هدوء نسبي في إدلب بانتظار "القمة الثلاثية"

عدنان أحمد

عدنان أحمد
17 اغسطس 2018
9EA49FF7-8B4B-46C9-B36A-A46EE575274B
+ الخط -

خفتت حدة التصعيد العسكري من جانب قوات النظام السوري في الشمال السوري، بالتزامن مع أنباء عن قيام قوات النظام بسحب بعض أرتالها من شرقي إدلب باتجاه ريف حماة، وذلك وفق اعتقاد بأن تفاهمات روسية ــ تركية تمّت أخيراً، إثر لقاء وزيري خارجية البلدين، التركي مولود جاويش أوغلو والروسي سيرغي لافروف، في أنقرة، والذي سرّعت تركيا في أعقابه من تعزيز مواقعها في بعض نقاط انتشارها في الشمال السوري.

من جهتها، أكدت فصائل المعارضة في إدلب جاهزيتها لصدّ أي هجوم لقوات النظام، معتبرة أن "حديث النظام وروسيا بشأن محاربة الإرهاب مجرد ذريعة لمحاولة تغيير الوقائع على الأرض، وتمكين النظام من السيطرة على مناطق المعارضة بأبسط السبل". ومع حدوث بعض الخروق من جانب قوات النظام التي قصفت بلدة اللطامنة وقرية معركة شمالي حماة من مواقعها القريبة، فإن الهدوء النسبي في المنطقة الشمالية لم يعكر صفوه سوى تواصل عمليات التفجير في أكثر من مكان، وحصدت أرواح العديد من الأشخاص من مدنيين وعسكريين.

وجاءت التهدئة الميدانية في ظل تطمينات ووعود تركيا بعدم انطلاق أي عملية عسكرية على المنطقة، تبلّغها وجهاء وقيادات في محافظتي إدلب وحماة، خلال اجتماع ضباط أتراك بهم يوم الأربعاء الماضي، في مدينة مورك بريف حماة الشمالي، بالتزامن مع أنباء عن انسحاب أرتال عسكرية تضم مدرعات وعربات تابعة للنظام السوري من بلدتي سنجار وأبو دالي جنوب شرقي إدلب، وتل علوش والواسطية جنوب حلب باتجاه محافظة حماة. كما تزامن ذلك مع مواصلة تركيا استقدام شاحنات محمّلة بكتل إسمنتية وغرف مسبقة الصنع، بهدف تطويق وتحصين نقاط المراقبة التركية الـ12 المنتشرة في حلب وإدلب وحماة وامتداد سفوح جبال اللاذقية.

وذكرت مصادر محلية أن "القوّات التركية أدخلت، عصر الأربعاء، محارس ومخافر مسبقة الصنع مجهزة بجميع اللوازم من معبر كفرلوسين إلى نقطة المراقبة، التي ثبتتها مسبقاً في مدينة مورك شمالي حماة". مع العلم أنه يجري العمل، منذ أسابيع عدة، على توسيع وتحصين وتعزيز محاورها بكتل إسمنتية ضخمة، تحسباً لأي طارئ. ومن المرجح أن يتم توزيع هذه المحارس والمخافر بشكل فردي على النقاط التركية الموزعة في المنطقة.



وحسب تلك المصادر، فإنه "من المفترض أن تنتشر قوات مراقبة روسية تركية على طول طريق حلب دمشق الدولي، في الجزء الواقع تحت سيطرة المعارضة، والذي تسعى روسيا بكل السبل المتاحة للسيطرة عليه، باعتباره يمثل الشريان الاقتصادي للمنطقة الشمالية من جهة، وتوصل تلك المنطقة مع العاصمة دمشق والجنوب السوري من جهة أخرى، في ظل تسريبات عن مهلة روسية قدمت لتركيا للبحث في كيفية حل المجموعات المتشددة في محافظة إدلب وتفكيكها".

وفي هذا السياق، قال المتحدث الرسمي باسم "الجبهة الوطنية للتحرير" المشكّلة حديثاً من كبرى فصائل إدلب، النقيب ناجي مصطفى أبو حذيفة، إن "الهدوء النسبي الذي يسود المنطقة قد يكون ناتجا عن تفاهمات روسية – تركية، وإن لم يصدر إعلان رسمي بهذا الشأن"، مضيفاً، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "الفصائل العسكرية في إدلب ترد على أي خرق من جانب النظام فوراً، وهي جاهزة للرد على أي اعتداء يقوم به، سواء كان صغيرا أم كبيرا".

وحول ما إذا كانت تهديدات النظام بشن عملية عسكرية على إدلب والشمال السوري، جدية أم مجرد ضجيج إعلامي، قال مصطفى إن "جزءا منها قد يكون يدخل في إطار الحرب النفسية، لكن فصائل المعارضة جاهزة لأي احتمال، بما في ذلك شنّ عملية عسكرية واسعة، فقامت بتحصين مواقعها، وعززت جبهاتها بتعزيزات وأسلحة مناسبة، ولديها خطط للرد على كل السيناريوهات المحتملة".

وحول الجهود التي تبذلها تركيا، وأطراف أخرى، للوصول إلى حلول مع "هيئة تحرير الشام" والفصائل الأخرى التي توصف بـ"المتشددة"، من أجل نزع الذريعة من يد روسيا والنظام لشن هجوم على مناطق المعارضة، قال مصطفى إن "ما ردده النظام وروسيا مجرد حجج وذرائع، فقد شنّوا هجوماً على محافظة درعا بالأمس القريب، برغم خلو المحافظة مما يصفونه فصائل متطرفة"، مؤكداً "استعداد الفصائل لرد أي هجوم". وشدد على "وجود تنسيق كامل بين القوى العاملة على الأرض لمواجهة هذا الاحتمال".



من جهته، استبعد القيادي في "الجبهة الوطنية للتحرير"، أبو عيسى الشيخ، قيام النظام السوري باقتحام إدلب، معتبراً أن "النظام أعجز من القيام بذلك". ورأى مراقبون، أن "كلاً من روسيا وتركيا في مأزق بالنسبة للوضع في إدلب، إذ تسعى الأولى إلى تجنب معركة إدلب، والخلاص من جبهة النصرة، من دون إفساد العلاقات مع أنقرة مع إرضاء النظام السوري".

في هذا الإطار تحاول روسيا نقل الضغط إلى ملعب تركيا ودفعها إلى افتعال معركة مع "الفصائل المتشددة" بالأصالة أو عبر الفصائل التي تدعمها، وهو ما تحاول تركيا تجنبه، لأنه سيثير عليها المزاج المحلي، وستبدو كأنها تخدم أجندة النظام وروسيا، وسيتسبب في موجات نزوح كبيرة، وهي تركز جهدها على محاولة إيجاد حل "سلمي" مع "تحرير الشام" يجنب المحافظة الحرب، وينزع ذريعتها من يد روسيا والنظام.

ومع خفوت أصوات القصف، علت أصوات التفجيرات والتي اعتبرها بعض الناشطين أسلوباً بديلاً عند النظام في حال اضطر تحت الضغط الروسي إلى الالتزام بوقف القصف، إذ أدى انفجار عبوتين ناسفتين في حاجز بلدة آفس على طريق سراقب – تفتناز، بريف إدلب الشرقي، إلى مقتل 5 أشخاص بينهم 3 عناصر من "هيئة تحرير الشام".

وحسب مصادر محلية، فقد "انفجرت عبوة ناسفة في حاجز تابع لهيئة تحرير الشام عند مدخل بلدة آفس بالقرب من مدينة سراقب، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، في حين انفجرت العبوة الثانية عندما حاول عناصر الحاجز إسعاف المصابين، ما أدى إلى مقتل ثلاثة عناصر وجرح عدد آخر".

كما يشهد ريف حلب الغربي استنفاراً من قبل "هيئة تحرير الشام"، في القطاع الغربي من ريف حلب. وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن "عناصر الهيئة نصبوا حواجز على الطريق الواصلة بين مدن وبلدات في ريف حلب الغربي، بالتزامن مع وصول تعزيزات عسكرية كبيرة للهيئة محمّلة بالأسلحة المتوسطة والثقيلة من ريفي إدلب وحماة، إضافة إلى وصول رتل كبير للحزب التركستاني إلى ريف حلب، من دون ورود معلومات عن أسباب هذا الاستنفار". غير أن ذلك أعقب اقتحام مجموعة مسلحة قالت مصادر متقاطعة إنها "تابعة لهيئة تحرير الشام، ولمقر تابع للجبهة الوطنية للتحرير، في بلدة كفر حمرة، والاستيلاء على محتويات المقر، واعتقال عناصر كانوا داخله، إضافة إلى محاصرة الهيئة مقر آخر للجبهة الوطنية للتحرير في بلدة حيان بريف حلب الشمالي، ما أدى إلى إثارة التوتر بين الجانبين".

في غضون ذلك، بحث وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية، ستيفان دي ميستورا، التطورات في سورية، خصوصاً على صعيد تشكيل "لجنة دستورية" والوضع في الشمال السوري، وذلك خلال اجتماع بينهما في العاصمة الأميركية واشنطن. وحسب بيان لوزارة الخارجية الأميركية، فإنّ "الجانبين اتفقا على أنَّ جميع الأطراف يجب أن تمضي قدماً في المسار السياسي".

وشدّد بومبيو ودي ميستورا على "ضرورة منع حدوث أزمة إنسانيّة في محافظة إدلب"، مشيراً إلى أن "بلاده تدعم عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، شرط أن يتم ذلك في بيئة آمنة ومطمئنة بما فيه الكفاية، وبإشراك وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة".

وجاء ذلك فيما أكد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف "استمرار المشاورات لعقد لقاء قمة حول سورية يجمع رؤساء روسيا وتركيا وإيران، مطلع شهر سبتمبر/أيلول المقبل". وأضاف، في حديث للصحافيين أمس الخميس، أنه "بعد أن يتم تنسيق جداول عمل الرؤساء الثلاثة عبر القنوات الدبلوماسية، سنحيطكم علماً بموعد القمة".



ذات صلة

الصورة
حماة بعد سيطرة المعارضة، 6 ديسمبر 2024 (العربي الجديد)

سياسة

رصد "العربي الجديد" آراء سكان مدينة حماة عقب خروج النظام السوري منها وسيطرة فصائل المعارضة، مرجحين انتهاء حقبة من الطغيان والظلم الذي عاشته المدينة.
الصورة
فريق من مستشفى جامعة حلب يواصل عمله بموارد محدودة، 1 ديسمبر 2024 (عمر ألفين/ الأناضول)

مجتمع

شيئاً فشيئاً، تعود المؤسسات الخدماتية للعمل في مدينة حلب وسط مخاوف من قبل بعض الأهالي من تراجع توفير الكهرباء والمياه والخبز.
الصورة
قصة القش.. نازحات سوريات يعشن الحنين، 29 نوفمبر 2024 (عامر السيد علي/العربي الجديد)

مجتمع

ثلاث سوريات نزحن من بلدة حاس في ريف إدلب الجنوبي إلي ريف إدلب الشمالي، حيث عُدن إلى ممارسة مهنة نسج أطباق وسلال القش التي تعلّمنها منذ الصغر
الصورة
من ضربة روسية في إدلب، أكتوبر 2024 (عزالدين قاسم/الأناضول)

سياسة

بدأت "هيئة تحرير الشام" وفصائل المعارضة السورية، معركة واسعة النطاق غربي حلب ضد قوات النظام والمليشيات الإيرانية، وجهّزت لها عسكرياً وإعلامياً.