هل أوقفت إسبانيا العاهل المغربي في مياه سبتة؟

30 اغسطس 2014
+ الخط -


في عملية غير مسبوقة، والأسئلة حول أهدافها ما زالت تتناسل، أقدمت دورية من الحرس المدني الإسباني يوم السابع من أغسطس/آب الجاري، على إيقاف العاهل المغربي محمد السادس، وهو على متن زورق سريع في مياه مدينة سبتة المغربية، وطالبته بالكشف عن أوراق الهوية وبطاقة الزورق، في تعدٍ سافرٍ على الحرمة الملكية. وسارع الملك إلى الاتصال بنظيره الإسباني، الذي أحال الأمر على وزير الداخلية، والذي بعث ضابطاً برتبة متواضعة لتقديم الاعتذار للعاهل المغربي، عوض مسؤول كبير في الدولة، كما تقتضي الأعراف في حالات كهذه.

الرواية أعلاه، هي الوحيدة المتداولة، وأوردتها صحيفة "ألموندو" الإسبانية في موقعها الإلكتروني، يوم  25 أغسطس/آب، أي بعد نحو أسبوعين من وقوع الحادثة إن صح حدوثها، والصحيفة الإسبانية تعتبر الثانية في بلادها بعد "الباييس"، من حيث المبيعات والانتشار، ومعروف قربها من الحزب الشعبي اليميني الذي يتبنى سياسة عدوانية متشددة، وتعبر عن شريحة معتبرة من كبرى مؤسسات الدولة الإسبانية، والتي دافعت عن سياسة حكومات اليمين المتعاقبة، والجميع يتذكر كيف عالجت هذه الجريدة ملفات مشتركة عديدة بين المغرب وإسبانيا، ولعل أبرزها قضايا المخدرات والهجرة السرية. هذا بالإضافة إلى أزمة "جزيرة ليلى"، حيث هاجمت "ألموندو" المغرب بشكل غير مسبوق، وعبرت، بوضوح، عن مواقف خوسيه ماريا أثنار رئيس الوزراء الإسباني في حينه، والذي يعتبر من القادة الإسبان المعادين للمغرب، والمنظر البارز لسياسة المواجهة مع الجار الجنوبي.

الغريب بحسب الرواية المتاحة أن الدورية الإسبانية لم تكن على علم بوجود العاهل المغربي في المنطقة، فبادرت إلى إيقاف زورقه، هل يمكننا أن نصدق هذه القصة؟ طبعا لا. فكيف لنا أن نثق، ونحن نعرف أن أكبر عدد من العناصر الأمنية والمخابراتية المدربة موجودة في شمال المغرب، وتعرف كل صغيرة وكبيرة وكل معلومة أياً كان حجمها، وكيف لنا أن نثق، ونحن نعرف حجم ومستوى آليات المراقبة المتقدمة جداً المستعملة في مياه المنطقة؟

هذا فضلاً عن مظاهر الأبهة والعظمة المحيطة بالملك، ونوعية اليخت الذي يركبه ينم عن زائر غير عادي، هذا إذا سلمنا أن السلطة في المغرب لم تخبر نظيرتها الإسبانية بإبحار الملك في مياه مدينة سبتة المغربية من جهة، وأن الأجهزة الأمنية للجارة الشمالية لم تكن تتوفر على هذه المعلومة من جهة ثانية. أمام هذه المعطيات، هل تعمدت السلطة الإسبانية الإساءة إلى الوقار الملكي المغربي؟ هذا إن كانت الرواية المقدمة من الصحيفة المذكورة هي الحقيقية.

وتقول الفقرة الأولى من الفصل 42 من الوثيقة الدستورية "الملك رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة". وهنا، نسأل متى سيتواصل الديوان الملكي مع الصحافة المغربية، بجميع تلاوينها، بشكل حديث وسريع؟ ومتى سيعود الاعتبار إلى الصحافة الوطنية؟ ومتى سيفهم صناع القرار في المغرب أهمية الإعلام الوطني ودوره، وتعطى له الأولوية في المعلومة التي أصبح يبحث عنها في الصحافة الأجنبية؟ وأتذكر هنا ما قاله الراحل المهدي المنجرة في محاضرة في طنجة ذات رمضان، أنه سافر مباشرة لفرنسا بعد عودته من اليابان، فقيل له لِمَ؟ قال لأعرف ما الذي يجري في بلدي؟

B353BFBB-B4B3-4844-95C6-E9A6E882BB12
B353BFBB-B4B3-4844-95C6-E9A6E882BB12
عبد الله أفتات (المغرب)
عبد الله أفتات (المغرب)