هل يمكن إنتاج لقاح كورونا من خلال بيض الدجاج؟

هل يمكن إنتاج لقاح كورونا من خلال بيض الدجاج؟

30 مارس 2020
اللقاح يبقى الوسيلة الأنجع لمواجهة كورونا (ستان هوندا/فرانس برس)
+ الخط -
تزامناً مع تسابق الشركات المصنعة للأدوية والمختبرات العلمية والمعاهد الأكاديمية في دول العالم فيما بينها لابتكار وتطوير لقاح ضد فيروس كورونا الجديد، كشف تقرير صادر عن شبكة "سي إن إن" الأميركية وجود مزارع سرية لبيض الدجاج تستخدمها الحكومة لإنقاذ أرواح البشر، عبر إنتاج اللقاحات الخاصة بالإنفلونزا سنوياً.

ووفق التقرير، فإن هذه المواقع تعمل بشكل سري وغير معروفة لغالبية الأميركيين، كما تسهر شركات أمنية على حراستها، ليبقى السؤال الرئيسي: هل يكون بيض الدجاج مصدر إنتاج لقاح فعال ضد فيروس كورونا، الذي تفشّى في معظم دول العالم، وتسبّب في مقتل الآلاف؟

وأفاد التقرير بأن مواقع تربية الدجاج وحفظ البيض تعد من مسائل الأمن القومي في الولايات المتحدة، حيث يتم نقل مئات الآلاف من البيض يوميا إلى منشآت سرية تحت حراسة مشددة، وأنظمة أمنية تمولها الحكومة.

وتعمل الولايات المتحدة على إنتاج اللقاحات سنوياً بالاعتماد على بيض الدجاج، وتقوم هيئة مكافحة الأمراض والوقاية، بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية، باختيار سلالة بعينها من الفيروس وإرسالها إلى مُصنِّعي لقاحات سرية، ويتم بعدها حقن الفيروس المختار في بيض دجاج، حيث يعمل البيض على احتضان الفيروس ونسخه لعدة أيام، تماماً كما يتصرف الفيروس في جسم الإنسان.

بعدها يقوم العلماء بجمع السوائل التي تحتوي على الفيروس من البيضة وتعطيل فاعليته، ثم استخلاص الأجسام المضادة له، وتستغرق العملية برمتها، منذ جمع البيض إلى توفير اللقاحات في السوق، نحو ستة أشهر على الأقل.

ويعد بيض الدجاج من المصادر المعروفة التي اعتمدت عليها حكومات العالم من أجل إنتاج لقاحات ضد الإنفلونزا على مدار الثمانين عاماً الماضية. فخلال موسم البرد الأخير، جرى توزيع 174.5 مليون جرعة من لقاح الإنفلونزا في الولايات المتحدة حتى نهاية فبراير/ شباط الماضي، منها نحو 82% مصنعة من بيض الدجاج. وبحسب تقديرات مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن كل بيضة تستخدم لإنتاج جرعة واحدة من اللقاح.

فهل تنجح هذه التجارب في إيجاد لقاح لفيروس كورونا؟

بحسب تقرير شبكة "سي إن إن"، الذي حمل عنوان "تحتفظ الولايات المتحدة بملايين من الدجاج في مزارع سرية لصنع لقاحات ضد الإنفلونزا، لكن بيضها لن يعمل مع الفيروس التاجي"، فإن هذه المزارع لن تساعد على إيجاد لقاح لعدة أسباب. 

ويقول رئيس علوم مختبرات الصحة العامة في جامعة هونغ كونغ، ليو بون، إن "البيض ليس مفيدًا فقط للقاحات الإنفلونزا، بل يمكن استخدامه على الأرجح لتطوير لقاحات لأمراض أخرى، ويعتمد الأمر فقط على المرض". وبحسب بون، فإن بعض سلالات الفيروس، لا يمكن احتضانها داخل البيض، ومنها الفيروس التاجي، نتيجة تركيبته وخصائصه المختلفة عن سائر سلالات الإنفلونزا.


أما أستاذ علم الأمراض السريري بجامعة هونغ كونغ، جون نيكولز، فيقول إنه بسبب وجود خصائص مختلفة بين الفيروسات والفيروس التاجي، فإن فيروس كورونا غير قادر على التكاثر داخل البيض بالطريقة نفسها كسائر فيروسات الإنفلونزا.


ووفق الخبراء، فإن عملية إعداد اللقاح تحتاج إلى فترة زمنية لإجراء الاختبارات السريرية، ومع انتشار كورونا المفاجئ، فلن يجدي نفعاً العمل على إجراء هذه الأبحاث.
وفق تقرير صادر عن مكتب محاسبة الحكومة الأميركي، فإن الاستعداد لإنتاج اللقاحات الخاصة بالإنفلونزا الموسمية أو الوبائية يحتاج الى فترة ما بين 12 الى 18 شهراً، ولكن في حالة انتشار جائحة سريعة كانتشار فيروس كورونا، فإن السلطات ببساطة لا تستطيع الانتظار طويلاً لإنتاج لقاح عن طريق البيض، كما أنه ليس هناك الكثير من الدجاج والبيض المتاح على الفور.

وبدأ العلماء في استخدام بيض الدجاج لإنتاج اللقاحات منذ ثلاثينيات القرن الماضي. وأجرى الباحثون في بريطانيا التجارب الأولى على أفراد من القوات المسلحة البريطانية في عام 1937، وبعدها أنتجت الولايات المتحدة اللقاح الخاص بها في الأربعينيات من القرن الماضي.

واستعدادًا لموسم البرد والإنفلونزا الموسمية، استثمرت الحكومة الأميركية ملايين الدولارات على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية لضمان وجود بيض كافٍ لإنتاج اللقاحات، إذ تتعاقد وزارة الصحة مع مزارع عدة لإنتاج بيض عالي الجودة بموجب عقود قيمتها ملايين الدولارات. وأوضحت بيانات مكتب محاسبة الحكومة أن قيمة العقد مع شركة واحدة يبلغ 42 مليون دولار سنويًّا.


وقد يبدو هذا مبلغاً كبيراً لإنفاقه على البيض، ولكن كل عام تكلف الإنفلونزا الولايات المتحدة حوالي 10.4 مليارات دولار في المستشفيات والعلاجات، وفقًا لمركز السيطرة على الأمراض.

ويتم جمع البيض وتخزينه في منشآت سرية للغاية، من المستحيل الكشف عنها للعامة، وتُوجب الحكومة كل مورد توفير حراسة مشددة لحماية عملية التوريد من المخاطر الطبيعية والبشرية.

المساهمون