هل عاد الربيع العربي؟

هل عاد الربيع العربي؟

04 مارس 2019
+ الخط -
انطلقت موجة الربيع العربي الأولى عام 2011 استحقاقا طبيعيا وموضوعيا ومتوقعا لتراكماتٍ سلبيةٍ هيمنت على الأقطار العربية نصف قرنٍ، اتسمت بالدكتاتورية والفساد وسوء الإدارة.
كان يُؤمَّل من ثورات الشباب أن تنجح في بناء نموذج معاصر للدولة الحديثة، حيث الديمقراطية والتنمية والتحرُّر، غير أنَّ أجهزة الدولة العميقة وعسكرة الثورات وتشابك المصالح ما بين الدكتاتوريات العربية والمصالح الدولية والإقليمية قد حَوَّلت الربيع العربي إلى محرقةٍ مفتوحةٍ، ما زالت تنزف في اليمن وليبيا وسورية، ونجحت جزئيًا في تونس، وانتكست في مصر.
تنتقل الثورات الشعبية التحرُّرية ما بين الأمم تباعًا، وتتعلَّم كل ثورةٍ من سابقتها، وتتأثَّر بها؛ لقد كان لحجم الدم والنار الذي شهده الإنسان العربي في سورية واليمن وليبيا دور المثبِّط والمحبط له ولحراكه، لذلك لاحظنا وقف المد التحرري فجأةً، بعد أن اجتاح سبع دول عربية في غضون عام واحد، وكان هذا نتيجة التبعات الكارثية التي جعلت الجميع يبدون خاسرين.
ما زالت الظروف الموضوعية للثورة قائمة في أغلب دول العالم الثالث، وبالذات الدول العربية، حيث الفقر والبطالة والفساد والطبقية والتفرد بالسلطة وغياب الأمل. كان متوقعا جدًا استعادة الثورات العربية موجتها، فنجاح ثورة تونس ما زال يبث الأمل لدى الشباب العربي بإمكانية التغيير، على الرغم من الانتكاسة الكبيرة في ساحات التحرُّر الأخرى.
يخرج الشباب العربي اليوم بِنَفَسٍ جديد في الجزائر والسودان، معلنين بوضوحٍ انطلاق الموجة الثانية للربيع العربي، ويبدو أن الإنسان العربي بات مستعدًا للحرية وبأي ثمنٍ، ويبدو أنه لم يعد مقبولًا أن يعيش ملايين الشباب حالة اليأس والإحباط والبطالة، بينما تتفرد بالسلطة ديناصوراتٌ آن لها الانقراض، بعد الفشل الكامل والمزمن في بناء الدولة العصرية الحديثة المزدهرة والديمقراطية التي يُؤمَّلُ منها حفظ كرامة الإنسان وحقوقه.
واهمٌ من يعتقد أن هنالك سبيل غير طريق الديمقراطية للعبور إلى المستقبل، وواهمٌ أكثر من اعتقد أن الدكتاتورية تستطيع أن تحقق للشعوب غير الفشل والظلم والفساد والتسلط. الوطن العربي اليوم على عتبة مرحلةٍ جديدةٍ من التاريخ، سيكتبها الشاب العربي وجلاده الدموي.
CD61ABC9-F929-448F-8FB0-A75199B52C3B
CD61ABC9-F929-448F-8FB0-A75199B52C3B
حسين البناء (الأردن)
حسين البناء (الأردن)