نساء يُعدن الحياة لأقدم سوق في الناصرة

نساء يُعدن الحياة لأقدم سوق في الناصرة

الناصرة

ناهد درباس

ناهد درباس
07 سبتمبر 2018
+ الخط -
بادرت في الآونة الأخيرة نساء عصاميات من مدينة الناصرة بالداخل الفلسطيني إلى افتتاح مقاهٍ ثقافية ومتاجر حرفية تراثية بالسوق القديم، بهدف إعادة الاعتبار له بعدما خَفَتَ بريقه وتحول من مركز تجاري وسوق لمهن وحرف عديدة استقطبت التجار قديماً من كل حدب وصوب، إلى مكان مهجور يئن من وطأة الإهمال.

وشمرت النساء عن سواعدهن وافتتحن متاجرهن في أعرق وأقدم سوق بالناصرة، هجره سكانه منذ عام 2000 تقريباً وأغلقت غالبية متاجره وتحول إلى مكان مهجور لا حركة فيه.

ومن المقاهي التي افتتحت مؤخراً مقهى "مستكة"، في طريق درب الحجاج بالسوق، لصاحبته  مها شحادة (33 عاماً) ابنة الناصرة التي تقول لـ"العربي الجديد": "دشنت هذا المشروع للمساهمة في إحياء السوق القديم الذي أحتفظ له بالكثير من الذكريات الجميلة، فقد عملت 13 سنة في مهنة الطبخ، تسع سنوات منها كانت في مطعم الرضا بهذا السوق الذي أرفض أن أراه مهملاً أو مهجوراً".

وتتابع شحادة: "المكان كان في الأصل محل حلاقة اشتغل فيها صاحبه أزيد من 70 سنة، قبل أن يغادر الحياة سنة 1997، فحولته إلى مقهى بمجهود شخصي عكفت فيه على إعادة ترتيبه والاهتمام بكل تفاصيله، حتى الكراسي قمت بصباغتها بنفسي من فرط حماستي". وتلفت إلى أهمية هذه المبادرة وضرورة تشجيعها من أجل رد الاعتبار لسوق طاوله الإهمال.

من جهتها، افتتحت مها سلمان (59 عاماً)، وهي مهجرة من قرية صفورية "مقهى مها"، للتقافة. مها هي أستاذة للغة العربية وصاحبة دار نشر. وتقول لـ"العربي الجديد": "كان هذا المكان في البداية داراً للنشر أسستها سنة 2016 وأصدرت ستة كتب، ففكرت بعدها بتوسيع صلاحياتها، وأضفت متجراً للكتب بعد جلب مؤلفات جديدة ومتنوعة من دور نشر من العالم العربي، كما أقمت بالموازاة مع ذلك هذا المقهى الثقافي للجمع بين غذاء الجسد والروح".


ولم تخف المتحدثة أسفها عن الإهمال الذي طاول السوق منذ سنة 2000: "هذا شيء يؤلمنا جميعاً، لأن طفولتنا وشبابنا كانا بسوق الناصرة، والارتباط به روحي أكثر، لكن مثل هذه المبادرات الشجاعة من شأنها أن تعيد المكان نابضاً بالحياة وعامراً بالمحبة، بدل أن نبكي لحاله ودكاكينه المغلقة، لما لا نمد يداً من أجله؟".

من جهتها، توضح لبنى لوباني التي اختارت افتتاح متجر لبيع الأدوات القديمة ولوازم التطريز والتحف لـ"العربي الجديد": "أبيع مواد مستخدمة ومستعملة، ومنها أيضاً لوحات أسهر على تصميمها من أشياء قديمة وتحف وزجاج، وقد عملت سنوات طويلة على تجميع هذه المنتوجات، وقبل أن أفتتح المتجر كنت أعرضها عبر سوق متجول".

وتضيف: "اخترت لمتجري اسم "تنتنة" وهو اسم مرتبط بالتطريز والمشغولات اليدوية، وتعني ما يحيط بالفستان، وباللغة العربية التَّنتنة شِبَاك منسوجة على أَشكال مختلفة تخيطها النساء على ثيابهن للزينة".

تحول السوق إلى مكان مهجور (العربي الجديد)



وتمضي قائلة: "أحتفظ لسوق الناصرة القديم وأزقته، بالكثير من ذكريات الطفولة الجميلة، وهذا دافع قوي جعلني أفتتح متجري به، بالإضافة إلى ما سيوفره من عائدات مادية".

ومن المقاهي التي ساهمت أيضاً في تحريك سوق الناصرة القديم، المقهى الثقافي البديل "ليوان" وهو حيز ومساحة ثقافية بالبلدة القديمة، مقابل سيباط الشيخ، افتتِح قبل عامين ونيف بمساحة قرابة المائة متر مع عليّة في مبنى يفوقُ عمره المائة عام، وتديره امرأتان ورجل.

كان سوق الناصرة نابضاً بالحياة (تويتر)


يعقد مقهى" ليوان" ندوتين في الشهر، وبه زاوية لبيع منتوجات فلسطينية وكتب جديدة لكتّاب فلسطينيين. وعمل المبادرون على إعادة إحياء الحياة الثقافية داخل البلدة القديمة، كما حرصوا على تشجيع الناس على إقامة مشاريع أخرى موازية.



المساهمون