ندى أعور جرّار: حيث لا ملاذ

ندى أعور جرّار: حيث لا ملاذ

21 اغسطس 2016
(الكاتبة في "مهرجان أدنبرة"، 2009، تصوير: كولن مكفيرسون)
+ الخط -
صدرت هذا العام رواية، "ملاذ غير آمن" (Unsafe Haven)، باللغة الإنكليزية للكاتبة اللبنانية ندى أعور جرّار.

الرواية الأحدث هي الرابعة للكاتبة، وتقع أحداثها في بيروت، لتسرد من خلالها كيفية تأثير الحرب السورية بشكل يومي على حياة مجموعة من الأصدقاء من جنسيات مختلفة، وبشكل أساسي على حياة اللاجئين السوريين ومآلاتهم وآمالهم وحياتهم في مخيمات وبلاد اللجوء.

ولدت جرّار في بيروت، صحيح أنها تقيم فيها حالياً، لكنّها عاشت معظم حياتها بعيداً عنها، إثر خروج عائلتها بعد نشوب الحرب الأهلية. "العربي الجديد" التقتها مؤخراً أثناء مشاركتها في "مهرجان أدنبره" الأسكتلندي للكتاب.

وكما يوحي عنوان روايتها، فإن خيار اللجوء هرباً من الحرب، لا يعني العثور على ملاذ بالمعنى الحقيقي، حيث تفرض حياة المخيمات أخطاراً من نوع آخر. من هنا تطرق الكاتبة هذا العالم عبر قصة طفل سوري (عبد الرحمن)، والاشتباك والتعاطف الذي يربط امرأة لبنانية به بعد تعرضه لحادث سير. استوحت الكاتبة حكاية عبد الرحمن، من قصة حقيقية لطفل تمر عنه السيارات وهو يبكي ولا يسأله أحد عن السبب، لكنها قررت أن تتوقف وتعرف قصته، ومن هنا اقتربت أكثر من عائلة الطفل واكتشفت أكثر وأكثر الواقع الذي يعيشه السوريون في لبنان.

تقول جرّار: "عبد الرحمن هو كل الأطفال الذين نراهم في الشارع. لكن الخيال يغلب على أحداث ومسارات الرواية بالتأكيد. أحببت أن أستكشف واقع الأطفال السوريين الذين ولدوا في لبنان منذ 2011، ووضع المرأة العربية أيضاً وكذلك استغلال النساء السوريات، الذي تحدّثت عنه وسائل الإعلام منذ فترة. كلّها أمور ترتبط ببعضها".

وإن كان عبد الرحمن في الواقع، قد يتمكّن وعائلته من السفر قريباً، كما تقول جرّار "أمّا في الرواية فتهرب والدة الطفل معه إلى تركيا حيث تلتقي بأهلها، لكنّها تترك خلفها طفلة صغيرة مع امرأة في مخيّم فلسطيني، كونها حملت بها بعد موت زوجها ولا يظهر في القصة إن كانت الوالدة تعرّضت للاغتصاب أو أمر آخر. وهنا أصوّر أنّ وضع المرأة اللاجئة أصعب من وضع الرّجل. لكن الطفلة تمثّل الكثير من الأطفال الذين يولدون خارج سورية ولا يمتلكون جنسية، وقد يؤدي ذلك إلى خلق جيل جديد من اللاجئين كما حدث للفلسطينيين في لبنان وغيره. وهذه مشكلة طويلة الأمد ومعقّدة، في ظلّ الظروف الصعبة التي يعاني منها السوريون في لبنان".

وعن تأثير الحرب الأهلية في لبنان والعجز عن العوده إلى البلاد لسنوات، وطلب عائلتها اللجوء في بريطانيا، عن تأثير كل ذلك على كتابتها تقول جرّار: "أنا أقرأ باللغة الإنكليزية منذ طفولتي لأنّ والدتي سافرت إلى أستراليا وعائلتها منذ الصغر، وعلى الرّغم من أنّني أحب اللغة العربية كثيراً، لكنّ الإنكليزية هي لغتي الأم، وأنا متأثّرة بها منذ البداية وبالطبع اللغة هي أيضاً الحضارة التي خلفها. أمّا عن الحرب عام 1975، كنّا آنذاك في إجازة في بريطانيا وأغلق مطار بيروت وعجزنا عن العودة. لكنّي أردت دوماً العودة إلى لبنان طيلة فترة وجودي في الخارج، لأنّ طفولتي كانت مميزة في لبنان، تعلّقت به وبضيعة أبي في الجبل وشعرت أنّ لبنان بلد يستوعب الإنسان الذي تسكنه أكثر من حضارة. ورواياتي متأثّرة بالظروف التي مررت بها وبالمكان".

بالنسبة للكاتبة اللبنانية، الحائزة جائزة الكومنولث للكتّاب في عام 2004 عن روايتها "في مكان ما بيتي" فإن "كلّ رواية تمثّل فترة من حياتي وما أعيشه، وحين أكتب أحسّ بأني أعالج ما أشعر به بداخلي، إنّها طريقتي في التعامل مع ما أواجهه أو ما يواجهه بلدي".


المساهمون