هل ستكون عقاقير "ستيرويد" علاجاً فعالاً لمصابي كورونا؟

هل ستكون عقاقير "ستيرويد" علاجاً فعالاً لمصابي كورونا؟

03 سبتمبر 2020
خفّض نسبة الوفيات بين مرضى كورونا شديدي الإصابة(Getty)
+ الخط -

أظهرت تجارب سريرية جديدة، أنّ عقاقير "ستيرويد" الرخيصة والمتاحة على نطاق واسع، قد خفّضت عدد الوفيات بين المرضى الأكثر إصابة بفيروس كورونا. وقد أجريت التجربة الأولى على نحو 299 مريضاً في البرازيل، و76 مريضاً في فرنسا، فيما وصل عدد المرضى الذين خضعوا للتجربة في الولايات المتحدة إلى نحو 379 مريضاً.

وأوصت منظمة الصحة العالمية، بعد الاطلاع على هذه النتائج، الأطباء بشدة باستخدام  هذه الأدوية لمكافحة الأشكال الحادة أو الحرجة للأمراض الناجمة عن عدوى فيروس كورونا.

وبحسب تود دبليو رايس، طبيب الرعاية الحرجة في المركز الطبي بجامعة "فاندربيلت" الأميركية "فإنّ العثور على علاج ينقذ الأرواح أمر مثير، ويمنح الأمل، للمضي في علاج فيروس كورونا".

ويجعل قرار منظمة الصحة العالمية الوكالة الدولية متوافقة مع المعاهد الوطنية الأميركية للصحة، والتي أوصت، في وقت سابق من هذا الصيف، باستخدام الستيرويد الاصطناعي "ديكساميثازون"- هو دواء يستخدم في الحالات المرضية لآثاره المضادة للالتهاب والمناعة- لعلاج المرضى في المستشفى الذين يحتاجون إلى أجهزة التنفس الصناعي أو الأكسجين.

وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، في تقرير بعنوان" أدوية ستيرويد يمكن أن تنقذ حياة المرضى المصابين بفيروس كوفيد -19 الحاد"، أنّ تأييد منظمة الصحة العالمية لإعطاء أدوية "ستيرويد"، يتضمن أدلة قائمة على عدة تجارب سريرية، إضافة إلى أربع تجارب أخرى عشوائية، حيث تضمنت كل تجربة دواءً من عائلة العقاقير المضادة للالتهابات تسمى الكورتيكوستيرويدات.

وقال رايس: "تفيد التجارب الثلاث السريرية التي تم اختبارها على هذه الأدوية، بقدرتها على علاج مرضى كورونا"، مضيفاً أنّ "أدوية الكورتيكوستيرويدات أظهرت قدرتها على خفض نسبة الوفيات لدى المرضى المصابين بأمراض خطيرة  تصل نسبتها إلى ما يقارب 20 %وهو  ما يعني انخفاض من حالتي وفاة لكل 5 مرضى إلى حالة وفاة واحدة من كل 3 حالات. ووجدت الدراسة أنّ دواء ستيرويد آخر، وهو الهيدروكورتيزون له فوائد مساوية لمزايا الديكساميثازون".

الصورة

 

من جهته، قال جوناثان ستيرن، خبير وأستاذ الإحصاء الطبي وعلم الأوبئة: "حتى الآن أثبت هذا العلاج بشكل قاطع أنه يقلل الوفيات بين مرضى كوفيد -19"، مضيفاً أنّ "هذه النتائج تعزز الدليل على أن الأطباء يجب أن يعالجوا مرضى"كوفيد -19 المصابين بأمراض خطيرة بالكورتيكوستيرويدات، ما لم يكن هناك سبب قوي لعدم القيام بذلك بناءً على ظروف المرضى الفرديين".

وكان "ديكساميثازون" أول دواء يُظهر أنه يزيد من احتمالات البقاء على قيد الحياة لدى المرضى المصابين بالفيروس، عندما تم نشر النتائج الأولية لتجربة إكلينيكية بريطانية، في يونيو/ حزيران الماضي.

وكانت الفوائد المماثلة التي أظهرتها هذه الدراسات الجديدة، بمثابة تعزيز ثقة مرحب به للأطباء الذين كانوا يستخدمون الكورتيكوستيرويدات لعلاج المرضى بناءً على النتائج السابقة.

تجربة مفيدة

"كانت تجربة الاسترداد رائعة"، بحسب ما أكده ديريك سي أنغوس طبيب الرعاية الحرجة بجامعة بيتسبرغ، وهو مؤلف تجربة الهيدروكورتيزون التي شملت ثمانية بلدان.

من جهتها، قالت جانيت ف. دياز ، طبيبة وقائدة الإدارة السريرية لبرنامج الطوارئ الصحية لمنظمة الصحة العالمية، خلال مقطع فيديو مباشر على "فيسبوك": "في بداية هذا الوباء، كنا مترددين ونصحنا بعدم استخدام الكورتيكوستيرويدات بسبب أوجه القصور في أمراض الجهاز التنفسي السابقة".

لكن المنظمة غيرت نصيحتها، على حد قولها، بناءً على نتائج التجارب المجمعة التي تشير إلى أنه "إذا أعطينا الكورتيكوستيرويدات، فسيكون لدينا 87 حالة وفاة أقل لكل 1000 مريض" في أسوأ الحالات.

تجارب سابقة

كانت بريطانيا، بحسب تقرير لشبكة "سي أن أن"، قد أجرت تجارب على هذه الأدوية، لكنها توقفت عن ذلك في شهر يونيو بعدما خلصت لجان توجيه التجارب في جميع أنحاء العالم إلى أنه سيكون من غير المريح، إن لم يكن من غير الأخلاقي أن يعطي الأطباء المرضى دواءً وهمياً في تجارب عشوائية.

وقال ديريك سي أنغوس، طبيب الرعاية الحرجة بجامعة بيتسبرغ "على الرغم من أن التجارب الفردية لم تكن حاسمة بالضرورة، لأنها لم تعمل على المدى الطويل إلا أن جميعها كانت تشير إلى الاتجاه الصحيح". وأضاف: "يبدو الأمر وكأنه أول جزء من الأخبار السارة المتسقة إلى حد ما، وغير المعقدة والمباشرة حول شيء ملموس يمكن القيام به للمرضى الأكثر تضرراً".

وتشير النتائج المماثلة في "ديكساميثازون" و"هيدروكورتيزون" إلى أن الكورتيكوستيرويدات مفيدة كفئة من الأدوية. قد تسمح هذه المرونة للمستشفيات بتجنب النقص في "ريميديسيفير"، وهو علاج مضاد للفيروسات التاجية.

وتوصي المعاهد الوطنية الأميركية للصحة بالعلاج باستخدام "ستيرويد ميثيل بريدنيزولون"، على سبيل المثال، إذا لم يتوفر "ديكساميثازون"، وقالت إنّ مجموعات العمل التابعة لها ستقترح تحديثات بناءً على نتائج الأبحاث الأخيرة.

الستيرويدات لا تهاجم الفيروس نفسه، وبدلاً من ذلك، فإنها تقلل من الاستجابة الدفاعية للجسم، والتي يمكن أن تتحول في حالات الإصابة بفيروس كورونا إلى التهاب خارج عن السيطرة.

في المملكة المتحدة، قال الرئيس التنفيذي لهيئة الخدمات الصحية الوطنية السير سيمون ستيفنز، بحسب ما أوردته هيئة البث البريطانية "بي بي سي": "تمامًا كما فعلنا مع الديكساميثازون، ستتخذ الخدمة الصحية الوطنية البريطانية NHS الآن إجراءات فورية لضمان أنّ المرضى الذين يمكنهم الاستفادة من العلاج بالهيدروكورتيزون يفعلون ذلك"، مضيفًا أنّ "سلاحًا آخر في مستودع الأسلحة في محاربة كوفيد 19 في جميع أنحاء العالم بات تقريباً جاهزاً".

المساهمون