هل ستحاور أميركا "داعش"؟

14 يونيو 2014
+ الخط -
لم يعد مشهد السياسة الأميركية في منطقتنا يُخفي شيئاً، فقد أصبح من الوضوح ما يقطع أية احتمالات، أو يتيح الفرصة لتعدد وجهات النظر، إيجاباً أو سلباً. على الرغم من الاختلافات، بين البطانة المحيطة بالرئيس الأميركي، باراك أوباما، بشأن الموقف من الثورة السورية، إلا أن الخط الغالب، المستمر، منذ بدء الثورة، هو الموقف الأوبامي الذي عبَر عنه مراراً في أغلب تصريحاته ذات الصلة، من ناحية عدم التدخل العسكري، ومجرد التعاطف مع المأساة الإنسانية السورية، وكأن سفيره يسرب الموقف قائلاً، إنهم يريدون تغيير رأس النظام من دون تغيير النظام، والتوصل، من أجل تحقيق ذلك، إلى توازن في القوى بين المعارضة المسلحة وقوة الأسد العسكرية.
بالطبع، في مقدمة المواقف الأميركية دوماً، مراعاة الأمن الإسرائيلي، وقد فسر بعضنا الأقوال السابقة بتفاؤل مبالغ فيه، فدخل في كهوف أوهام دعم أميركي، يحسم المسألة لصالح الثورة، معتمداً على تصريحات ذات سقف عالٍ، سواء من هيلاري كلينتون أو جون كيري، ممثلي السياسة الخارجية الأميركية، لكن بعضنا الآخر استوعب ما أرادته السياسة الأميركية، وقبل حدودها، وبات يأمل، حسب أضعف الاحتمالات، بتنفيذ ما قيل عن استحالة التجديد لرأس النظام، هذا إذا استمر في السلطة لنهاية ولايته التي كان مستبعداً استيفاؤها.
فوجئ كثيرون من متابعي السياسة الأميركية، سورياً وعالمياً، بتصريحات كيري، في  زيارته لبنان، فقد أوحت، أول مرة في تاريخ السياسة الأميركية، أنها لم تعد صانعة للأحداث، إنما تابعة ومتغيرة حسبما يخطط الآخرون ويصنعون، بل ما يفرضه الآخرون، في ساحة اعتاد العالم أن يحسبها، كإحدى أهم ساحات المصالح الأميركية.
كان السوريون ينتظرون بعد التصريحات الأميركية والأوروبية، بشأن انتخابات الأسد، وعدم شرعيتها واعتبارها مهزلة ديموقراطية ومسرحية فاشلة، أن تحاصر الإدارة الأميركية النظام السوري، سياسياً على أقل تقدير، فتعمل على إخراج  بشار الجعفري ممثل الأسد من الأمم المتحدة، بما أنه ممثل لرئيس غير شرعي، وإعطاء المقعد للمعارضة السورية، وأغلب الظن أن ذلك يسير، إذا ما عملت من خلال هيئة الأمم المتحدة متجنبة الفيتو الروسي في مجلس الأمن، أو تقوم بممارسات أخرى يعرفها خبراء القانون الدولي، ويتقنون مساربها، لكنَ، مع الأسف، ولد الجبل الأميركي فأراً شديد القتامة.
ما معنى أن يطلب كيري من إيران التي رفضت بيان مؤتمر جنيف1، وحزب الله، الذي تحارب قواته على الأرض السورية لتثبت حكم الأسد، أن يسهما في حل المسألة السورية. هل هو اعتراف بعجز السياسة الأميركية وانسحابها من المأساة السورية، أم هو وجه آخر للذرائعية الأميركية في فهم الوقائع، وقبول ما عملت سلطة الملالي من أجله، في سعيها إلى فرض واقع يستدعي القوى العظمى للاعتراف بها قوة وحيدة فعَالة في منطقة الشرق الأوسط، تلك السياسة التي لم تبذل الإدارة الأميركية الجهد الكافي لتغييرها.
قياساً على ما سارت عليه السياسة الأميركية، في معالجة الحالة السورية، بتسليمها فرض منطق القوة، فإن أي تنظيم يستطيع أن يفرض نفسه عبر ممارسة العنف المنفلت من عقاله، سيلقى تسليماً من الإدارة الأميركية. الشواهد على هذا النهج المستجد لدى الأميركيين عديدة، ألم يبدأوا الآن بحوار حركة طالبان، وها هم يطلبون من حزب الله المشاركة في حل المشكلة السورية، والعمل على الاستقرار في لبنان. استناداً لهذا التوجه، ليس مستبعداً أن نسمع دعوات أميركية، قريباً، إلى الحوار مع "داعش"، للمشاركة في حل المسألة العراقية السورية، ف "داعش" أيضاً تفرض نفسها بالطريقة نفسها التي فرض فيها حزب الله والإيرانيون الوقائع.
 
avata
avata
حذام زهور عدي (سورية)
حذام زهور عدي (سورية)