقطوا لا علاقة لهم بأي تنظيم مسلح أو أي طرف سلاحي.
لكن رغم هذا المشهد السوداوي، ورغم كل التحذيرات، يبدو أن ليبيا تماماً كسورية لا تزال تغري الصحافيين الأجانب، وخصوصاً هؤلاء الذين يعملون لحسابهم الشخصي ويبيعون تحقيقاتهم للمؤسسات الكبرى (فريلانسرز)، إذ يستمر دخولهم إلى الأراضي الليبية لتغطية الصراع. كذلك الأمر بالنسبة للصحافيين من الدول المجاورة، وتحديداً من تونس والمغرب، وقد نال بعض هؤلاء قسطهم أيضاً من الانتهاكات، وخصوصاً الخطف.

المساهمون