هل سيبقى اقتصاد الدول النفطية مستقراً؟

هل سيبقى اقتصاد الدول النفطية مستقراً؟

29 يونيو 2015
من اليمين جاسم سعدون وماجد الصوري (العربي الجديد)
+ الخط -
مر عام على انخفاض أسعار النفط، ولم يتغير شيء في اقتصادات الدول العربية، وخاصة الخليجية، فإلى أي مدى نجحت هذه الدول في المحافظة على استقرار أوضاعها المالية؟

جاسم سعدون: تنويع الاقتصاد الخليجي

قلل المحلل الاقتصادي والمالي الكويتي جاسم سعدون من انخفاض أسعار النفط على اقتصادات الدول الخليجية والتي كانت تعتمد بشكل كبير على الإيرادات المالية النفطية، واعتبر أن انخفاض أسعار النفط منذ عام تقريباً إلى اليوم لم يؤثر بشكل واضح على اقتصادات الدول الخليجية، خاصة المملكة العربية السعودية، والكويت والإمارات.

وقال في تصريح خاص لـ "العربي الجديد": منذ عام تقريباً، وبعد انهيار أسعار النفط، دارت سيناريوهات عديدة حول مدى قدرة هذه الدول على تحمل هذا الانهيار، إلا أن الواقع الاقتصادي والمالي لهذه الدول، أثبت مدى قدرتها على تحمل الاقتصادات العربية لواقع هذا الانخفاض في أسعار النفط، ونلاحظ أن القطاعات الاقتصادية في العديد من هذه الدول شهرت نمواً بارزاً، فعلى سبيل المثال، نجح القطاع المصرفي في تحقيق أعلى الإيرادات المالية، وزادت نسب الودائع، كما ارتفعت الأرباح. "من جهة أخرى، وبحسب الخبير الاقتصادي الكويتي جاسم سعدون فإن القطاعات الأخرى، لاسيما قطاعي التكنولوجيا والعقارات شهدا بدورهما أرباحاً كبيرة، ويعود السبب في ذلك إلى أن المستثمرين فضلوا الاستثمار في قطاعات مختلفة، كالقطاع العقاري، حيث الأرباح المرتفعة، وبالتالي لم يتأثر المستثمرون بشكل أساسي بانخفاض أسعار النفط". وأضاف جاسم سعدون لا شك في أن أسعار النفط أثرت على الجو العام، لكن على أرض الواقع، فإن الاقتصادات الخليجية لم تشهد أي انهيار نتيجة اعتمادها فقط على الواردات النفطية، ولذا فإنه من المتوقع أن تستمر موجة انخفاض الأسعار في الفترات المقبلة، إلا ان اقتصاداتنا لا تزال حتى اليوم قادرة على مواجهة هذا الانخفاض بشكل أساسي، والتأقلم معه، لا بل إن اعتماد الدول الخليجية على تنويع اقتصاداتها جعلها قادرة على تخطي أزمة انخفاض الأسعار من جهة، وقادرة أيضاً على تحقيق أرباح في قطاعات عديدة.

من جهة أخرى، وبحسب المحلل الاقتصادي الكويتي جاسم سعدون، فإن أرباح الشركات في الفصل الأول من العام، كسرت جميع التأويل والسيناريوهات الخاصة بمدى قدرة الدول الخليجية على التأقلم مع انخفاض الأسعار، حيث تميزت أرباح الفصل الأول من العام، للعديد من الشركات في تسجيل أعلى معدلات النمو، وتحقيق أرباح كبيرة.

إلى ذلك، لفت سعدون في تصريحه "العربي الجديد": إلى أن "ميزانية الدول الخليجية للعام 2015، كانت الأعلى في تاريخ الخليج، وإن دل ذلك على شيء فهو يدل على قدرة هذه الدول في مواجهة الظروف أياً كانت طبيعتها، سواء تعلق الأمر بانخفاض أسعار النفط، أو أي أزمة اقتصادية، ويعود السبب في ذلك إلى اعتماد الدول الخليجية على خطط متنوعة لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن أسعار النفط".

في إطار آخر، لفت سعدون إلى أن انخفاض أسعار النفط وإن لم يؤثر على الاقتصادات الخليجية بشكل واضح، فإنه من المحتمل في حال استمرار الانخفاض في أسعار النفط لفترات طويلة، أن يحدث ذلك أزمة ربما بين الدول الخليجية والتي استفادت من جهة من خلال تنويع اقتصاداتها، والفائض من الأموال الخاصة بالنفط المتراكم على مدى عقود من جهة أخرى، بين دول أخرى تعتمد بشكل رئيسي على أسعار النفط للنهوض باقتصاداتها. وبحسب سعدون، يمكن حدوث أزمة اقتصادية عربية جراء انخفاض أسعار النفط عالمياً، على المدى البعيد. إذ إنه من المرجح أن تنشأ خلافات بين الدول المنتجة للنفط، خاصة العراق إيران والجزائر، التي ستتأثر موازناتها المالية بشكل واضح خلال الفترات المقبلة، الأمر الذي سيؤدي ربما إلى حدوث أزمة سياسية ترافقها أزمة اقتصادية.

اقرأ أيضا: هل تستطيع دول الخليج الاستمرار في دعم الدول العربية؟

ماجد الصوري: الأزمة آتية في المدى البعيد

لفت الخبير الاقتصادي العراقي ماجد الصوري إلى أن أسعار النفط التي شهدت موجة انخفاضات كبيرة خلال الفترة الماضية، بسبب العرض والطلب، من شأنها أن تحدث خللاً في اقتصادات الدول التي تعتمد على النفط بشكل رئيسي، ومنها الدول الخليجية، إذ وبحسب التقارير الدولية، فإن إمكانية تنويع الاقتصاد الخليجي تحتاج إلى سنوات، خاصة وأن هذه الدول لم تعمد في السابق إلى تنويع اقتصادها والاعتماد على مجالات وقطاعات مختلفة، واليوم ومع بدء الأزمة في أسعار النفط، لجأت هذه الدول إلى تنويع اقتصاداتها، ووضع خطط لرفع النمو في قطاعات عديدة، كالقطاع الزراعي والصناعي وغيره.

وقال الخبير الاقتصادي ماجد الصوري لـ "العربي الجديد": إن الدول الخليجية وإن أعلنت عن أكبر ميزانياتها في العام 2015، إلا أن ذلك لا يعني أنها خسرت موردا هاما وكبيرا في اقتصاداتها، فهذه الدول وإن أبدت قدرتها على مواجهة انخفاض أسعار النفط إلا أن هناك خسائر بملايين الدولارات تسجل يومياً، فكيف يمكن لهذه الدول ألا تخسر وقد انخفض سعر النفط من أكثر من 100 دولار للبرميل إلى 50 دولاراً؟ ما يعني وبأبسط معادلة رياضية أن الخسائر في العائدات المالية أكثر من النصف تقريباً.

من جهة أخرى، وبحسب الصوري، فإن الدول الخليجية والدول المنتجة للنفط الأخرى، كالعراق والجزائر وإيران، ستواجه مشاكل وأزمات متعددة في حال الاستمرار في انخفاض أسعار النفط، إذ لا يمكن لهذه الدول التي تعتمد بشكل رئيسي على العائدات النفطية، والتي تبني اقتصادها اليوم، بعد سنوات من الحروب والأزمات والحصار أن ترضى بأسعار منخفضة للنفط، إذ إن انخفاض الأسعار على المديين القريب والبعيد، يعني بقاء هذه الدول رهينة الفقر والبطالة، فالعراق يعتمد بعد السقوط على أسعار النفط لبناء اقتصاده، وإن كانت هذه سياسة اقتصادية فاشلة، إلا أن العراق اعتمدها، واليوم يدفع الثمن، فالعراق بنى موازنته السنوية على سعر برميل يتخطى حاجز 90 دولاراً، وبالتالي فهو اليوم معرض إلى خسائر كبيرة.

من جهة أخرى، وبحسب الصوري، فإن الدول الخليجية والتي سبق لها أن بنت اقتصاداتها على ما تدره أموال النفط، إلا أن أنها وفي غضون سنوات قليلة، ستخسر المزيد من إيراداتها المالية بسبب انخفاض أسعار النفط، ما يعني أن انخفاض أسعار النفط سيؤثر بالتأكيد على المالية العامة لهذه الدول.

اقرأ أيضا: هل من أمل بنمو التجارة العربية مع تصاعد الأزمات؟

المساهمون