نهب إسرائيل أراضي فلسطينيي الخط الأخضر .. مسار متواصل

نهب إسرائيل أراضي فلسطينيي الخط الأخضر .. مسار متواصل

26 مايو 2016

لاجئون فلسطينيون في 1956شرّدوا من أراضيهم بمخيم قلنديا (Getty)

+ الخط -
كان الاستيلاء الأكبر على الأرض داخل فلسطين في عام الاحتلال الأول والنكبة 1948، حيث التهمت إسرائيل كل ممتلكات الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين الذين طردوا بالقوة، وتحولت ملكيتها إلى دولة إسرائيل التي قامت، لكن الاستيلاء لم يتوقف، بل استمر، بشكل سري وعلى دفعات غير ملموسة، وليس على شكل انهيارات كبيرة، كما حدث مع النكبة.
يقوم نظام الأراضي في إسرائيل على اعتبار أراضي الدولة يهودية عملياً، وهذا يناقض مبدأ المساواة المدنية، أحد أهم أسس الديمقراطية، ولا بد أن تتحوّل إلى أراضٍ إسرائيلية، لكي يتم تجاوز اللامساواة في توزيع الأراضي، فقد استخدمت إسرائيل، ولا تزال، وسائل وأدوات عديدة لتحقيق أغراضها المتعلقة بالاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأرض الفلسطينية، وتحويلها إلى الملكية اليهودية.
وكان قد بدأ تسلسل الأحداث بعد طرد الفلسطينيين من أرضهم، خلال النكبة عام 1948، فقد خرجت إسرائيل حديثة الولادة بالسيطرة على 20.6 مليون دونم، ما يشكل 77% من أراضي فلسطين الانتدابية. لكن 2.8 مليون دونم فقط وما يعادل 13.5% من مساحة أراضي إسرائيل كانت تملكها المنظمات اليهودية والأفراد اليهود والدولة معاً. فيما الغالبية الساحقة من أراضي الدولة يملكها الفلسطينيون المهجّرون، والباقون الذين تنظر الدولة إليهم على أنهم أعداء، وقرّرت عدم السماح بعودتهم في منتصف عام 1948. والجدير بالذكر أن أراضي الدولة، أيضاً، هي موروثة عن أراضي دولة الانتداب، والتي كانت ملكاً للدولة العثمانية، أي أنها أراضٍ للفلسطينيين، منهوبة كغيرها من الأراضي الفلسطينية.

قوانين وإدارات
وجيّرت إسرائيل بعد ذلك القوانين العثمانية والانتدابية، وأنشأت سلطاتٍ وإدارات مسؤولة عن نهب أراضي الفلسطينيين. وبهذين المسارين، أنشأت إسرائيل الأساس القانوني لنهب (وسلب) أراضي الفلسطينيين التي تقع تحت سيادتها، لا ملكيتها. وتعود جذور عملية النهب إلى مارس/ آذار من عام 1948، حيث شكّلت لجاناً عسكريةً للتحكم في الأراضي، وتنسيق استخدامها.
وفي 21 يونيو/ حزيران عام 1948، سُن قانون "مرسوم المناطق المهجورة" (Abandoned Areas Ordinance)، وشكّل أول أساس قانوني للسيطرة على الأراضي الفلسطينية. وعرّف القانون المناطق المهجورة بأنها الأراضي التي خضعت للجيش الإسرائيلي، وهجرها سكانها، أو جزء منهم، والأملاك المهجورة هي كل الأملاك، ومن ضمنها الأراضي التي تركها أهلها في هذه المناطق المهجورة. ومنح القانون الحكومة الحق في مد تطبيق القانون الإسرائيلي، ليشمل المناطق "المهجورة".
وفي 22 سبتمبر/ أيلول من العام نفسه، أصدرت إسرائيل "مرسوم دائرة الاختصاص
والصلاحيات" (Area of Jurisdiction and Powers Ordinance) الذي نص على تطبيق القوانين الإسرائيلية على كل مناطق الدولة، بالإضافة إلى المناطق والأراضي الفلسطينية التي يعلن الجيش الإسرائيلي السيطرة عليها. وبالطبع، الفلسطينيون هم المستهدفون من هذا القانون وسابقه، ذلك أنهم كانوا يطردون من أرضهم وبلادهم، وعملية الطرد على أيدي العصابات الصهيونية تجري على قدمٍ وساق، وإن لم ينص القانونان على مصادرة أراضي العرب بشكل مباشر، للحفاظ على صورة إسرائيل الديمقراطية، إلا أنه، وبناءً على ظروف أرض الواقع، كان الفلسطينيون هم المتضرر من القانون بشكل مباشر.
وفي 15 أكتوبر/ تشرين أول من عام 1948، أعلن المجلس الحكومي المؤقت "مرسوم أنظمة الطوارئ" (Emergency Regulations Ordinance) وراثةً عن الحكم البريطاني والذي يشمل بندين: فلاحة الأراضي الموات، وتمديد الصلاحيات. ونشر في 7 يناير/ كانون ثاني عام 1949 مرة أخرى، مع بعض التعديلات. وبموجبه، على وزير الزراعة تحذير أصحاب الأراضي الموات بضرورة فلاحتها، أو ضمان فلاحتها، ويملك ملاك هذه الأراضي 14 يوماً لتقديم إثباتٍ لوزير الزراعة أنهم بدأوا فعلاً بفلاحتها، أو أنهم سيبدأون في أقرب وقت ممكن، وضمان الاستمرار في فلاحتها.
والأراضي التي لم تقدم إثباتات حول بدء فلاحتها، أو أنه تتم فلاحتها أصلاً، أو وجود نياتٍ حقيقية لفلاحة الأرض في أقرب فرصة، أو وجود شك لدى وزير الزراعة أن المالك لن يستمر في فلاحة الأرض، فإن وزارة الزراعة تسيطر على الأرض لضمان زراعتها، وتنتقل إلى الدولة للتصرف بها خمس سنوات، بدلاً من سنتين وأحد عشر شهراً، كما في النسخة الأولى قبل التعديل، والتي صدرت في أكتوبر/ تشرين أول 1948.
وكانت إسرائيل، باستخدامها بند 125 من أنظمة الدفاع (الطوارئ) لعام 1945 الذي يمنح القائد العسكري الحق بإعلان مناطق عسكرية مغلقة تحت ذرائع أمنية، تُعلن مناطق عسكرية مغلقة بعد تهجير سكانها، أو طرد قدر المستطاع منهم، ولا يستطيع سواء المهجّرين، ولا الباقين، الخروج أو التحرّك في هذه الأراضي والمناطق التي يمنع التحرك فيها. وبالتالي، تتحول إلى أرضٍ موات، حسب القانون. وتتحوّل هذه الأراضي إلى سيطرة الدولة، لأن السكان الموجودين والمهجّرين لا يمكن الخروج أو الذهاب لفلاحة أراضيهم. وكان ذلك تمهيداً للاستيلاء عليها وتحويل ملكيتها كما رأينا عام 1953، من خلال "قانون امتلاك الأراضي" الذي شرعن ملكية الدولة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بأثر رجعي.
ومن بين أنظمة الطوارئ كان "مرسوم الاستملاك من أجل الأغراض العامة، الأراضي" (Land Acquisition for Public Purposes Ordinance) الصادر عام 1943 والذي يخوّل وزير المالية مصادرة أراضٍ من أجل الأغراض العامة. ولعب هذا القانون دوراً مهماً كأداة للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين في إسرائيل. وتمت مصادرة أراضي فلسطينيين لبناء مستوطناتٍ، مثل الناصرة العليا (نتسيرت عيليت) باستخدام هذا القانون، وبلغت 1200 دونم. كما أن أراضي دير الأسد وقرى أخرى التي صودرت في بداية 1963 لبناء مستوطنات جديدة، وبلغت 5550 دونماً، ومصادرة الأراضي في السبعينات، والتي بلغت 6320 دونماً، وأشعلت يوم الأرض، كانت كذلك باستخدام هذا القانون. لكن الأراضي المصادرة باستخدام هذا القانون تشمل أراضيّ مواتٍ وأراضيّ لاجئين أيضاً. ومن الملاحظ أن معظم الأراضي التي صودرت، بموجب هذا القانون، هي في المناطق ذات الكثافة السكانية الفلسطينية في الجليل والنقب.

قانون أملاك الغائبين
وفي مارس/ آذار من عام 1950، سنت إسرائيل "قانون أملاك الغائبين" (Absentees’ Property Law) الذي بموجبه نقلت حقوق الملكية إلى "حارس أملاك الغائبين"، وحرّمت
إعادة الأراضي إلى أصحابها، لأنهم لم يعودوا المالكين الشرعيين لها حسب القانون. وينص القانون على أن الغائب هو أي شخصٍ لم يعد موجوداً في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1947، وما بعد هذا التاريخ حتى صدور هذا القانون، وكان يملك قانونياً أي ملكية كانت داخل حدود إسرائيل، وكان خلال الفترة المحددة مواطناً أو حاضراً في الدول العربية التي دخلت في حرب ضد إسرائيل، ومن ضمنها الضفة الغربية وقطاع غزة، أو حتى كان مواطناً في إسرائيل، لكنه انتقل من مكان إقامته الأصلي. ونص القانون على إنشاء مجلس الوصاية على أملاك الغائبين لإدارة هذه الأراضي، والقائم على المجلس يسمى خادم أملاك الغائبين. ويستهدف القانون الفلسطينيين بشكل واضح وصريح، حيث بني على حقيقة طرد الفلسطينيين الذين تحرّكوا من أماكن إقامتهم قسراً إلى الضفة وغزة والدول العربية المحيطة.
وفي 31 يوليو/ تموز 1950 أنشئت "سلطة التطوير"، بموجب "قانون سلطة التطوير" (Development Authority Law) للتعامل مع الأراضي الإسرائيلية من بيع وشراء وتطوير وتأجير وغيرها من المهام. وأضيفت إلى الدولة وأذرعها المختلفة والصندوق القومي اليهودي كأجهزة ثلاثة مخولة بملكية الأرض في إسرائيل. وفي 1953، جاء "قانون استملاك الأراضي" (Land Acquisition Law) ليشرعن، بأثر رجعي، استملاك أراضي الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل، بعد أن بدأوا محاولات استرجاع أراضيهم التي وضعت في خانة الموات، بتخطيط الدولة الإسرائيلية وتدبيرها. فما كان من الدولة إلا أن ثبتت ملكية الدولة هذه الأراضي من خلال هذا القانون، وقطعت الطريق أمام إعادتها إلى أصحابها. يشرعن القانون، بأثر رجعي، الأراضي التي احتاجتها الدولة لغاياتٍ مثل التطوير والاستيطان والأمن، أو ما زالت بحاجة إليها من أجل هذه الغايات، أو أنها لم تكن في حوزة المالك في 1 أبريل/ نيسان 1952. وبين مارس/ آذار من عام 1953 ومارس من عام 1954 صادرت إسرائيل، من خلال وزير المالية الذي أصدر 465 شهادة مصادرة بناءً على القانون السابق، 1.2 مليون دونم. 325000 دونم منها بفضل قانون استملاك الأراضي.
وكان التعويض المطروح، بموجب القانون، مالياً أو أرضاً بديلة. ومجمل الأراضي التي تم تعويضها إلى عام 1970 كانت 170000 دونم، أي نصف الأراضي المصادرة عن طريق القانون نفسه 55629 دونماً، كانت على شكل أراضٍ، والباقي تعويضات على شكل أموال. كانت التعويضات المادية قليلةً إلى درجة تثير السخرية. أما تعويضات الأراضي التي تمت فأحياناً كانت أملاك غائبين، وفي بعض الحالات، كانت الأراضي لأشخاص من العائلة نفسها، ما يجعل قبولها مستحيلاً لأسباب اجتماعية وأخلاقية، كما أن قبول التعويض عموماً في المجتمع العربي اعتبر اعترافاً بالنهب.
وفي 1960، تأسست "دائرة أراضي إسرائيل"، بموجب "قانون دائرة أراضي إسرائيل" (Israel Land Administration) الذي نص، أيضاً، على إنشاء مجلس أراضي إسرائيل ذي المهام المتعلقة بوضع سياسات الأراضي، والإشراف على إدارة أراضي إسرائيل والموافقة على ميزانياتها وغيرها من المهام. ونص القانون على حظر بيع أو نقل ملكية الأراضي التي تملكها الدولة، أو سلطة التطوير، من خلال البيع أو غيرها من أشكال نقل الملكية. وهكذا، بعد شرعنة نهب أراضي الفلسطينيين، سن هذا القانون لضمان بقاء الأراضي المنهوبة في يد الدولة، وإغلاق الباب أمام تسرّبها إلى الفلسطينيين، مع قانونية انتقال الأراضي بين هذه الأجهزة الرسمية، حيث فتح ذلك الباب أمام بيع "حارس ممتلكات الغائبين" كل أراضي اللاجئين تقريباً وملكياتهم إلى الدولة. ومن خلال هذا القانون، أقفلت الدولة على ملكية الأراضي، وجعلت من المستحيل تسرّبها إلى أصحابها الفلسطينيين.
وبناءً عليه، في هذه المرحلة الثانية، في الستينيات، أخرجت الدولة هذه الأراضي من السوق، ومنعت نقل ملكيتها بالبيع وغيره، وبذلك ضمنت الدولة السيطرة على أهم عنصر للحياة، وهو الأرض التي يقيم عليها الفلسطينيون في إسرائيل، وتجعل ملكيتها للدولة الحديث عن المساواة واهية، من دون التطرق إلى هذا العنصر المادي الجوهري، لتحقيق المساواة الفعلية.
ويقوم على رأس إدارة أراضي إسرائيل "مجلس أراضي إسرائيل" الذي يحدّد سياساتها في إطار صلاحياتها ومهامها المتمثلة في ضمان استخدام الأراضي الوطنية، بما يتطابق والقوانين الإسرائيلية، وحماية أراضي الدولة والإشراف عليها، جعل الأراضي متاحةً للاستخدام العام، وتخطيط وتطوير وإدارة مخزون الأراضي، وتنظيم تسجيل الأراضي وغيرها من الجوانب المتعلقة بأراضي الدولة. وسياسات الأراضي في إسرائيل وقوانينها تمنع الفلسطينيين عملياً من شراء الأراضي.
وكانت المصادرة غير المباشرة بتعديل قانون الأراضي العثماني، حيث رفعت عدد السنوات التي على الفلاح أن يثبت تصرفه بالأرض خلالها كي يتملكها إلى 25 سنة، وكانت الضربة القاصمة عام 1969، حيث ألغي القانون العثماني برمته، وتوقفت عملية التمليك بناءً على التصرف بالأرض. وبهذه الأدوات القانونية المباشرة، وغير المباشرة، تسيطر إسرائيل على أراضي الفلسطينيين المهجّرين، والفلسطينيين الباقين في أرضهم، في ظل الحكم الإسرائيلي.
وقد شمل ما طرأ من إصلاح على الجهاز المسؤول عن أراضي الدولة عام 2009 وضعَ أجندةٍ لبدء عملية خصخصة أراضي الدولة، في إطار الخطاب النيوليبرالي الصاعد، في حين يَحرم الحاضرين الغائبين، أو اللاجئين الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل، من 4% من مجمل أراضي الدولة، والتي وضعت تحت مقصلة الخصخصة، والتي تعود ملكيتها لهم قبل أن تسلب منهم. علاوةً على أن خصخصة الأراضي تعقّد مسألة إعادة الأراضي إلى أصحابها، وتجعل حلها خارجاً على سلطة الحكومة. وتداول الأراضي في السوق، والذي يشمل أراضي المهجّرين والأراضي المسلوبة من الفلسطينيين عموماً يعقّد مسألة استرجاعها، لتعدد الأطراف التي تدّعي ملكيتها، وأحقيتها بها، ويختفي الطابع القومي للصراع، فيظهر بشكل صراع مدني على ملكيات الأراضي.

مؤسسات وسمسرات
وإضافةً إلى كل ما سبق من مسلسل قوانين النهب، لم تتوقف جهود المؤسسات الإسرائيلية
الرسمية وشبه الرسمية ونشاطاتها، مثل الصندوق القومي اليهودي، عن محاولات شراء أراضي الفلسطينيين عن طريق السماسرة والتحايل، أو بالتواصل مع المالكين مباشرةً ذوي الموقع الضعيف في وجه الدولة. كما أن الفلسطينيين في إسرائيل ممنوعون من استئجار أو شراء الأرض من الدولة في 80% من جغرافيا إسرائيل، بسبب وجود عوائق متعمدة مختلفة، منها ممارسات المؤسسات الإسرائيلية، ولجان القبول في الكيبوتسات والقرى الزراعية اليهودية، وغيرها من الأسباب التي أحدثتها إسرائيل. وبذلك، تضمن الدولة الاستيطانية عدم تمرير الأراضي الفلسطينية إلى أصحابها مجدداً. وذلك كله في حين يحتاج الفلسطينيون في الداخل حالياً الأرض بشكلٍ حاد، لحاجاتٍ تتعلق بالإسكان، ولإقامة مؤسسات اجتماعية وخدماتية وثقافية وترفيهية عامة، ولإقامة مؤسسات اقتصادية ومشاريع تطويرية، وللمد المحلي، مثل بناء أحياء جديدة ومناطق تجارية وصناعية.
ونتيجةً لهذه السياسات، تقدّر مناطق نفوذ السلطات المحلية العربية، حالياً، بـ2.5% من مساحة الكيان الإسرائيلي فقط، أي أنها بقية من دون توسيع، على الرغم من تضاعف عدد الفلسطينيين في الداخل أضعافاً مضاعفة منذ النكبة. وتسيطر إدارة أراضي إسرائيل، اليوم، على 93% من الأراضي داخل الخط الأخضر، والملكيات الخاصة اليهودية تقدر بـ3.5%، ليصبح إجمالي ملكيات اليهود من الأراضي داخل الخط الأخضر تقدر بـ 96.5%. وذلك بعد أن كان اليهود يملكون بين 5.67 - 6.59% من أراضي فلسطين الانتدابية قبل النكبة، فإن الفلسطينيين اليوم باتوا يملكون 3.5% فقط من الأراضي داخل الخط الأخضر. وإذا ما أخذنا بالاعتبار أن عدد الفلسطينيين في إسرائيل، باستثناء القدس والجولان، بلغ عام 2012 نحو 1.325.000، ما نسبته 18% من مجمل سكان إسرائيل، فإن حجم المظالم لدى الفلسطينيين، في ما يتعلق بالأرض، يصبح أشد وضوحاً، وحجم الهجمة الصهيونية الشرسة يبدو أكثر سطوعاً.
انعكست الصورة تماماً بفعل المشروع الصهيوني، ووليدته إسرائيل اليهودية، وبات الفلسطينيون يواجهون أزمةً حادة في الأراضي والبناء والسكن. وهذه المخرجات المتعلقة بتقلص مساحات الأراضي العربية بشكل حاد جداً، ما أحدثَ أزمات حادة جداً في السكن والبناء والتنمية، هي نتيجة مباشرة لسياسات نهب الأراضي الفلسطينية التي انتهجتها إسرائيل منذ قيامها على أنقاض الشعب الفلسطيني وأرضه ووطنه.
والاستيلاء على الأرض خطوة أولى أمام المشروع الصهيوني، في ما يتعلق بسياسات الأرض، فقد ضمنت إسرائيل بهذه السياسات والممارسات الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية، وحصر أكبر عدد من الفلسطينيين، والذين يقيمون في بلدات عربية بحتة، ويقدّرون بـ91% من الفلسطينيين في أقل مساحة أراضٍ ممكنة.
وكانت إسرائيل، بالتزامن مع سلب أراضي الفلسطينيين ونهبها، تعمل على قدمٍ وساق على تهويد هذه الأراضي، والاستيطان في أكبر رقعة ممكنة من الأراضي الفلسطينية في داخل الخط الأخضر، حيث أقامت، منذ النكبة، أكثر من 700 مستوطنة (بلدة) يهودية في النقب والجليل والمثلث، وغيرها من مناطق التجمع الفلسطيني في إسرائيل.
المعادلة واضحة، تضييق على الفلسطينيين ونهب أراضيهم، وحصرهم في أقل قدر ممكن من الأراضي، مقابل توسيع رقعة السيطرة والملكية اليهودية للأراضي، وتوسيع رقعة الاستيطان والتهويد على حساب الفلسطيني وأرضه.
F6909398-A55F-4380-A4A8-7923E7202A4D
أحمد سعيد قاضي

طالب في برنامج دراسات إسرائيلية في جامعة بير زيت