هل استوعبت إيران درس العقوبات القاسي؟

هل استوعبت إيران درس العقوبات القاسي؟

19 يناير 2016
البطالة من أهم التحديات التي تواجهها إيران حاليا (Getty)
+ الخط -
أمس الاثنين كانت إيران محط اهتمام المستثمرين الدوليين وحديث الأسواق العالمية، خاصة أسواق النفط التي واصلت التراجع الحاد، لتهبط الأسعار بها إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2003، وزادت حدة تراجع الأسعار عقب إعلان نائب وزير النفط الإيراني، ركن الدين جوادي، أن حكومته أمرت بزيادة إنتاج البلاد النفطي 500 ألف برميل يومياً، لتطبق بذلك سياستها المتمثلة في تعزيز الإنتاج، عقب رفع العقوبات الدولية عنها.

وبات الجميع يخطب ود طهران، فوزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أعلن أن بلاده ستعيد إلى إيران 1.7 مليار دولار، وسمحت وزارة الخزانة الأميركية لفروع الشركات الأميركية في الخارج بالتعامل مع إيران.

وأعلن 15 مسؤولا أوروبيا عزمهم زيارة إيران الشهر القادم، لتعزيز علاقات الطاقة، خاصة في مشروعات النفط والغاز، وقالت المفوضية الأوروبية إنها سترسل أول "بعثة تقييم فني" لبحث العلاقات مع إيران في قطاع الطاقة، بل إن مدراء شركات نفط أوروبية كبرى أعلنوا، أمس، أن رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران سيساعد أوروبا على تنويع إمداداتها من الطاقة، وبالتالي فإن القارة قد لا تكون في حاجة إلى غاز روسيا مثلا، ومن بين هؤلاء كلاوديو ديسكالزي الرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية للنفط والغاز.

وأعلنت ألمانيا على لسان وزير اقتصادها، سيغمار جابرييل، أنها تتوقع أن تشهد صادراتها إلى إيران زيادة كبيرة، وذلك بعد رفع العقوبات الغربية، وتوقعت غرفة التجارة والصناعة الألمانية أن تتضاعف الصادرات إلى إيران إلى 5 مليارات يورو (5.5 مليارات دولار) في الأعوام القادمة، وأن تصل إلى مثلي هذا الرقم على الأجل الطويل.

ومع التدافع الدولي نحو خطب ود طهران وكسب رضاها، بدأ البعض يرسم سيناريوهات عدة لما يمكن أن تفعله إيران في المنطقة عقب رفع العقوبات الذي تم بالفعل يوم السبت الماضي، بل إن هؤلاء راحوا يتصورون خطأ أن إيران بات لديها القوة المالية واليد الطولى لتمرح في المنطقة ولتفعل في أسواق النفط ما تشاء.

وطرح هؤلاء سيناريوهات مزعجة، منها مثلا أن إيران ستغرق الأسواق الدولية بالنفط، كما جرى من بعض الدول المنتجة الرئيسية للنفط في العامين 1991 و2014، وأنها ستستقطب الاستثمارات المتجهة لدول المنطقة، خاصة في قطاعات تنافس عليها دول الخليج مثل النفط والطاقة.

من الخطأ تصور أن إيران تمتلك لوحدها القوة التي تجعلها اللاعب الوحيد في المنطقة، وأنها القادرة وحدها على التلاعب بسوق النفط واقتصاد المنطقة، أو أن شبابها العاطل سيترك لحكومة طهران إنفاق مليارات الدولارات على أطماع إقليمية لا طائل من ورائها سوى إشعال المزيد من الخلافات داخل المنطقة، أو أن اقتصادها المنهك سيسمح لحكومة حسن روحاني بمواصلة منح بشار الأسد المليارات لقتل السوريين، أو توجيه مزيد من الأموال لدعم الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان.

ومن الخطأ أيضاً أن يتصور قادة إيران أن الانفتاح الاستثماري والتدفق المالي المتوقع على البلاد سيجعلها أكثر قدرة على تحمل هبوط أسعار النفط، وبالتالي السماح لها بإغراق الأسواق، عبر إنتاج 4 ملايين برميل يوميا، لأنه حتى لو أرادت أن تضر نفسها وتعاند شعبها فإن حلفاءها، خاصة روسيا، لن يسمحوا لها بذلك، لأن الاقتصاد الروسي بات في مرحلة حرجة وفي حاجة لمزيد من النقد الأجنبي.

على إيران أن تستوعب جيداً درس 13 عاما من العقوبات الغربية، وأن تمارس سلوك الدول، وأن تحترم القانون الدولي، ولا تتدخل في شؤون جيرانها الداخلية، وأن ترفع يدها ووصايتها عن العراق وسورية واليمن ولبنان، وأن تدرك أن شبابها الذي صبر سنوات على العقوبات الغربية، خاصة المفروضة من الشيطان الأكبر، لن يصبر على اهدار ثروات البلاد في مغامرات جديدة.

اقرأ أيضا: إيران بلا عقوبات: فرص تصطدم بتحديات