هل تنتقل عدوى الاحتجاجات لدولة جنوب السودان؟

هل تنتقل عدوى الاحتجاجات لدولة جنوب السودان؟

16 مايو 2019
دعوات لتسيير مواكب احتجاجية ضد سلفاكير (فرانس برس)
+ الخط -
يعتزم دينق. ش (32 عاماً)، تلبية دعوات أطلقها شباب في دولة جنوب السودان لتسيير مواكب احتجاجية في مدن رئيسة عدة، للإطاحة بالرئيس سلفاكير ميارديت، بالتزامن مع ذكرى تأسيس الجيش الشعبي (القوة الرئيسة بالبلاد)، والتي تصادف اليوم في 16 مايو/أيار.

ويقول دينق، الذي طلب الاكتفاء بذكر اسمه الأوّل لدواعٍ أمنية، عبر تطبيق "واتساب"، لـ"العربي الجديد"، إنهم يأملون في استنساخ تجربة أقرانهم في الجارة الشمالية (السودان)، للتخلص من حليف البشير سلفاكير، نتيجة سياساته التي حوّلت البلاد لدولة فاشلة بامتياز، حسب تعبيره.

ويؤكّد دينق أنّ "جميع مقومات الثورة في جنوب السودان حاضرة، فالأحوال الاقتصادية متردية، والأوضاع الأمنية شديدة الهشاشة، والحريات منعدمة، وسلفاكير ما يزال يلعب كروت القبلية، والترهيب والترغيب للحفاظ على كرسيه".

وصوّت أكثر من 98 في المائة من الجنوبيين لصالح الانفصال عن السودان، في استفتاء لتقرير المصير عام 2011.

وبعد انهيارات عدة للمفاوضات، وقع سلفاكير وخصومه في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، على اتفاق سلام رعته الهيئة الحكومية للتنمية "إيغاد"، ويؤمل أن يطفئ شرارة الاحتراب التي اندلعت بعد أشهر من استقلال الجنوب. وقضى عشرات الآلاف من أبناء جنوب السودان في الصراع الدموي المرير بين سلفاكير ونائبه رياك مشار.

ويشير دينق إلى أنّ "الموكب الاحتجاجي المقرر اليوم قد يجري قمعه بقسوة، وقد يكون عدد المشاركين فيه بسيطاً، لكن ذلك سيمهّد لوضع أولى لبنات الوعي في الطريق، لقيام دولة ديمقراطية متنوعة"، مضيفاً "هناك حملة ملاحقات واسعة للشباب، وهذا دليل على حالة الخوف التي تعتري الجنرال"، في إشارة إلى سلفاكير.

وكان وزير الإعلام في جنوب السودان، المتحدث الرسمي باسم الحكومة، مايكل مكواي، حذَّر الشباب من محاولة استنساخ التجربة السودانية، مشدداً على أنّ التغيير لن يتم إلا عبر صناديق الاقتراع. وقال في لهجة مبطنة بالتهديد في تصريحات سابقة له، إنّ على الشباب تحمل العواقب في حال قرروا الخروج.

من جهته، يقلل استيفن لوال، نائب المتحدث باسم تحالف المعارضة في جنوب السودان "سوا"، من الدعوات الشبابية للتظاهر، وذلك للتمايز الواضح في الظروف بين الشمال والجنوب. ويقول استيفن في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الأوضاع في جنوب السودان بعد التوقيع على اتفاق السلام مستقرة، ولن تسمح الدولة ولا الشعب بجرّ البلاد مجدداً إلى مربع العنف وعدم الاستقرار، عبر الاستجابة إلى دعوات غير واقعية".

لكنّ أستاذ العلوم السياسية البروفيسور المعتصم أحمد الحاج، يجزم بأنّ "فكّ الارتباط بين دولتي السودان غير ممكن برغم وقوع الانفصال". ويقول في حديث مع "العربي الجديد": "في حال عطست الخرطوم، فقد تصاب جوبا بالزكام، والعكس صحيح".

غير أنّ الحاج يعبّر عن خشيته من تفسير دعوات الشباب للإطاحة بسلفاكير بأنها معاداة لقبيلة "الدينكا" التي ينتمي إليها الأخير، ما قد يخلق اصطفافات قبلية، ربما تعيد الجنوب إلى مربع الحرب القبلية مجدداً. وكان الصراع بين سلفاكير ومشار، اتخذ طابعاً قبلياً، الأمر الذي ساهم في وقوع مجازر بين قبيلتي "الدينكا" و"النوير"، التي ينتمي إليها نائب الرئيس.

إلى ذلك، يشير جون أروب، وهو محلل سياسي جنوب سوداني ومقيم في السودان، إلى أنّ "محاولات وأد تحركات الشباب في جنوب السودان باستخدام فزاعات تهديد اتفاق السلام ما يمهّد لعودة الاقتتال، إنما تحمل في طياتها روحاً وصائية من قبل أمراء الحرب، سواء في السلطة أو قريباً منها". ويقول أروب في حديث مع "العربي الجديد"، مقتبساً: "نحن العائدين للتو من الجحيم، هل يخيفنا لهب شمعة". ويلفت إلى أنّ "مواكب 16 مايو، تستهدف الإطاحة بجميع من دمروا الجنوب، وساهموا في تفشي القبلية والفساد، لصالح قيام دولة مؤسسات تحترم التنوع ولها القدرة على إعمار الجنوب باستغلال موارده الكبيرة". وعن اختيارهم تاريخاً يتزامن مع احتفالات تأسيس الجيش الشعبي، يوضح أروب: "هذه بمثابة رسالة للجيش الشعبي الذي قاد مسيرة التحرير سابقاً حتى ينحاز لتطلعات الشباب القومية على حساب حماية الفرد والروح القبلية الضيقة".