نيفين ملك: الانقلاب كان سيقع على أي رئيس مدني

نيفين ملك: الانقلاب كان سيقع على أي رئيس مدني

19 مايو 2014
"السيسي مندوب عن منظومة وتحالفات الدولة العميقة" (العربي الجديد)
+ الخط -
كشفت القيادية في "جبهة الضمير" المصرية، نائب رئيس حزب "الوسط"، نيفين ملك، عن أنه "تمّ التخطيط لوثيقة بروكسل التي تم الإعلان عنها أخيراً، منذ أربعة أشهر، وأن وزير الشؤون النيابية والقانونية في مجلس الشعب المنحل، محمد محسوب، كان له دور كبير في تقريب وجهات النظر بين فرقاء الثورة".
ولفتت إلى أن "التكتل الثوري الجديد مفتوح أمام كل القوى الثورية". ووصفت ملك، في حوارها مع "العربي الجديد"، المشير عبد الفتاح السيسي، بأنه "مندوب عن منظومة وتحالفات الدولة العميقة، من أجل القضاء على ثورة يناير"، واستبعدت إتمام أي مصالحة في عهده، لأن "البضاعة الوحيدة التي يمتلكها لخداع المصريين هي تمثيلية الحرب على الإرهاب"، على حد قولها. ووصفت اللغة التي يتحدث بها السيسي مع المرأة المصرية بـ"المهينة لأنه ليس العندليب". وأكدت تلقّيها معلومات بأن "هناك توجهات تقضي بعدم الإفراج عن رئيس حزب "الوسط"، أبو العلا ماضي.


ــ هل التكتل الثوري الجديد الذي أعلن عنه في بروكسل يمكن أن يؤدي إلى اتساع حركة الشارع الرافضة لـ3 يوليو/ تموز؟

* أرحب بأي تحرك سياسي يؤدي إلى الاصطفاف كي نتجاوز حالة الانقسام التي بدأت من ميدان التحرير، وأي تكتل هدفه العودة إلى مبادئ وأهداف ثورة يناير علينا أن نلتف حوله، لأن الانقلاب العسكري لم ينجح إلا بعدما شق صفوف التكتلات والقوى الثورية.

ــ لماذا لم يضم التكتل الجديد حركات ثورية مثل "6 أبريل" و"الاشتراكيين الثوريين"، ورموزاً مستقلة غير تلك التي تدور في فلك تحالف دعم الشرعية؟

* هناك الكثيرون لا يدركون حجم المؤامرة، إلا حينما يصل الخطر إلى باب بيتهم، حينها يدركون حقيقة كل شيء. فالتنكيل والاعتقالات لم تقف عند باب "الإخوان"، بل شملت الجميع ومنهم "6 أبريل" و"الاشتراكيين الثوريين"، وهم يدركون الآن أنه تم استغلالهم في 30 يونيو/ حزيران.

وإذا كان الإخوان قد أخطأوا، وهذا حدث بالفعل، فكل القوى الثورية أخطأت، لكن سذاجتها جعلتها تعتقد أن الجيش سيكون حيادياً، وغير طامع في السلطة، ولكنهم اكتشفوا بعد 30 يونيو أن الجيش بدأ بالتخلص من الإسلاميين؛ وسينتقل لاحقاً إلى باقي التيارات الأخرى.
فعلاء عبد الفتاح خرج من سجنه برسالة، وأحمد ماهر حينما دخل السجن وصلته الرسالة، ومفادها أنه لا مكان لثوار يناير، وعرف الكل أن نار الثورة المضادة ستأكل الجميع، والجيش بدأ بالإخوان، لأنهم موجودون في قلب المجتمع منذ عشرات السنين، وبالتالي فجميع الحركات الثورية مدعوة للانضمام إلى التكتل الجديد.

ــ هناك مَن يرى أن هذه الخطوة جاءت متأخرة بعض الشيء؟

* معلوماتي في هذا الشأن تفيد أن التخطيط لهذا الكيان بدأ منذ 4 أشهر تقريباً. لقد بذل محمد محسوب وأيمن نور، جهوداً من أجل الاتصال بأطراف كثيرة، حتى تتم صياغة الرؤية الخاصة للتكتل.
قبل ذلك كانت هناك أطراف لا تصدقنا حينما كنا نقول لهم إن المؤامرة ليست على الإخوان فحسب، وليست ضد التيار الإسلامي، فقد استطاع الانقلاب، عن طريق أذرعه الإعلامية المملوكة لرجال أعمال فاسدين ومتهربين من الضرائب، وكانوا رؤوس حربة في مشروع التوريث، أن يوهم الجميع بأن جماعة الإخوان هي الشيطان الأكبر، وليس القهر أو الفساد أو الاستبداد. ولكن مع مرور الوقت، ثبت للجميع أن الإخوان ليسوا هم الشيطان الأكبر، ولكن الشيطان الأكبر هو مَن تآمر على ثورة يناير وهو الذي يعيد دولة مبارك بكل فسادها وأشخاصها ورموزها.

ــ هل تعتقدين أن وجود شخص آخر غير الرئيس المعزول، محمد مرسي، في السلطة، كانت ستتم الإطاحة به بالطريقة نفسها، أم أن الأزمة هي في وجود رئيس إخواني؟

* الانقلاب كان سيتم في كل الحالات، إذا كان الرئيس من خارج المؤسسة العسكرية، خصوصاً إذا كان يملك هيكلية شعبية وتنظيمية، مثل الرئيس مرسي. فالمؤسسة العسكرية ترفض وجود رئيس مدني في السلطة، سواء كان مرسي أو غيره؛ ولو أن محمد البرادعي أو حمدين صباحي أو أي شخص آخر هو الذي تولّى السلطة بعد ثورة يناير لانقلبوا عليه أيضاً، ولكن قد تختلف الفترة الزمنية التي يسمحون له فيها بالبقاء في السلطة.
الشعب المصري، منذ 2011 وحتى الآن، يعاني من ضغط رهيب ويخضع لآلة إعلامية رهيبة لم ينجُ منها أحد حتى المثقفين. فالإعلام قام بعملية غسل دماغ جماعي للمصريين، وتفوّق على الإعلام النازي أيام هتلر، ولذلك أدعو إلى محاكمة كل الرموز الإعلامية التي حرضت على الكراهية بين المصريين.


ــ ولكن هذه القنوات الخاصة كانت موجودة في عهد مرسي، ولم نرَ منه أي وقفة تجاه تجاوزاتها، رغم أن بعضها مملوك لقيادات مؤثرة في الحزب الوطني؟

* مرسي تعامل برقيّ مع الإعلام، ويُحسب له أنه لم يغلق قناة، ويحسب له أنه لم يتدخل ضد الإعلام، ولا ننسى أنه حينما حاول أن يحصل على حق الدولة من قناة "دريم"، بعدما أكدت تقارير الرقابة الإدارية أن تلك القناة تحصل على امتيازات خاصة دون غيرها من القنوات، شنّوا حملة شعواء ضده، مع أن الأمر كان يتعلق بأموال الشعب.

ــ ولكن هذه القنوات كانت ملكاً لرجال "الحزب الوطني" وبعضهم متورط في قضايا فساد، وطالب الثوار أكثر من مرة بمنع عودتهم إلى الحياة السياسية ولم يستجب مرسي؟

* كان خطأ الرئيس أنه لم يحتكم الى القانون ضد هؤلاء، وهو لم يستخدم سلطاته حتى لا يقال إنه جاء لتصفية حسابات، ومع ذلك كان هؤلاء وقنواتهم رأس الحربة في مشروع إسقاط مرسي وجماعة الإخوان وثورة يناير.

اليوم السيسي يجتمع بكل الإعلاميين وكل المذيعين وكل رؤساء التحرير، لكي يرسم للجميع خطاً لا يحيدون عنه، وأنا مندهشة كيف لإعلاميين مفترض أن يستقصوا كل شيء عن السيسي باعتباره سيكون رئيس مصر المقبل، يجلسون معه على مائدة حوار واحدة، كأنهم تلاميذ في فصل، و"يزغر" لهم بعينه في بعض المواضع، لتكون الرسالة واضحة "انسوا زمن الحرية، ففي عهد الديكتاتور لا توجد حرية".

ــ هل تعتقدين أن السيسي مندوب الدولة العميقة بتحالفاتها ومنظومتها المركّبة، أم أنه يسعى إلى تحقيق حلم وطموح شخصي؟

* السيسي وكيل الثورة المضادة، فهو وكيل عن كيانات وتحالفات الدولة العميقة، ووكالته هنا ليست توكيلاً عاماً، ولكنها توكيل خاص، الهدف منه هو قيادة الثورة المضادة لثورة يناير. ولقد أدركنا ذلك وقلنا للرئيس مرسي مراراً وتكراراً إن حكومة هشام قنديل ضعيفة جداً، مع كامل احترامنا لشخص قنديل، فضعفها الشديد جعلنا نستشعر أن الدولة العميقة ستنقضّ على ثورة يناير.
لذلك لا يمثل السيسي نفسه بل يمثل تحالف مصالح في الدولة العميقة، فكل منظومة رجال الأعمال الفاسدين كانت ستتضرر بعد ثورة يناير، بسبب إعلاء قيمة القانون، لذلك سارعوا بإنشاء تحالفات وكيانات جديدة بديلة عن الحزب الوطني ولكن بأسماء مختلفة.

ــ ما تفسيرك لحالة الاستنكار والغضب التي بدا عليها السيسي حينما سألوه عن مراقبة البرلمان لموازنة القوات المسلحة ورفضه الإجابة على السؤال؟


* مراقبة موازنة الجيش من المحرّمات عند السيسي، وهي أمر خارج النقاش، وهو لا يعترف بالديموقراطية، وهو أقر بذلك في الورقة البحثية التي كان قدمها في أميركا أثناء دراسته هناك، وقال فيها إن "الديموقراطية خطر على الشعب وإن الشعب المصري غير مؤهل لها"، وهو ما سبق أن قاله أحمد نظيف وعمر سليمان من قبل.

ــ ما تقييمك للخطاب الديني للسيسي وإصراره على استخدام عبارات دينية في أحاديثه وتأكيده أكثر من مرة على تديّنه؟

* السيسي يستخدم كل الأدوات التي يمكن أن يستفيد منها، فهو طامح بالسلطة بشكل رهيب ويلعب على كل الأوتار من أجل الوصول إلى الكرسي؛ فحين يتحدث عن الأقباط يستخدم لغة معينة، وعندما يريد أن يكسب ود الإسلاميين والسلفيين يستخدم لغة أخرى، وحينما يتحدث مع النساء يتحدث بلغة ثالثة مختلفة تماماً، وهي لغة مهينة للمرأة المصرية، فحينما يتحدث عن المرأة وكأنه العندليب فهذه إهانة وكارثة.
وهذه الأمور لا تجدها إلا في المجتمعات ذات الوعي الضعيف وفي البيئات الاستبدادية. ففي الانتخابات الأميركية، حين اشتعلت المنافسة بين الرئيس باراك أوباما ومنافسه ميت رومني، أطلقت الصحافة الأميركية على رومني لقب "المرشح الوسيم"، فاحتج نشطاء، واعتبروه إهانة للمرأة وللمواطن الأميركي.

ــ هل تعتقدين أن وجود السيسي في السلطة ينهي فرص المصالحة؟

* السلاح الوحيد الذي يعتمد عليه السيسي هو ما يسمى بالحرب على الإرهاب، وهذا الإرهاب غير موجود سوى في مخيلته، تماماً مثلما كان يفعل الرئيس الأميركي السابق، بوش الابن، وبالتالي لو لجأ إلى المصالحة، أو سعى إليها، فسيزول سبب بقائه في المشهد.

المصالحة تمثّل خطراً شخصياً عليه، لأنها تعني نهايته ونهاية الأساطير والخرافات التي يروج لها بين المصريين، وبالتالي ليس هناك أي مجال للمصالحة، وهذا أمر متوقع لأن دور السيسي المرسوم له، سواء هو مَن رسمه أو رسمه له غيره، قائم على محاربة الآخر وشيطنة الآخر.

ــ ولكن هل لدى الإخوان والقوى الرافضة للانقلاب، قدرة على استمرار السجال مع الدولة العميقة وألا يعتبر ذلك استنزافاً للدولة؟

* الثورات لا تؤتي ثمارها بين يوم وليلة، والثورة قد تأخذ عقوداً، ومع الثورات ومحنها ينضج وعي الشعب وتنضج مؤسسات الدولة، والذي يستنزف الدولة هو الانقلاب وليس القوى الرافضة له.

ــ هل كان من المقرر خروج أبو العلا ماضي من أجل التواصل مع دوائر قريبة من السلطة من أجل تلك المصالحة؟

* لو كان ماضي قد خرج بالفعل، لكنا شعرنا بأن هناك مساعٍ حقيقية لإتمام مصالحة ما؛ لأن ماضي شخصية توافقية، وحزب "الوسط" لم يكن تابعاً ولا محسوباً على الإخوان، فهو الحزب الوحيد الذي خاض الانتخابات بمفرده، بمعزل عن قوائم الإخوان في حين أن حمدين وحزبه، دخلوا الانتخابات ضمن قوائم "الحرية والعدالة"، ولكن النيابة طعنت على قرار الإفراج ولا نفهم ما السبب حتى الآن.
أبلغني المحامون أن هناك توجهاً بعدم خروج أبو العلا ماضي، وأنه حينما طعنت النيابة بقرار الإفراج عنه، وحتى ليلة الاستئناف لم يعرفوا أي دائرة قضائية التي قدمت النيابة الطعن أمامها.

ــ ما تفسيرك لحالة الحشد الكنسي المنظّم في 30 يونيو/ حزيران، ولماذا شعر الأقباط بأن مرسي ونظامه خطر على وجودهم في مصر؟

* المؤسسات الدينية تعمل من أجل مصلحة النظام سواء الكنيسة أو الأزهر، فالدولة العميقة تدرك أن التعامل مع الأقباط من خلال الكنيسة، أسهل من التعامل معهم ككتلة حرة توجد داخلها تيارات مختلفة. أيضاً تم تأميم الأزهر لصالح السلطة، وإذا كانوا يعيبون على الإخوان بأنهم ينفذون مبدأ السمع والطاعة، فهذا المبدأ موجود أيضاً في الكنيسة، ولكن "فوبيا" الإخوان التي تم تصديرها، لم تكن لدى الكنيسة والأقباط وحدهم، وليس الأقباط فقط هم الذين تم التلاعب بهم في 30 يونيو، فغسل الدماغ الذي تم الإعداد له بشكل مخابراتي، طال الجميع بما فيهم الأقباط، وانتشرت خدعة أن الإخوان سيرسخون للفاشية الدينية وغيرها.