هل ننتظر الغد؟

قال لي صديق شاب، أثق بحسن تدبيره وتوقعه، انتظر الثالث من يوليو/تموز، فقد نعود جميعاً إلى مصر في رمضان.
حدّقتُ في وجهه جيداً، عهدي بالأمور المرتبطة بتواريخ من سجل الثورة، في 6 أكتوبر/تشرين الأول، كما في 25 يناير/كانون الثاني، وتواريخ أخرى، لأن الثورة لا يتم استدعاؤها في ميعادٍ محدد، لا في ذكرى العاشر من رمضان، ولا انقلاب 23 يوليو/تموز، ولا الذكرى الأولى للانقلاب الأخير، لأن الثورة فعل يومي، وزاد مستمر للعقل والضمير.
نظرت أكثر داخل نفسي، وهي تحدّثني بأن تحديد موعد محدد للثورات، يكون محض عمل مخابراتي، لتضييع أي أمل في النفوس في غد أفضل، فحينما يأتي يوم الثالث من يوليو/تموز، ويمضي كل شيء على ما لا يرام، تراق الدماء في الشوارع، لا قدر الله، وقد يسقط مصابون، سلم الله الشرفاء من المصريين، وقد يستشهد آخرون، اللهم بلغنا الشهادة، ويبقى الانقلاب جاثماً فوق الأنفاس والصدور.
وبعد قليل فاض الاحتمال بي، قلت لنفسي لماذا أعرض كل التفاصيل على العقل والاحتمالات، فحينما كنتُ صغيراً، وربما استدعيتُ العادة نفسها في الغربة أخيراً، كنتُ، ولا أزال، إذا ما تـُهتُ، قبل الوصول إلى العنوان، أسلك طريق التيه أكثر، وأحياناً ما أصل، بمعنى، إذا لم يقدنا العقل إلى الصواب، لماذا لا نجرب احتمالاتٍ أخرى، ليست بعيدة عنه، لكنها لا تعني الالتزام التام به؟
لماذا تغتصب الفتيات الشريفات في أقسام الشرطة، ومعسكرات الأمن المركزي، ومن رجال القوات المسلحة، وأحياناً في سيارة الترحيلات، وقبل الوصول إلى القسم أو المعسكر؟ لماذا يخطف شاب صغير رسام جرافتي أسبوعاً، ثم يتم العثور على جثته في مشرحة زينهم؟ لماذا لا يكون هناك اسم في مصر إلا وهناك معتقل وشهيد ومطارد ينادى به؟ لماذا تسيل الدماء أنهارا؟ ماذا يتبقى للعقل؟
لماذا لم يفعل الرئيس، محمد مرسي، ما نسبته واحد إلى مليار مما يفعله المجرمون في مصر الآن؟ وارتعدت أنوف الانقلابيين، من الإعلاميين والقضاة، والدعاةِ والشيوخِ، وموتورين كثيرين محتلي المراكز والمناصب، لمجرد اختيار الشعب هذا الرجل. هل يمكن تسمية هذا عقلاً؟
بسبب وجود ذلك كله، سأنتظر الغد، إن كان الثالث من يوليو/تموز، وإن لم يكن، فليكن يوماً آخر قريباً بإذن الله، ولنجرب تيه الاحتمالات بعيداً عن احتمال العقل، طالما حكم السفهاء والمجرمون بلادنا.