هل اغتالوا الربيع؟

هل اغتالوا الربيع؟

03 ديسمبر 2014
+ الخط -

الحكم الصّادر ببراءة المخلوع، حسني مبارك، نقطة إضافية تحسب لمعسكر الثّورة المضادة، في جولة جديدة من جولات الرّبيع العربي، فهل يكون بمثابة طلقة الاغتيال الأخيرة؟ وهل تكون أبعاد الحكم في صالح هذا المعسكر؟ ماذا عن ردّات فعل الشّارع؟ هل حسبوها جيّدا؟

يرى بعضهم أن موجة الثّورة المضادة، في مصر، بلغت أوارها، بهذا الحكم. لكن، ما ينبغي فهمه أن المعركة بين المعسكرَين ليست محصورة في قطر معين. صحيح أنّ مصر تمثّل حجر الزّاوية، في معركة الرّبيع العربي، لكنّ ذلك لا يعني حال تعثّر الثورة هناك، عودة الزّمن القديم، حيث ثقافة الأوصياء، فالشّعوب ذاقت طعم الانعتاق، بعد سنيّ الاستعباد، في ظل الأبويّة المقدّسة. حتى تلك الأنظمة التي لم يصلها الرّبيع بعد، أضحت في الذّهنيّة العربيّة، اليوم، جزءا من الماضي.

مسرح الرّبيع العربي لا زالت تتدافعه المشاهد، وبلدانه تتأثّر ببعضها، فربّما يتبادر للنّاظر، أنّ معسكر الثّورة المضادة، أنجز، وانتصر، بصدور الحكم الأخير. تلك نظرة صحيحة؛ لو بترنا أجزاء المشاهد، عن سياقاتها؛ فمعسكر الثّورة المضادّة، يحاول تأبيد سيطرته على الشعوب، من خلال العقبات التي يصنعها، والأزمات التي يشعلها. ربّما تؤخّر تلك الممارسات، وصول البديل، الذي تنشده الشّعوب، كما كل بلدان الربيع التي نهضت، ولمّا تحصل على مرادها بعد، لكنّها أوهن من أن تلغيه.

وقد قيل: أن لكلّ ثورة جهادان، جهاد أصغر، يتمثّل في إسقاط النّظم الفاسدة، وجهاد أكبر، يتمثّل في إحلال البديل الجديد، الذي تطمح إليه الشّعوب، حال بلورته. ويبدو أنّا لا زلنا في مرحلة الجهاد الأصغر، إنْ في مصر، أو غيرها، على الرّغم من مرور كل هذه السّنوات!

هذا يمثّل تحدّيا كبيراً، ومن المعيب أن تقف تلك الشعوب على عتبة طريق التّحرر الذي بدأته، جرّاء عدم تحمّل الثّمن. فإن أرادت أن تحصل على ما تطمح إليه، فهي مطالبة بإكمال طريق النّضال، والصّبر عليه. مع معرفة مدى حاجتها مراجعة خطواتها، والتعلّم من أخطائها، وتصحيح المسار، بين فترة وأخرى.

زمن المعركة بين المعسكرين طويل، وبلدان الربيع العربي مرشّحة لمزيد من التّدافع، حتّى تتمايز الصفوف. ومع أننا لا نعرف كيف ستكون نهاية المشهد، على وجه الدّقة، فإنّ الظّاهر، أنه لن يكون في صالح النّظم القديمة، ولو تطلّب ذلك بعض الوقت.

avata
avata
أنس بن سامي (السعودية)
أنس بن سامي (السعودية)