هل تسببت الـ"هايكا" في سجن الإعلامي توفيق بن بريك؟
خلف سجن الإعلامي التونسي توفيق بن بريك جدلاً كبيراً في تونس، وحالة من الغضب والخوف على واقع الحريات في هذا البلد. خوف عبرت عنه النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين في بيان أصدرته نهاية الأسبوع، أكدت فيه أن سجن توفيق بن بريك يعتبر فضيحة قضائية. ورأت أن الحكم بسجنه سنة مع التنفيذ العاجل يأتي في سياق "تنامي الاتهامات للقضاء بالانحياز والارتهان لسلطة بارونات المال والسياسة"، وهو ما من شأنه "أن يضرب في العمق ثقة الرأي العام في السلطة القضائية التي من المفروض أن تكون ضامنة للحقوق والحريات وحامية لمسار الانتقال الديمقراطي في تونس".
ودعت النقابة المجلس الأعلى للقضاء للتدخل العاجل للتحقيق في هذه الفضيحة القضائيّة و"تعديل أوتار سلطة قضائية ينتظر منها الكثير لإنجاح استحقاقات الثورة التونسية". كما لفتت النقابة إلى أنّ المدونات القانونية لكل البلدان الديمقراطية تتفق أنه يُسمح في النقاش العام، المتعلق بشخصيات عامة في المجال السياسي والمؤسسات العامة، بكل أشكال التعبير غير المقيد، وهو ما لم يراعه الحكم الصادر في حقّ بن بريك.
جمعية القضاة التونسيين لم تقف صامتة أمام الهجوم عليها. إذ أكدت في بيان لها على احترام القضاء التونسي ودعمه لحرية التعبير والإعلام والصحافة باعتبارها من المقومات الأساسية للنظام الديمقراطي. لكنها في المقابل حملت المسؤولية إلى الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، معتبرة أن القضاء استجاب، وفقاً لما ينص عليه القانون، إلى الشكاوى التى رفعتها الهايكا ضد توفيق بن بريك. وذكّرت الجمعية الرأي العام التونسي بمسار القضية، مشيرة إلى أن ملاحقة بن بريك تمّت بعد تكرار خطاب خطير على قناة نسمة، فيه "تحريض على العنف وحمل السلاح"، وغيرها من التهم التي عاينتها النيابة العمومية مباشرة، كما رصدتها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري في ثلاث استمارات متعلقة بثلاث حلقات، ووجهت فيها تقريراً مفصلاً للنيابة العمومية.
وجاء في بلاغ الهايكا أنها "أحالت إلى وكيل الجمهورية في المحكمة الابتدائية ببن عروس تقريراً يتعلق بخروقات جسيمة تمّ رصدها على القناة الخاصة غير الحاصلة على إجازة (نسمة)، تتضمن بث خطابات تدعو للعنف والتحريض على الكراهية وحمل السلاح بما يهدد السلم الاجتماعي في وضع عام يشوبه التوتر"، علاوة على ما تم بثه من عبارات سب وشتم وقذف وإهانة فيها مس باعتبار وسمعة أشخاص وهيئات ومؤسسات رسمية .
بيان جمعية القضاة التونسيين وضع الهايكا والأطراف المساندة، مثل النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، في حرج كبير، خاصة أنها كانت من أكثر الأطراف مطالبة بعدم تجريم العمل الإعلامي ومحاكمة الصحافيين، إلا وفق النصوص القانونية التى تنظم العمل الإعلامي في تونس، وهي المرسومان 115 و116 اللذان ينصان في حالة توفيق بن بريك على معاقبته بخطية مالية تقدر بألفي دينار تونس ( حوالي 750 دولارا أميركيا ) من دون إنزال أي عقوبات سالبة للحرية على المعني بالأمر.
يذكر أن توفيق بن بريك قام، في شهر تشرين الأول/أكتوبر2019، بالهجوم في برامج تلفزيونية تبث على قناة " نسمة تي في " على القضاء وعلى الهايكا، بسبب ما اعتبره ظلما للمرشح الرئاسي حينها وواحد من مالكي قناة نسمة نبيل القروي، الذى تمّ إيداعه السجن بتهم الفساد والتهرب الضريبي وتبييض الأموال .
