في ظل تعهد السلطات السودانية بفتح صفحة جديدة مع المعارضين السياسيين، وإصدار الرئيس، عمر البشير، الثلاثاء الماضي، قراراً جمهورياً بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في البلاد، جاء العفو الرئاسي ليكشف جملة مفارقات، يرصد "العربي الجديد" خمساً منها تظل بارزة جداً.
اللواء عبد الغفار الشريف
في يناير/ كانون الثاني الماضي، وقع اللواء أمن عبد الغفار الشريف، بصفته مدير الإدارة السياسية بجهاز الأمن والمخابرات السوداني، استمارة لاعتقال مجموعة من قيادات الأحزاب السياسية، على خلفية التظاهرات الشعبية التي نظمتها المعارضة ضد غلاء الأسعار.
لم تمض أيام، حتى تم تعيين الفريق صلاح عبدالله قوش، مديراً لجهاز الأمن، فكان من ضمن قراراته الأولى، قرار بإحالة عدد من ضباط جهاز الأمن إلى التقاعد، كان بينهم الشريف. ولم يتوقف الأمر عند حد إعفائه، واستلام مستحقاته المالية لنهاية الخدمة، بل مضى أبعد من ذلك، حينما أصدر قوش قراراً باعتقال الشريف، في إطار حملة قالت الحكومة السودانية إنها في سياق محاربة الفساد أو "القطط السمان" كمسمى جديد.
ومن داخل سجن كوبر القومي، التقى الشريف، برفقائه الجدد أو بالأحرى "معتقليه"، وعاش معهم حياة المعتقل. وحينما أصدر الرئيس السوداني قراره الأخير بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، غادر قادة الأحزاب السجن، غير أنهم تركوا "سجانهم" في مصير مجهول.
المعتقلون السياسيون
تلك القصة لا تبدو القصة الوحيدة في مفارقات حملة الاعتقالات التي افتتحت بها الحكومة السودانية السنة الجديدة، فغيرها كثير. ففي فبراير/ شباط الماضي، قاد مساعد رئيس الجمهورية، اللواء عبدالرحمن الصادق المهدي، مساعيَ لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ونجح في ذلك. وحضر إلى السجن ليشرف بنفسه على الإجراءات، وبعد أن اكتملت احتضن شقيقه، الصديق، الذي أمضى عدة أسابيع، في المعتقل، في وقت كان فيه، شقيقه الأكبر، يمارس صلاحياته مساعداً للرئيس.
سجن كوبر القومي
وفي اليوم ذاته، تجمعت أسر المعتقلين أمام باحة سجن كوبر القومي، ومن بين تلك الأسر، وقفت أمينة المرأة بحزب "المؤتمر الوطني" الحاكم، قمر هباني، وهي تطلق العنان لزغاريدها المتواصلة، ابتهاجاً بإطلاق سراح شقيقتها، أمل، الصحافية والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة والتي تُعارض بشراسة الحكومة، وحزب شقيقتها، حتى باتت صديقة للمعتقلات والسجون.
أسرة الدقير
أما أسرة يوسف الدقير، والتي شغل في وقت سابق ابنها جلال، منصب مساعد رئيس الجمهورية، ويشغل حالياً ابنها الأصغر محمد، منصب وزير الإعلام في حكومة ولاية الخرطوم، فقد انتظرت مع تلك الأسر، حتى يتم إطلاق سراح شقيقهما عمر، رئيس حزب "المؤتمر السوداني" المعارض. وفي تلك الليلة، أصيبت بخيبة أمل، لأن الأخير لم يكن في قائمة الأشخاص المفرج عنهم، غير أنه أطلق سراحه لاحقاً.
الفريق قوش
أما المفارقة الكبرى، فهي لمدير جهاز الأمن الحالي نفسه، الفريق قوش؛ فقبل نحو 4 سنوات، اعتقل في الأمكنة ذاتها التي يعتقل فيها خصوم الحكومة حالياً، وذلك بعد اتهامه مع آخرين بالتورط في محاولة للإطاحة بالحكومة، لكن أطلق سراحه بعد عفو رئاسي.