15 سبتمبر 2021
هذه الضجة في مصر
هذه الضجة في مصر
"تيران" و"صنافير" من الجو في 14 يناير 2014 (الأناضول)
أستغرب هذه الضجة في مصر على ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، وإنشاء جسر يربط بين البلدين، يمكّن مصر من الوصول براً إلى الجزء الآسيوي من العالم العربي. والجسر أحد المشاريع العربية التي اعتمدت في مؤتمر القمة العربية في سرت في ليبيا في العام 2010، ومؤداه مد خطوط السكك الحديدية والبرية بين الدول العربية، لتسهيل التواصل بينها، اقتصادياً وبشرياً وعسكرياً. وفي تقديري، سيكون هذا المشروع إذا تم إضافةً لدول المثلث العربي، مصر والأردن والسعودية، في المديين، المنظور والبعيد.
(2)
لن نغوص في التاريخ، بحثاً في تنازع السيادة على جزيرتي صنافير وتيران بين السعودية ومصر، فذلك، في تقدير الكاتب، مضيعة للوقت. لكن، لا بد من الإشارة إلى أن حاكم مصر محمد علي باشا (1805ــ 1848) حكم بلاد الشام والكويت أكثر من ثلاث سنوات، ووصلت قواته إلى الدرعية، عاصمة الدولة السعودية الأولى، وتشير كل الخرائط الجغرافية في ذلك الزمان إلى السيادة المصرية على هذه المناطق، فهل يحق لمصر اليوم أن تصرّ على السيادة على تلك الجزر موضع البحث، بحجة أنها كانت تحت إدارتها منذ 1950؟ تظهر مراجع جغرافية في خريطة مصر والسودان في عام 1895 الجزيرتين بلون الجزيرة العربية، والتي هي اليوم المملكة العربية السعودية، بخلاف لون جغرافية مصر والسودان.
لا جدال في أن الجزيرتين سعوديتان، بحكم الجغرافيا والتاريخ، فهما تاريخياً تابعتان لإمارة تبوك. وقد كانت المنطقة تحت حكم دولة الأشراف في الحجاز التي انتهت سيادتها في الحجاز لصالح الدولة السعودية، وسجلت هذه الجزر ضمن جغرافية المملكة السعودية لدى الأمم المتحدة.
(3)
احتلت إسرائيل عام 1949 أم الرشراش الفلسطينية بقيادة إسحاق رابين، وبنت عليها مدينةً وميناءً أطلق عليه ميناء إيلات، وأقامت فيها مطاراً وقاعدة عسكرية، ما أدى بالملك عبد العزيز آل سعود، عام 1950، إلى الطلب من ملك مصر في حينه، فاروق، أن تكون هذه الجزر تحت الحماية المصرية، تخوفاً من الاعتداء الإسرائيلي على تلك المناطق. وكانت الدولة السعودية في طور التكوين، ليس لديها قوات بحرية ولا جوية، تستطيع الدفاع عن الجزر في حالة عدوان إسرائيلي عليها. أبلغت القاهرة والرياض بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، بأنهما، وبصفتهما الدولتين اللتين تسيطران على جانبي مدخل خليج العقبة، اتفقتا على وجود القوات المصرية في الجزيرتين. وبناءً عليه، على أي سفنٍ تريد العبور عبر مضيق تيران أن تُخطر السلطات المصرية بذلك.
(4)
تثور التساؤلات: لماذا تثير السعودية مسألة الحدود البحرية مع مصر اليوم؟ ولماذا صمتت عنها حقباً؟ يرد المتابعون للمسألة بأن ملوك السعودية لم يتركوا مناسبة، منذ فيصل، مروراً بخالد وفهد، وأخيراً سلمان، إلا وجاؤوا على مناقشة أمر تلك الجزر. وعقب توقيعه على اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، وجاء ذكر الجزيرتين، اعترض الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات، وقال "لا، يا عم، الجزر دول مش بتاعنا، دول تبع أرض الحجاز"، ورفض ضمهما إلى الاتفاقية.
بعثت السعودية في 1975 رسالة للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في الرياض، وإلى الأمين العام للأمم المتحدة، تنبئهم فيها بأن جزيرتي تيران وصنافير أراضٍ سعودية. وتفيد التقارير الدبلوماسية بأنه لم تنقطع المراسلات بين وزارتي الخارجية، السعودية والمصرية، لتثبيت الحقوق السعودية في السيادة على تلك الجزر المهمة.
(5)
يعتقد الكاتب أن الضجة في مصر ليست بسبب ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين المصرية والسعودية، وإنما الأسباب داخلية، تتعلّق بنظام الحكم في مصر الذي فشل في تحقيق أي إنجاز لصالح الشعب المصري، وكانت قضية الجزر السعودية القشة التي قصمت ظهر البعير. في الخامس عشر من إبريل/ نيسان الجاري، خرجت مسيراتٌ ضخمة في شوارع مدنٍ مصرية تندّد بالنظام السياسي القائم، وردّدت عبارة "الشعب يريد إسقاط النظام"، فالأمر ليس متعلقاً بأمر الجزر إطلاقاً، لكن النظام وطابوره من الإعلاميين والمرتزقة يحاولون تحويل أنظار الرأي العام المصري والعربي والدولي عن المأزق السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه نظام المشير عبد الفتاح السيسي، والذي فشل في تحقيق أي إنجاز على المستويين، الداخلي والخارجي، على الرغم من الأموال الخليجية التي انصبّت على نظامه (زي الرز)، وبلغت أكثر من أربعين مليار دولار، لم يكن لها أثر في حياة الشعب المصري. وخارجياً، لم يحظ برضا أميركا والمجتمع الأوروبي، كما أن روسيا، على الرغم من التقارب معها، إلا أنها فاقدة الثقة في مستقبل العلاقات، في ظل النظام القائم. وعربياً حدّث ولا حرج.
آخر القول: الجزيرتان سعوديتان، على الرغم من الضجيج، ولن تُستقطعا من أرض المملكة تحت أي ظرفٍ كان.
(2)
لن نغوص في التاريخ، بحثاً في تنازع السيادة على جزيرتي صنافير وتيران بين السعودية ومصر، فذلك، في تقدير الكاتب، مضيعة للوقت. لكن، لا بد من الإشارة إلى أن حاكم مصر محمد علي باشا (1805ــ 1848) حكم بلاد الشام والكويت أكثر من ثلاث سنوات، ووصلت قواته إلى الدرعية، عاصمة الدولة السعودية الأولى، وتشير كل الخرائط الجغرافية في ذلك الزمان إلى السيادة المصرية على هذه المناطق، فهل يحق لمصر اليوم أن تصرّ على السيادة على تلك الجزر موضع البحث، بحجة أنها كانت تحت إدارتها منذ 1950؟ تظهر مراجع جغرافية في خريطة مصر والسودان في عام 1895 الجزيرتين بلون الجزيرة العربية، والتي هي اليوم المملكة العربية السعودية، بخلاف لون جغرافية مصر والسودان.
لا جدال في أن الجزيرتين سعوديتان، بحكم الجغرافيا والتاريخ، فهما تاريخياً تابعتان لإمارة تبوك. وقد كانت المنطقة تحت حكم دولة الأشراف في الحجاز التي انتهت سيادتها في الحجاز لصالح الدولة السعودية، وسجلت هذه الجزر ضمن جغرافية المملكة السعودية لدى الأمم المتحدة.
(3)
احتلت إسرائيل عام 1949 أم الرشراش الفلسطينية بقيادة إسحاق رابين، وبنت عليها مدينةً وميناءً أطلق عليه ميناء إيلات، وأقامت فيها مطاراً وقاعدة عسكرية، ما أدى بالملك عبد العزيز آل سعود، عام 1950، إلى الطلب من ملك مصر في حينه، فاروق، أن تكون هذه الجزر تحت الحماية المصرية، تخوفاً من الاعتداء الإسرائيلي على تلك المناطق. وكانت الدولة السعودية في طور التكوين، ليس لديها قوات بحرية ولا جوية، تستطيع الدفاع عن الجزر في حالة عدوان إسرائيلي عليها. أبلغت القاهرة والرياض بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، بأنهما، وبصفتهما الدولتين اللتين تسيطران على جانبي مدخل خليج العقبة، اتفقتا على وجود القوات المصرية في الجزيرتين. وبناءً عليه، على أي سفنٍ تريد العبور عبر مضيق تيران أن تُخطر السلطات المصرية بذلك.
(4)
تثور التساؤلات: لماذا تثير السعودية مسألة الحدود البحرية مع مصر اليوم؟ ولماذا صمتت عنها حقباً؟ يرد المتابعون للمسألة بأن ملوك السعودية لم يتركوا مناسبة، منذ فيصل، مروراً بخالد وفهد، وأخيراً سلمان، إلا وجاؤوا على مناقشة أمر تلك الجزر. وعقب توقيعه على اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، وجاء ذكر الجزيرتين، اعترض الرئيس المصري الأسبق، أنور السادات، وقال "لا، يا عم، الجزر دول مش بتاعنا، دول تبع أرض الحجاز"، ورفض ضمهما إلى الاتفاقية.
بعثت السعودية في 1975 رسالة للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في الرياض، وإلى الأمين العام للأمم المتحدة، تنبئهم فيها بأن جزيرتي تيران وصنافير أراضٍ سعودية. وتفيد التقارير الدبلوماسية بأنه لم تنقطع المراسلات بين وزارتي الخارجية، السعودية والمصرية، لتثبيت الحقوق السعودية في السيادة على تلك الجزر المهمة.
(5)
يعتقد الكاتب أن الضجة في مصر ليست بسبب ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين المصرية والسعودية، وإنما الأسباب داخلية، تتعلّق بنظام الحكم في مصر الذي فشل في تحقيق أي إنجاز لصالح الشعب المصري، وكانت قضية الجزر السعودية القشة التي قصمت ظهر البعير. في الخامس عشر من إبريل/ نيسان الجاري، خرجت مسيراتٌ ضخمة في شوارع مدنٍ مصرية تندّد بالنظام السياسي القائم، وردّدت عبارة "الشعب يريد إسقاط النظام"، فالأمر ليس متعلقاً بأمر الجزر إطلاقاً، لكن النظام وطابوره من الإعلاميين والمرتزقة يحاولون تحويل أنظار الرأي العام المصري والعربي والدولي عن المأزق السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه نظام المشير عبد الفتاح السيسي، والذي فشل في تحقيق أي إنجاز على المستويين، الداخلي والخارجي، على الرغم من الأموال الخليجية التي انصبّت على نظامه (زي الرز)، وبلغت أكثر من أربعين مليار دولار، لم يكن لها أثر في حياة الشعب المصري. وخارجياً، لم يحظ برضا أميركا والمجتمع الأوروبي، كما أن روسيا، على الرغم من التقارب معها، إلا أنها فاقدة الثقة في مستقبل العلاقات، في ظل النظام القائم. وعربياً حدّث ولا حرج.
آخر القول: الجزيرتان سعوديتان، على الرغم من الضجيج، ولن تُستقطعا من أرض المملكة تحت أي ظرفٍ كان.