هادي يعفي بحاح.. الأحمر نائبا وبن دغر رئيسا للحكومة
العربي الجديد ــ صنعاء
القرارات قبل أيام من تطبيق وقف إطلاق نار شامل(getty)
أجرى الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي تغييراً حكومياً مفاجئاً، شمل إعفاء نائبه رئيس الحكومة خالد بحاح، وتعيين اللواء علي محسن نائباً للرئيس وأحمد عبيد بن دغر لرئاسة الحكومة.

وفيما كان الأحمر يشغل منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بمثابة نائب رئيس عسكري للرئيس، جاء تصعيده نائباً ليصبح بديلاً عن النائب بحاح، والذي عين في أبريل/ نيسان العام الماضي، ويطرح القرار الأحمر رجلاً ثانياً بعد هادي بشكل مباشر.

ويعتبر الأحمر من أبرز الشخصيات العسكرية اليمنية المعروفة. انشق عن الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح عام 2011 وأعلن تأييده للثورة، ومع اجتياح مسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين) صنعاء، غادر البلاد إلى العاصمة السعودية الرياض، ويوصف بأنه الخصم العسكري الأبرز للحوثيين. وشملت القرارات تعيين خالد محفوظ بحاح مستشاراً لرئيس الجمهورية، وهو منصب شرفي أقرب للإقالة من منصبه كنائب للرئيس ورئيس الحكومة.

وتأتي التعديلات الحكومية المفاجئة عقب إعلان ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة مع شبكة "بلومبيرغ"، عن قرب النهاية لحرب اليمن، وعن وجود وفد لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين) في الرياض. كما يأتي قبل أيام على بدء تطبيق وقف إطلاق نار شامل في 10 أبريل/ نيسان الجاري، تمهيداً لانطلاق المفاوضات في الكويت في 18 من الشهر نفسه.

وتتباين التفسيرات الأولية لهذا التغيير المفاجئ، ففيما ترجعه بعض التعليقات الأولية إلى الخلافات المعروفة بين هادي ونائبه السابق بحاح، ربط محللون هذا التغيير بالتمهيد للانتقال إلى السلام والمحادثات المقبلة المقرر أن تبدأ 18 من الشهر الجاري في الكويت. 


تصعيد بن دغر

ورفع القرار أحمد عبيد بن دغر إلى رئاسة الحكومة، وهو الاسم الذي يعد تصعيده أمراً مثيراً يحمل العديد من الأبعاد، إذ إنه أرفع شخصية انشقت عن الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، العام الماضي، إذ كان يشغل منصب النائب الأول لصالح في الحزب. التحق بالقيادة الشرعية في العاصمة السعودية الرياض، وجرى تصعيده أواخر عام 2014 في المنصب القيادي الحزبي الذي كان يشغله هادي. 

يتحدر بن دغر من حضرموت، وهي المحافظة التي يتحدر منها أيضاً سلفه خالد بحاح، وكان قيادياً في الحزب الاشتراكي اليمني (الحاكم في جنوب اليمن قبل إعادة توحيد البلاد)، ثم نزح عقب حرب صيف 1994 الأهلية إلى خارج اليمن وعاد عام 2006 إلى صنعاء معلناً انضمامه إلى حزب المؤتمر الحاكم آنذاك. 

يعتبر بن دغر من الشخصيات السياسية المعروفة، شغل خلال المرحلة الانتقالية التي بدأت أواخر عام 2011 منصب وزير للاتصالات وتقنية المعلومات في حكومة الوفاق الوطني التي ترأسها محمد سالم باسندوة، وفي وقت لاحق، جرى تعيينه نائباً لرئيس الوزراء بالإضافة إلى منصبه في وزارة الاتصالات. 

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، نجح جناح صالح بإزاحة الرئيس هادي من منصبه الحزبي، إذ كان هادي يشغل منصب النائب الأول والأمين العام للحزب، واختار الحزب بن دغر نائباً أول، وعارف الزوكا أميناً عاماً. 

الأمر المثير في هذه القرارات أن تعيين بن دغر جاء بعد ساعات قليلة من إعلان حزب المؤتمر الذي يترأسه صالح فصل القيادات المنشقة عنه المؤيدة للتحالف، وكان في مقدمتهم أحمد عبيد بن دغر، بحيث أقيل من الحزب في اليوم الذي صدر فيه القرار، الأمر الذي يفسره المتابعون بأحد احتمالين: الأول أن يكون التعيين في منصب رئيس الحكومة جرى ضمن تنسيق غير معلن بين الرياض وصنعاء أو بالأحرى تفاهمات غير معلنة بين الحكومة الشرعية والانقلابيين، والآخر أن يكون القرار رداً سريعاً على الخطوة التي اتخذها فريق صالح، بحيث يقوي القرار موقعه في الجزء المنشق من الحزب ويجعل هذا الفريق ممثلاً رسمياً للحزب في الحكومة. وكل ذلك ستقطع فيه تطورات الأيام المقبلة. 

نص قرار هادي وإدانة بحاح

من جهة ثانية، حمل نص القرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس اليمني إدانة مباشرة لبحاح، الأمر الذي يعكس حيثيات القرارات المفاجئة ويربطها بالخلافات بين الرجلين (الرئيس ونائبه المقال). 

وجاء في قرار هادي أنه جاء نتيجة لإخفاق حكومة خالد بحاح، فيما بدا إدانة صريحة من الرئيس لرئيس الحكومة المقال. 

وقال النص الذي اطلع "العربي الجديد" على نسخة منه ونشر في موقع وكالة الأنباء اليمنية الرسمية إن القرار جاء "بعد الاطلاع على دستور الجمهورية اليمنية وعلى مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلياتها التنفيذية الموقعتين بتاريخ 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011، ونتيجة للإخفاق الذي رافق أداء الحكومة خلال الفترة الماضية في المجالات الاقتصادية والخدمية والأمنية". 

وأضاف الرئيس أن القرار أيضاً جاء نتيجة لـ"تعثر الأداء الحكومي في تخفيف معاناة أبناء شعبنا وحلحلة مشكلاته وتوفير احتياجاته، خصوصاً دمج المقاومة وعلاج الجرحى ورعاية الشهداء ولعدم توفر الإدارة الحكومية الرشيدة للدعم اللامحدود الذي قدمه الأشقاء في التحالف العربي، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولتحقيق ما يصبو إليه شعبنا من استعادة الدولة واستتباب الأمن والاستقرار وللمصلحة الوطنية العليا للبلاد".

بحاح.. على أعتاب مرحلة جديدة

وفي أول تعليق له، عقب القرار الذي صدر بإقالته من منصبه كنائب للرئيس ورئيس للحكومة، ألمح خالد بحاح إلى أنه على أعتاب صفحة جديدة، ولم يبد أي اعتراض أو ترحيب مباشر بالقرار.

وقال بحاح في منشور على صفحته الشخصية في موقع "فيسبوك" إنه "في الظروف الاعتيادية تعترض المسيرة تحديات وصعوبات، ناهيك عن الظروف الاستثنائية والصعبة، لكن أمام النوايا الصادقة والرغبة الحقيقية لفعل شيء من أجل الوطن.. تهون المصاعب ونتجلد جميعاً أمام الشدائد، وعلى القافلة أن تسير".

وأضاف "الآن نقف على أعتاب صفحة جديدة من خدمة بلدنا الحبيب وقد طوينا صفحة سابقة أمام أبناء شعبنا العظيم الصابر"، وتابع "حاولنا جاهدين وفي ظروف معقدة وأمام مستجدات متسارعة أن نسهم بكل ما أوتينا من قوة حيث الدولة ومؤسساتها وأدواتها مغتصبة بيد المليشيا وتوارى الكثير عن المشهد، ومضينا بأنفسنا متوكلين على الله وزادنا حب الوطن والإيمان بقضيته وتحملنا هذه الأمانة العظيمة في هذا الظرف العصيب". وختم أن "التاريخ سيحفظ كل ذلك".