Skip to main content
هل سقطت حمص من خارطة الثورة؟
رجوى الملوحي (سورية)

على خارطة الثورة، هناك مدينة تسمى "حمص"، وحي محاصر يسمى "الوعر"، فهل تذكرون؟ وعلى دفاتر التقويم مرّ حوالى سبعة أشهر على هدنة "حمص القديمة" وإخراج المقاتلين منها وتهجير ما تبقى من أهلها، وما يقارب السنة على حصار حي الوعر "آخر الأحياء التي هي خارج سيطرة نظام الأسد في حمص"، فأين حمص من الثورة وأين الثوار من حمص اليوم؟
في السابع من مايو/أيار، مع وعود للأرض والحجارة وعهودٍ ممزوجة بالدموع، ودّع من تبقّى من مقاتلين في حمص المحاصرة، مدينتهم الصامدة، وبخروج آخر مقاتل منها، كان الحد الفاصل الذي رسم خارطة المجهول.
يعيش حي الوعر مأساة إنسانية كبرى، وتصعيداً وحشياً ممنهجاً من النظام الدموي، في ظل الحصار الخانق الذي يطال الحي وأهله، لم يكن آخر إنجازاته المجزرة التي حدثت في تاريخ 16 ديسمبر/كانون الأول بنار البراميل المتفجرة وطائرات الميغ، حيث تواترت أنباء عديدة من داخل الحي تفيد بقصفه بصواريخ "النابالم/ السلاح القاتل الحارق المحرم دوليا"، والطائرات العمودية، حيث تحول ملعب الباسل الذي يقع في حي بابا عمرو إلى مطار لحوامات عسكرية، ومستودع للأسلحة والذخيرة؛ مشاهد للبيوت المهدمة والجثث المشوهة المحروقة والأبنية المشتعلة، ليست بعيدة عما ألفه السوريون في حلب والرقة وريف دمشق ودرعا، وغيرها من المدن السورية المنكوبة.
ومع تسارع الأحداث على الساحة السورية ككل، لا بد من التركيز على ما يمكن أن يلاحق حمص من مصائر واحتمالات، أهمها تصعيد العنف، بشكل غير مسبوق، على حي الوعر لإخضاعه لهدنة جديدة، على غرار الهدنة المذلة في حمص القديمة، وتكرار السيناريو نفسه لاستباحة حمص وتركيعها بالكامل، والقضاء على آخر معاقل الثورة فيها، وإغلاق كل المنافذ أمام الثوار لمحاولات الكر، إن كانت هناك نية لذلك، ما يضمن للأسد، في حال تم تنفيذ خطة المبعوث الأممي، دي ميستورا، تجميد القتال في حلب، وهو أشبه بالتقسيم البطيء لسورية، واقتسام النفوذ بين النظام والمعارضة، أن تكون حمص في قبضته كاملةً.
نسأل هنا: لماذا تترك عاصمة الثورة وحيدة، ولا نجد أي التفاف من الثوار، أو رغبة جادة وحقيقية لتحريرها من قبضة الأسد، بعد أن سلمت له على طبق من ذهب في "جنيف2"؟ أم أنها تترك لقادم عصيب سيتم تحديده وفق المعطيات الأسدية الدولية، وهي الورقة الرابحة بيد النظام لما سيؤول إليه حال الثورة في نهاية المطاف؟
شاهت ملامح حمص، بعد أن فقدت معظم أبنائها من شهداء ومهجرين ومعتقلين، وتغيرت ديمغرافيتها. ولربما يكون من ضروب الأمل أن نتساءل، أيضا: متى تعاد إلى حمص ملامحها؟ فأين الثوار اليوم من عاصمة الثورة، وأين حمص من الثوار؟