أولا: لا بد أن تدرك أن الأزمات وإن صغرت في نظرك، فهي عند صاحبها طامة كبرى، لذا، عندما تتوجه إليه بالنصح لا بد أن تتعامل مع الكبيرة والصغيرة بنفس المقدار؛ عليك أن تظهر احترامك لحجم المأساة ولو كانت شوكة في إصبع.
ثانيا: لتنصح لا بد أن تصغي، وتستوضح، فمجرد سماعك وإظهار اهتمامك قد يكون نصف الحل، فأغلب المهمومين ربما لا يحتاجون أكثر من الإنصات إليهم فقط، وهم سيجدون طريقهم دون مساعدة.
ثالثا: معرفة تاريخ وجغرافية الأشخاص هي أمر على درجة عالية من الأهمية، فالطفل الذي أضاع لعبته، يختلف عن الكبير الذي خبر تجارب عنيفة خلال مشوار حياته.
رابعا: انتبه عندما تعظ ناصحا يمر بأزمة، فهو بالفعل قد استنفد كل الحلول التي خطرت ببالك، بل إنه يكون قد طورها، وحدثها، وربما صار في مرحلة متقدمة جدا من الأسى لفشل مساعيه كلها، ويحتاج عونا استثنائيا مبتكرا.
خامسا: ليس كل الحزن يأسا، فهناك حزين لا يمل محاولات الوقوف بعد كل سقوط، وربما لسوء حظه لم تطلع عليه إلا وهو في أسوأ حالاته.
سادسا: لا تتحدث كخبير، بل كصديق يفكر مع صديقه بصوت عال، يقترح عليه أفكارا، ويستشف منه أبعاد قدراته على الاستجابة.
سابعا: لا تطلق اتهامات بالتقصير، ولا تعدد الخطايا، فلحظة انهيار مبنى لا تصلح للوم سكانه، عليك إنقاذهم أولا، ثم إيجاد مأوى لهم، ثم البدء في البحث عن أسباب السقوط.
ثامنا: لا تضغط ليبذل المنكوب مجهودا أكبر، فهو بالفعل قد وصل إلى مستوى من الإرهاق لا يسمح له بمزيد من الدفع والمحاولة.
تاسعا: لا تسخر من مشاعر المهزوم مهما كانت غبية أو ساذجة أو مكررة بالنسبة لك.
عاشرا: عليك أن تدرك أن التكيف لا يصنف كعلاج حقيقي، لأن الأزمة تظل حملا ضاغطا كالمرض المزمن، تسكنه المهدئات، ثم يعود في هجمات متكررة تصيب الإنسان بورم في جهازه المناعي فيعجز عن صد أي أذى لاحق؛ لذا يلزمك أن تصف له جرعات مسكنات آمنة لا تضر جهازه العصبي.
حادي عشر: ليست كل المشكلات قابلة للحل، فبعضها حلها الوحيد هو الهروب الدائم لا المواجهة التي تكون قد أثبتت فشلها بعد تجربتها عدة مرات، لذا إن كان الفرار هو السبيل فساعد المسجون في رسم المخططات وحفر الأنفاق، شريطة ألا تؤدي في النهاية إلى قاع النهر.
ثاني عشر: في قلب المحنة، يظن المصاب أنه الوحيد على ظهر الكوكب الذي تفرد بأزمته، فلا داعي لإقناعه بأنه نسخة مكررة في هذا التوقيت.
ثالث عشر: لا تستعجل المنكسر لينهض، دعه يتربع على الأرض ويبكي ويصرخ ويهيل التراب على رأسه، فهذا أمر صحي، فحبس الوجع قد يقتله، أو يترك في قلبه جروحا لا تندمل، كما أن الألم سيفيده في عدم تكرار الخطأ مجددا.
رابع عشر: الحلول كالأدوية، قد يقبلها جسم، وقد تصيب آخر بحساسية، وقد تسبب مضاعفات لثالث، لذا كن حريصا وأنت تكتب وصفتك.
خامس عشر: لا تحل المشكلات، بل علم صاحبها كيف يتخطاها حتى يكتسب مناعة، ذكره بأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ليعي أن الصبر والمصابرة والتصبر والاصطبار على المحن هي نحت دقيق لداخله، يجعله يفهم ذاته، ويكتشف خباياها وكنوزها، ويوفر له الوقت اللازم ليقترب منها فيحاورها بعد طول انشغال، ويجد معها صيغة تفاهم تمنحه سلامه النفسي المفقود.