ونقلت السلطات، منذ فجر اليوم الأحد، أعداداً كبيرة من الدرك والشرطة والآليات تمهيداً لبدء عملية فضّ الاعتصام، في ظلّ تخوف السلطات من تضخم أعداد المعتصمين، بعد التحاق أعداد كبيرة من العسكريين السابقين بهم، فيما تتجاوز أعداد المعتصمين حالياً العشرة آلاف معتصم.
وتتخوف السلطات من أن يقدم المعتصمون على تجديد محاولة الدخول الى العاصمة، ولذلك فهي تفضل محاصرتهم في منطقة حوش المخفي، في انتظار قرارٍ سياسي بفتح حوار جدي معهم، أو فضّ الاعتصام بالقوة.
وخلال الأيام الثلاثة الماضية، حاولت قوات الدرك التدخل لفضّ الاعتصام، وسعت، فجر اليوم، إلى ذلك بالقوة، مطلقةً القنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي، قبل أن تتراجع تجنباً لتفجر الأوضاع، مع وجود منطقة سكنية قرب مكان الاعتصام. وكانت قوات الدرك قد تدخلت بالقوة، السبت الماضي، مستخدمة القنابل المسيلة للدموع، لمنع تقدم مسيرة لجنود الاحتياط السابقين ومعطوبي الجيش الذين كانوا في طريقهم الى وسط العاصمة، وحاصرتهم في مدخلها الشرقي.
وأكد مروان بصافة، المتحدث باسم تنسيقية المعتصمين، لـ"العربي الجديد": "استجاب الآلاف من العسكريين السابقين لنداء التنسيقية، والتحقوا بنا من مختلف الولايات، ويبلغ عددنا الآن 20 ألف شخص".
وأضاف بصافة، الذي بترت قدمه في إحدى عمليات مكافحة الإرهاب، أن "هذه فرصتنا للضغط على السلطات لتحقيق مطالبنا، ونحن مصممون على تحقيقيها بكل سلمية، ونطالب رئيس الجمهورية بعدم التخلي عنا وعن هذه الفئة التي كافحت الإرهاب".
بدوره، لفت ياسين خالدي إلى قدومه من ولاية قالمة، شرقي الجزائر، لدعم وإسناد زملائه في الاعتصام، معبراً عن أسفه لـ"رؤية كل هؤلاء العسكريين السابقين الذين فقد جزء منهم أطرافهم، ويعيشون بأطرافٍ اصطناعية، وهم يقمعون بالقنابل المسيلة للدموع لدى مطالبتهم بحقوقهم".
ويطالب معطوبو الجيش وجنود الاحتياط الذين تمّ استدعاؤهم في التسعينيات لـ"مكافحة الإرهاب"، بتسوية أوضاعهم الاجتماعية، ودفع المنح المتأخرة للجرحى، فضلاً عن توحيد منحة العجز لكل المتضررين أثناء أداء واجبهم، واستحداث منحة مكافحة الإرهاب بالنسبة لأفراد الجيش الذين شاركوا في مكافحة الجماعات الإرهابية في الفترة الأمنية العصيبة التي عاشتها الجزائر، وتأكيد الحق في السكن الاجتماعي والعلاج المجاني.
وفي شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، أصدرت وزارة الدفاع الجزائرية بياناً شديد اللهجة اتهمت فيه العسكريين المحتجين من جنود الجيش السابقين بـ"محاولة مغالطة الرأي العام وزرع الشك وسط الرأي العام الوطني، والقيام بسلوكات غير قانونية". وقالت وزارة الدفاع الجزائرية آنذاك إن المحتجين "يقدمون أنفسهم كضحايا هضمت حقوقهم الاجتماعية والمادية، ويستخدمون الشارع كوسيلة ضغط لفرض منطقهم"، متعهدة في المقابل بتسوية المطالب وفقاً لقانون المعاشات العسكرية المعدل في العام 2013.
واليوم، وجه النائب في البرلمان الجزائري عن كتلة "العدالة والتنمية" حسن عريبي، رسالة عاجلة الى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لالتماس التدخـل العاجل في هذا الملف، وتفادي المواجهة بين العسكريين السابقين والقوات الأمنية، ومنع أي استغلال سياسي على الصعيد الوطني أو الدولي.
واتهم عريبي قوات الأمن بـ"التعرض لمتقاعدي الجيش واضطهادهم، رغم شرعية مطالبهم المهنية والاجتماعية، ففي كل مرة يخرج هؤلاء في مسيرات سلمية لرفع مطالبهم، يتعرضون للضرب والاعتقال والاستعمال المفرط للقوة، رغم أنه كان لهم شرف المساهمة في حماية الأرواح والممتلكات، حين تعرضت للبلاد لمحنة لم تشهدها في تاريخها من قبل، ومنهم المعطوب والمريض نفسياً والمحبط اجتماعياً والعاجز عن تلبية مطالب أطفاله".