وبدأ السراج جولته الأوروبية يوم الثلاثاء الماضي، من روما، حيث التقى رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي، الذي أكد له رفضه للحل العسكري في ليبيا، ودعم روما لحكومة الوفاق.
كما التقى السراج في برلين المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، التي أكدت له بدورها رفض بلادها للحلول العسكرية، مشددة على ضرورة "استئناف المفاوضات والعودة للعملية السياسية تحت قيادة الأمم المتحدة، بناء على اتفاق أبو ظبي بين السراج وحفتر".
وفي باريس التقى السراج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي شدد على ضرورة وقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية.
لكن دبلوماسياً ليبياً رفيعاً مقرباً من وزارة خارجية حكومة الوفاق أكد فشل السراج في زيارته قبل انتهائها، علماً أن زيارة لندن لم تتأكد بعد.
وأخذ الدبلوماسي، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، على السراج، عدم مبادرة السراج إلى طرح مبادرة ليقنع القادة الأوروبيين الذين التقاهم في محاولة لفك الحصار السياسي والعسكري عن طرابلس.
وأوضح المصدر أن "السراج كان يسعى لحشد أوروبي، من دون هدف سوى إدانة حملة خليفة حفتر، مركزاً على انتزاع موقف فرنسي أو التأثير عليه، في محاولة للالتفاف على حفتر المقرب من قادة الإليزيه"، مشيراً إلى أن موقف رئيس حكومة "الوفاق" بات أضعف اليوم، إذ كانت العواصم التي زارها تنتظر منه مبادرة وتصوراً واضحاً للحل.
وكشف الدبلوماسي أن مسؤولين فرنسيين أشاروا للسراج بأن أفضل ما يمكن تقديمه اليوم هو وقف إطلاق النار بتثبيت قوات الطرفين في مواقعها، وإنشاء منطقة عازلة بينهما، تخضع لمراقبة دولية، مع استئناف المفاوضات السياسية.
واعتبر المصدر المقترح الفرنسي رسالة واضحة تشير الى رغبة مؤيدي حفتر بتثبيت مواقعه في المناطق التي يسيطر عليها جنوب العاصمة، وليس الانسحاب إلى مواقعه قبل إطلاق الهجوم على طرابلس، وهو ما يريده السراج، كما رأى الدبلوماسي ذاته أن فرنسا باتت هي الجهة التي تقود الرأي الأوروبي حول ليبيا، كونها الأكثر تأثيراً وقرباً من طرفي القتال جنوب طرابلس.
وعزا الدبلوماسي الليبي فشل السراج في جولته الأوروبية كذلك إلى الارتباك الذي تعيشه حكومته واختلافها في رؤيتها للحل، معتبراً أن "حفتر انكسر وخسر معركته عسكرياً، لكن داعميه الدوليين لا يملكون خياراً آخر سوى دعمه لإعادة فرضه مجدداً كمفاوض على الطاولة السياسية".
ولفت إلى أن "قادة حكومة الوفاق باتوا اليوم منقسمين بين تيار يميل للحلول السياسية، وعلى رأسهم وزير الخارجية محمد سيالة، وآخر يرفض أي حل مع حفتر ويطالب بإقصائه من العملية السياسية، وعلى رأس هؤلاء وزير الداخلية فتحي باشاغا"، معرباً عن اعتقاده بأن السراج قد يميل للمهادنة، وهو ما قد يوقع حكومته ومسلحيها في خلافات عميقة.
ورأى الدبلوماسي نفسه، في ختام حديثه، أن زيارة السراج "قد تكون أتت بنتائج عكسية، فمطالب وقف إطلاق النار باتت اليوم واقعاً، خصوصاً أن من مصلحة حفتر القبول بها، ولكن من دون أن يتخلى عن مواقعه الحالية"، معتبراً أنه "في حال رفض الحكومة الوفاق لوقف القتال، فإن ذلك قد يقدم رسالة سلبية بأنها هي من ترفض جهود السلام".