هل تنقذ الحكومة الأميركية العاملين في شركات الطيران؟

هل تنقذ الحكومة الأميركية العاملين في شركات الطيران؟

03 يوليو 2020
كورونا وشلل النقل يهددان الشركات بتدهور خطير (Getty)
+ الخط -

على الرغم من بدء الفتح الجزئي في الولايات المتحدة الأميركية، ودخول بعضها في مرحلته الثانية التي زادت من رحلات الطيران بين الولايات، وإلى بعض الجهات خارج الحدود الأميركية، لا يزال قطاع الطيران الأميركي يتحمل نصيبه من تبعات الجائحة، التي كبدت شركات الطيران خسائر بالمليارات، وعطلت الطائرات، وتسببت في اقتراب عشرات الآلاف من العاملين في القطاع من التسريح، وحرمت أضعاف هذا العدد من المكافآت الإضافية، التي لا يتم صرفها إلا مع الطيران.

والأسبوع الماضي، طالبت مجموعة من اتحادات العاملين في شركات الطيران المشرعين الأميركيين بالموافقة على تخصيص 32 ملياراً إضافية من الدعم الحكومي، لمدّ فترة تقديم المساعدات للعاملين بالقطاع حتى نهاية الربع الأول من العام المقبل. ويأتي طلب الاتحادات على الرغم من قيام الحكومة بتقديم إعانات لكل شركات الطيران الأميركية بمبلغ إجمالي مماثل خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، ضمن برنامج "المساعدات والإغاثة والأمن الاقتصادي الخاص بفيروس كورونا"، المعروف باسم CARES ACT، واشتراطها على الشركات المستفيدة منه الإبقاء على العمالة لديها حتى نهاية السنة المالية الحالية في آخر سبتمبر/أيلول المقبل. 

وبعد أن تم تسريح الآلاف في أعقاب حرب الخليج عام 1991، ثم الآلاف غيرهم في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001، من دون صرف تعويضات تذكر لمن فقدوا وظائفهم، جاء في الخطاب، الذي وقعته قيادات الاتحادات التي ترعى مصالح ما يقرب من سبعمائة وخمسين ألف عامل في القطاع، وتم إرساله لأعضاء الكونغرس أن "هذه أفضل وأسرع طريقة لإكمال خطوة الكونغرس التاريخية الخاصة بمساعدة العاملين في الصناعة، الذين يقف الكثير منهم في الصفوف الأولى في مواجهة الفيروس، على الاحتفاظ بوظائفهم".

ورغم حصول شركات الطيران الأميركية على الإعانات الخاصة بدفع رواتب العاملين، بالإضافة إلى ما يقرب من 25 مليار دولار أخرى للمساعدة في مواجهة انخفاض إيراداتها، وسحبها مليارات الدولارات من البنوك الأميركية في صورة قروض ميسرة، أكد رؤساء تلك الشركات أن احتمالات تسريح العمالة واردة خلال الربع الأخير من العام الحالي، رغم تأكيدها أنها لا تحتاج إلى المزيد من الإعانات الحكومية في الوقت الحالي. 

ويمثّل دخل العاملين في شركات الطيران الأميركية ما يقرب من 5% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وتهدّد الأزمة الحالية مئات الآلاف من العاملين بفقدان وظائفهم بحلول أكتوبر /تشرين الأول المقبل، أي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية بشهر واحد، في وقت اعتبر ستيف بانون، المفكر الاستراتيجي الأميركي الأول في زماننا هذا، والذي كان له الدور الأكبر في الوصول بالرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قبل ثلاثة أعوام ونصف، أن انتخابات العام الحالي سيكون خلق الوظائف هو مفتاح فوز ترامب فيها. 

ورغم تعهدها بعدم تسريح العمالة بعد حصولها على الإعانات الحكومية والقروض الميسرة، طالبت شركات الطيران الأميركية ما يقرب من مائة ألف عامل لديها من غير المسجلين بالاتحادات بالحصول على إجازات اختيارية بدون أجر لمدة 20 يوماً قابلة للتجديد. وخلال نفس الفترة، أخبر دوج باركر، الرئيس التنفيذي لشركة أميركان أيرلاينز، موظفيه أن عدداً كبيراً منهم لن يحصل إلا على الحد الأدنى للأجر في الساعة خلال الشهور القادمة.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، حصل أكثر من ربع العاملين في شركات الطيران الأربع الأكبر، أميركان أيرلاينز ويونايتد ودلتا وساوث ايست، على هذه "الإجازة الاختيارية"، إلا أن ذلك لم يمنع وصول خسائر شركات الطيران الأميركية خلال الربع الأول من العام لأكثر من 2 مليار دولار، مع وجود توقعات بزيادة خسائرها خلال الربع المنتهي هذا الأسبوع، كون الإعانات الحكومية لا تغطي أكثر من ثلثي تكلفة العمالة في تلك الشركات. والشهر الماضي، أعلنت يونايتد أن 20 ألف عامل، أي ما يقرب من 20% من القوى العاملة لديها، حصلوا على إجازات اختيارية، وأعلنت الشركة أنها ستعرض على العاملين فيها خطط المعاش المبكر. 

وفي لقاء مع شبكة "سي إن بي سي" الإخبارية هذا الشهر، توقعت هيلين بيكر، محللة شركات الطيران لدى شركة الخدمات المالية "كوين"، أن يتم تسريح من 95 ألفا إلى 105 آلاف عامل في شركات الطيران بسبب الأزمة الحالية

وتسببت جائحة كوفيد-19، وأوامر الإغلاق الكبير التي فرضتها الحكومة الأميركية، كما أغلب حكومات العالم، في تكبد شركات الطيران خسائر كبيرة، بعد أن تراجع الطلب على خدماتها لأدنى مستوى له في ما يقرب من نصف قرن. وقال رؤساء الشركات، الذين اعتبروا أن الأزمة الحالية فاقت أزمة حرب الخليج، وهجمات سبتمبر/ أيلول، والأزمة المالية العالمية في 2008 في آثارها السلبية، أن الإقبال على السفر لن يعود إلى مستويات 2019 قبل عامٍ من الآن، وفقاً لأكثر التقديرات تفاؤلاً.  

وقبل أسبوعين، قدّر اتحاد النقل الجوي الدولي، خسائر القطاع على مستوى العالم بما لا يقل عن 84 مليار دولار خلال العام الحالي، مؤكداً تراجع إيرادات الشركات بنسبة 50%، مقارنةً بالعام الماضي. وقال الاتحاد إن الخسائر لن تختفي العام القادم، وإن كانت توقعاته قد أشارت إلى تراجعها لأقل من 16 مليار دولار. وتراجعت إيرادات شركات الطيران الأميركية خلال أزمة الوباء الحالية بنسبة تجاوزت 90% من مستوياتها المعتادة لفترات تجاوزت الشهرين، في واحد من المواسم المرتفعة بالنسبة لرحلات السفر الجوي في الولايات المتحدة. 

المساهمون