هدى شعراوي.. القوة تفنى والحق يبقى

هدى شعراوي.. القوة تفنى والحق يبقى

23 يونيو 2020
(هدى شعراوي)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها في محاولة لإضاءة جوانب من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الثالث والعشرين من حزيران/ يونيو، ذكرى ميلاد الناشطة النسوية والكاتبة المصرية هدى شعراوي (1879 – 1947).


في مذكّراتها التي صدرت بعد رحيلها بثلاثة عقود، تصف هدى شعراوي أول أدوار النساء المصريات في الحياة العامة خلال الإضراب العام الذي شهدته البلاد بعد انطلاق ثورة 1919، فتكتب "كانت النساء اللاتي تولين الوقوف أمام الدواوين لمنع الموظفين من الدخول، ينتزعن أساورهن وحليهن، ويقدّمهن لهم قائلات: إذا كان أحدكم في احتياج لمرتبه، فليأخذ هذه الحلي، ولا تسوّدوا وجوهنا بالرجوع إلى أعمالكم بعد صدور الإنذار البريطاني".

تعكس المذكرات آراء وتحليلات الناشطة النسوية والكاتبة المصرية (1879 – 1947) التي تحلّ اليوم الثلاثاء ذكرى ميلادها، حيث تضع ملاحظاتها ومراجعاتها النقدية للأحداث التي قادت إلى انتخابها رئيسة لجنة حزب الوفد المركزية، التي ساهمت في تعزيز موقف الحركة الوطنية داخل المجتمع، وأثمرت بعد عامين عن تأسيس الاتحاد النسائي المصري الذي ترأسته أيضاً، وشارك بقوة في العمل السياسي والاجتماعي والحقوقي.

برزت شعراوي في تلك المرحلة التي سادتها الاحتجاجات كخطيبة مفوّهة ناطقة باسم الناشطات السياسيات، وممثّلة لهن بالتفاوض في شأن منح المرأة المصرية حقوقها الكاملة في المواطنة لاحقاً، وكذلك صاغت مطالبهن كجزء من الحراك الوطني في رسائل ومخاطبات صيغت بلغة قوية وأسلوب مؤثر، منها واحدة بعثت بها إلى الماريشال إدموند ألنبي في 25 كانون الأول/ ديمسبر عام 1921.

تقول في رسالتها له رداً على نفي سعد زغلول إلى جزيرة السيشيل: "إذا كنت يا صاحب الفخامة تعتقد في نفسك القدرة على خنق صوت الأمة المصرية بإبعاد الرجل الذي عهدت إليه بأن يتكلم باسمها، فارجع عن هذا الاعتقاد أيضاً، إذ إن القوة تفنى والحق يبقى!... وسوف نواصل احتجاجنا بلا انقطاع على التدابير الجائرة الظالمة التي تتخذها فخامتك ضدنا، وهي تدابير لن تؤدي إلا إلى إثارة غضب الشعب وغضب الله!".

أتى انخراط شعراوي في السياسة بعد نحو ربع قرنٍ من نشاطها الاجتماعي واهتمامها بالثقافة والأدب، إذ شاركت في تأسيس مركز صحي يقدّم خدماته لعلاج أطفال الفقراء مجاناً، كما أنشأت "اتحاد المرأة الجديدة"، ونادياً أدبياً عرف بـ"جمعية الرقي الأدبي للسيدات"، وهدفت الهيئتان إلى دعم النساء بحصولهن على التعليم المدرسي، وتعلّم حرف ومهن شعبية أيضاً، وتنظيم محاضرات في العلوم والفنون والآداب.

آمنت شعراوي بأهمية بروز جيل من النساء قادر على التعبير عن همومه وانشغالاته وآماله، والسعي نحو التغيير، لذلك قدّمت دعماً للعديد من الناشطات اللواتي حقّقن حضوراً واسعاً في الثقافة والصحافة والعمل العام أيضاً، مثل أمينة السعيد التي تولّت رئاسة تحرير مجلة "حواء" خلال الخمسينيات التي حظيت بانتشار كبير، وكذلك سيزا نبراوي التي أسّست معها مجلة "المصرية" الناطقة بالفرنسية عام 1925، حيث تسلّمت الأخيرة رئاسة تحريرها.

وقد صدرت طبعة باللغة العربية من "المصرية" سنة 1937، وكانت تهتم بالقضايا الاجتماعية والفن، واشتملت أعدادها على مقالات في مجالات مختلفة ولم تقتصر على تبنيّها قضية المرأة، والتي استطاعت من خلال نضالها المستمر تثبيت العديد من الحقوق المدنية والسياسية، ربما كان أهمّها انخراط النساء في المجتمع المصري، وهو ما توضّح مطالب الاتحاد النسائي الحكومي الذي انتقد الحكومة في أول بياناته مطالباً بمكافحة الفقر والأمية والاهتمام بالتعليم بالصحة والرعاية الاجتماعية، إلى جانب التأكيد على ضرورة منح المرأة حقها في التصويت والترشح للانتخابات وتمثيل نفسها في كافة المجالات.

المساهمون