هنا الفاتح... "بلاد عربية" تجتمع معًا في إسطنبول
إسلام رضا ــ إسطنبول


تحوّلت منطقة الفاتح، بمدينة إسطنبول التركية، إلى وجهة سياحية وتجمع يكتظ بالعرب من مقيمين وسيّاح، مع انتشار المحال التجارية والمطاعم والمقاهي العربية، وذلك لجذب السائحين من كل أنحاء العالم.

كاميرا "العربي الجديد"، تجولت في المنطقة وتحديدا في شارع فوزي باشا، الذي يفضله العرب في التسوق لتشابه تفاصيله مع الأحياء العربية القديمة في سورية أو العراق أو مصر. واستطلعت آراء العاملين في بعض المطاعم العربية التي تقدم أشهر المأكولات التقليدية، الذين عرضوا أسباب نجاح أعمالهم ورواج ما يقدمونه للعرب والأتراك والأجانب على حدّ سواء.

ووسط زحمة المنطقة بالمتبضعين والسياح نساءً ورجالاً، كباراً وصغاراً، وأغلبهم من العرب، التقت كاميرا "العربي الجديد" بعدد من المشرفين والعاملين في شارع فوزي باشا الذي يحوي أكثر من 20 مطعماً عربياً.

ويقول المواطن السوري نبيل من مدينة حلب، إنّ "منطقة الفاتح تعتبر وجهةً مهمة للسائح العربي في مدينة إسطنبول، والعرب عموماً يشكلون نحو 70 بالمائة من رواد وزوار المنطقة". ومن خلال عيشه في تركيا منذ 4 سنوات، يرى نبيل أن المنطقة هي الوجهة الأولى للسياح الواصلين إلى اسطنبول، إضافة إلى كثرة أعداد السوريين القاصدين للمطاعم السورية خصوصاً والعربية بشكل عام، لافتاً إلى وجود نحو 3.5 ملايين لاجئ سوري في تركيا.

ويوضح أن فرص العمل متوفرة مع عدم وجود أي مشاكل من الناحية الاجتماعية. ويضيف أنّ "المطاعم التركية صارت تقدم المأكولات العربية نظراً للإقبال الشديد عليها"، مشيراً إلى أنها تشغل الطباخين السوريين والعرب لديهم وصفات خاصة بهم لتقديم ما هو مميز".

أما الشاب الثلاثيني السوري فايز، الذي يعيش في إسطنبول منذ 3 سنوات، يرى أن منطقة الفاتح هي منطقة العرب في تركيا. هو يعمل في سوق مالطا في منطقة الفاتح في محل "أفران لبنان الحديثة"، ويقول إن معظم زبائنه من الجنسيات العربية على اختلافها خصوصاً في فصل الصيف، من سورية ومصر واليمن والأردن والعراق ودول الخليج العربي.

ويشير إلى أن مخبوزاتهم على أنواعها ترضي جميع الأذواق، وإن الأتراك أيضا باتوا يشترون بعض الحلويات العربية خصوصاً المعمول المحشو بالتمر والجوز، في حين يتركز طلب الزائر الخليجي على أنواع الخبز والفطائر.
أما عبد الباسط الصمدي مدير شركة مطاعم حضرموت اليمن، قدم إلى تركيا من مدينة ذمار اليمنية، ويوضح أن منطقة الفاتح تحوي عرباً أكثر من الأتراك، من تجار ومؤسسات وحتى مرتادين وزوار، لذلك أعرب عن تطلعه لأن تفسح الجهات المعنية في تركيا للمستثمرين العرب فرصة الحصول على عضوية في غرفة التجارة والصناعة التركية.


أحد العاملين في المطعم اليمني نفسه وهو قادم من مصر، يشرح عن أنواع الأطباق اليمنية التي يقدمونها للزبائن ومنها الفحسة، والسلتة، والمندي، والكبدة وغيرها، ويقول إن متذوقي المأكولات اليمنية لا يكتفون بزيارة المطعم مرة واحدة بل يعودون مع عائلاتهم ومعارفهم لاحقاً.

من جهته، يشبه السوري محمد الأزعر، الفاتح بمنطقة الشام القديمة بدمشق، ولذلك يفضل العيش والعمل فيها. ويقول يقدم المطعم السوري الذي يعمل فيه واسمه "الراعي" كافة الوجبات الشامية، ويعدد منها الفريكة والكوسا باللبن والمقادم والسجق وباقي الأكلات الشهيرة في الشام، إلى جانب الوجبات الغربية.


وتتميز المنطقة بوجود مسجد الفاتح نسبة إلى السلطان العثماني محمد الفاتح عام 1463 الذي استمر بناؤه حتى عام 1470. ويجمع هذا المسجد بين طرازين من فن العمارة العثمانية نتيجة تعرضه لكوارث زلزالية عدة، ما أدى إلى عمليات إصلاح متكررة لإزالة الأضرار الكبيرة التي لحقت ببنائه القديم.

وكان مسجد الفاتح أول مجمع إسلامي، إذ بنيت حوله مجموعة مبانٍ لم يبق معظمها الآن، احتوى المجمع على ثماني مدارس ومكتبة ومستشفى ودار للخير وحمام ووقف سكني لطلاب العلم ومطعم عام لإطعام الفقراء، مما جعله بناء دينيا واجتماعيا في آن واحد، ويشهد توافد العرب حوله لزيارته والصلاة فيه.