20 نوفمبر 2024
هل يُدعى كوشنر إلى مكة؟
ياسر أبو هلالة
كاتب وصحفي، عمل مديرا عاما لقناة الجزيرة (2014-2018)، ومراسلا. وصانع أفلام، وكاتبا في صحف الرأي والغد والحياة.
لا العدوان الإسرائيلي على غزة، ولا قرار ترامب الاعتراف بضم المحتل الإسرائيلي الجولان إليه، ولا العدوان الروسي والإيراني على إدلب واستخدام السلاح الكيميائي فيها، ولا هجوم مجرم الحرب، خليفة حفتر، على طرابلس وقطع المياه عن سكانها، ولا دخول الأزمة الخليجية عامها الثالث، ولا الحرب على اليمن عامها الرابع باحتلال سعودي إماراتي مكشوف، ولا غير ذلك من نكباتٍ يستدعي قمة خليجية ولا عربية ولا إسلامية. ما تعقد له القمم الثلاث في أقدس مكان هو اعتداء على ناقلات النفط وخطوطه، لم يسفر عن أي قتيل.
والقمة الموازية الأهم تلك التي يعقدها الاقتصاديون في المنامة، تحت مسمّى "ورشة عمل" اقتصادية، تمهيداً لصفقة القرن، قريباً في الزمان والمكان والرعاية. وهي على قاعدة "الدفع قبل الرفع"، بحيث يقدّم للفلسطينيين والأردنيين، والعرب عموماً، ثمن كرامتهم وقدسهم ودولتهم. وبالتوازي، يُعاد تعريف العدو والصديق، فإسرائيل صديقٌ وشريكٌ اقتصادي، يُتقرّب له ويُطلب ودّه، وهو العون في مواجهة العدو الجديد، إيران التي أراقت، هي أو حلفاؤها، عزيز النفط على التراب الطاهر.
التغاضي عن إيران وحلفائها غباء سياسي، سواء عندما أراقوا النفط الغالي العزيز من الأنابيب أو الناقلات، أو عندما أراقت الدم العربي الرخيص في سورية واليمن، وهي إلى اليوم شريك، سواء في الجرائم التي يرتكبها النظام السوري والروسي، أو الحوثي، بحجّة الصراع مع العدو الصهيوني. أما الفزعة للنفط المُراق، والتغاضي عن كل قضايا الأمة العاجلة والآجلة، فقمة السقوط الأخلاقي.
لم تتمدّد إيران في اليمن والمنطقة لولا سياسة الإمارات والسعودية. ما مكّن الحوثي هو تآمرهما الذي لم يعد سراً على ثورة الشباب اليمني، وعملهما على تفكيك الجيش اليمني. كانتا تخطّطان لدخول الحوثي صنعاء، وحصول حربٍ أهليةٍ بينه وبين حزب الإصلاح، ليأتي على أنقاضها علي عبد الله صالح، وينفصل الجنوب تابعاً في موانئه وجزره للإمارات. استغفلتهما إيران وقضت على صالح، في وقتٍ يقاتل "الإصلاح" على جبهتين، الحوثي من أمامه ومليشيات الإمارات في ظهره. وإيران تتمدّد صواريخ وطائراتٍ مسيرةً وجنوداً يقاتلون بالوكالة عنها عقيدةً واقتناعاً.
إيران لا تحتل اليمن، والشعب اليمني ليس عميلاً لها، لكن نتيجة التآمر عليه، والكارثة المهولة التي حلت به، شكلتا روحاً ثأرية، نفذت منها إيران نفوذاً استراتيجياً يدوم سنيناً. ولم تخترق إيران العالم العربي بهذه الروح فقط، فهي تملك جاذبية المذهب، وتمكّنت من تحويله إلى قومية جامعة عابرة للحدود، تماماً كما حولت الصهيونية اليهودية إلى قومية.
نحتاج قمماً عربية وإسلامية تعيد إيران شريكاً حضارياً، كما هي في التاريخ. وحلفاء إيران في اليمن والعراق وسورية والسعودية ولبنان وغيرها مواطنون في بلدانهم، وليسوا مستوطنين جاءوا من وراء البحار. نحتاج التفاهم والحوار مع إيران، بالتوازي مع التصدّي لها، عسكرياً وأمنياً. من جاء من وراء البحار هو نتنياهو وكوشنر الذي كان ممولاً للاستيطان، قبل وصوله إلى البيت الأبيض، ويسعى اليوم إلى منحه الشرعية، خلافاً للرأي التاريخي للإدارات الأميركية.
نحتاج قمماً للتفاهم بين الإخوة في الخليج الذين احتار كوشنر في أسباب خلافهم. نحتاج قمماً للتفاهم في ليبيا، وإنهاء الحروب الأهلية العربية العربية، لكن شروط ذلك غير موجودة، فالسعودية لم تعد دولة مصالحاتٍ وتفاهمات. هي طرف مباشر في كل نزاع عربي، تدعم حفتر، وترتكب جرائم مروّعة في اليمن، وحاولت احتلال قطر. وفوق ذلك، هي دولة لم تخرج بعد من فضيحة تصفية جمال خاشقجي، وارتكبت مجزرة إعدامات بعدها، وتعد لأخرى بعد العيد بحق المشايخ سلمان العودة وعوض القرني وعصام العمري.
أمام هذه الجبهات المفتوحة التي تقاتل عليها السعودية، لا يسلم غير إسرائيل التي يُحضَّر لفرض التطبيع معها بعد العيد، من خلال صفقة القرن، رغباً أو رهباً. والمرحّب به في السعودية هو فقط جاريد كوشنر من قبل ومن بعد... هل يمكن أن تحصل معجزة، وتبدأ السعودية بالتطبيع مع محيطها العربي والإسلامي؟
والقمة الموازية الأهم تلك التي يعقدها الاقتصاديون في المنامة، تحت مسمّى "ورشة عمل" اقتصادية، تمهيداً لصفقة القرن، قريباً في الزمان والمكان والرعاية. وهي على قاعدة "الدفع قبل الرفع"، بحيث يقدّم للفلسطينيين والأردنيين، والعرب عموماً، ثمن كرامتهم وقدسهم ودولتهم. وبالتوازي، يُعاد تعريف العدو والصديق، فإسرائيل صديقٌ وشريكٌ اقتصادي، يُتقرّب له ويُطلب ودّه، وهو العون في مواجهة العدو الجديد، إيران التي أراقت، هي أو حلفاؤها، عزيز النفط على التراب الطاهر.
التغاضي عن إيران وحلفائها غباء سياسي، سواء عندما أراقوا النفط الغالي العزيز من الأنابيب أو الناقلات، أو عندما أراقت الدم العربي الرخيص في سورية واليمن، وهي إلى اليوم شريك، سواء في الجرائم التي يرتكبها النظام السوري والروسي، أو الحوثي، بحجّة الصراع مع العدو الصهيوني. أما الفزعة للنفط المُراق، والتغاضي عن كل قضايا الأمة العاجلة والآجلة، فقمة السقوط الأخلاقي.
لم تتمدّد إيران في اليمن والمنطقة لولا سياسة الإمارات والسعودية. ما مكّن الحوثي هو تآمرهما الذي لم يعد سراً على ثورة الشباب اليمني، وعملهما على تفكيك الجيش اليمني. كانتا تخطّطان لدخول الحوثي صنعاء، وحصول حربٍ أهليةٍ بينه وبين حزب الإصلاح، ليأتي على أنقاضها علي عبد الله صالح، وينفصل الجنوب تابعاً في موانئه وجزره للإمارات. استغفلتهما إيران وقضت على صالح، في وقتٍ يقاتل "الإصلاح" على جبهتين، الحوثي من أمامه ومليشيات الإمارات في ظهره. وإيران تتمدّد صواريخ وطائراتٍ مسيرةً وجنوداً يقاتلون بالوكالة عنها عقيدةً واقتناعاً.
إيران لا تحتل اليمن، والشعب اليمني ليس عميلاً لها، لكن نتيجة التآمر عليه، والكارثة المهولة التي حلت به، شكلتا روحاً ثأرية، نفذت منها إيران نفوذاً استراتيجياً يدوم سنيناً. ولم تخترق إيران العالم العربي بهذه الروح فقط، فهي تملك جاذبية المذهب، وتمكّنت من تحويله إلى قومية جامعة عابرة للحدود، تماماً كما حولت الصهيونية اليهودية إلى قومية.
نحتاج قمماً عربية وإسلامية تعيد إيران شريكاً حضارياً، كما هي في التاريخ. وحلفاء إيران في اليمن والعراق وسورية والسعودية ولبنان وغيرها مواطنون في بلدانهم، وليسوا مستوطنين جاءوا من وراء البحار. نحتاج التفاهم والحوار مع إيران، بالتوازي مع التصدّي لها، عسكرياً وأمنياً. من جاء من وراء البحار هو نتنياهو وكوشنر الذي كان ممولاً للاستيطان، قبل وصوله إلى البيت الأبيض، ويسعى اليوم إلى منحه الشرعية، خلافاً للرأي التاريخي للإدارات الأميركية.
نحتاج قمماً للتفاهم بين الإخوة في الخليج الذين احتار كوشنر في أسباب خلافهم. نحتاج قمماً للتفاهم في ليبيا، وإنهاء الحروب الأهلية العربية العربية، لكن شروط ذلك غير موجودة، فالسعودية لم تعد دولة مصالحاتٍ وتفاهمات. هي طرف مباشر في كل نزاع عربي، تدعم حفتر، وترتكب جرائم مروّعة في اليمن، وحاولت احتلال قطر. وفوق ذلك، هي دولة لم تخرج بعد من فضيحة تصفية جمال خاشقجي، وارتكبت مجزرة إعدامات بعدها، وتعد لأخرى بعد العيد بحق المشايخ سلمان العودة وعوض القرني وعصام العمري.
أمام هذه الجبهات المفتوحة التي تقاتل عليها السعودية، لا يسلم غير إسرائيل التي يُحضَّر لفرض التطبيع معها بعد العيد، من خلال صفقة القرن، رغباً أو رهباً. والمرحّب به في السعودية هو فقط جاريد كوشنر من قبل ومن بعد... هل يمكن أن تحصل معجزة، وتبدأ السعودية بالتطبيع مع محيطها العربي والإسلامي؟
ياسر أبو هلالة
كاتب وصحفي، عمل مديرا عاما لقناة الجزيرة (2014-2018)، ومراسلا. وصانع أفلام، وكاتبا في صحف الرأي والغد والحياة.
ياسر أبو هلالة
مقالات أخرى
12 مايو 2024
22 ابريل 2024
18 مارس 2024