نجل عبدالناصر-القذافي وروسيا-أميركا.. علاقات جديدة تكشفها "وثائق بارادايس"

نجل عبدالناصر-القذافي وروسيا-أميركا.. علاقات جديدة تكشفها "وثائق بارادايس"

06 نوفمبر 2017
علاقة أخرى ممتدة بين نجل عبد الناصر والقذافي(Getty)
+ الخط -
في سلسلة جديدة من التحقيقات الصحافية الدولية التي تستند إلى تسريب عدد هائل من الوثائق حول دوائر عالمية للتهرب الضريبي، تنكشف علاقة جديدة بين الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي وعائلة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، إلى جانب الكشف عن صفقات لوزير أميركي مع مقربين من الرئيس الروسي واستثمارات لملكة بريطانيا في جزر برمودا.

وبعد 18 شهراً على "وثائق بنما"، بدأ الكونسورتيوم الدولي للصحافيين الاستقصائيين (آي سي آي جي)، بكشف "وثائق بارادايس"، استناداً إلى 13.5 مليون وثيقة مالية آتية خصوصاً من مكتب دولي للمحاماة مقره برمودا ويحمل اسم "إبلباي"، حصلت عليها صحيفة "سوددويتشه تسايتونغ" الألمانية.

وتكشف "وثائق بارادايس" عن علاقة أخرى ممتدة بين الزعيمين المصري والليبي، وفق ما ذكر موقع "درج"، الشريك العربي في هذه التحقيقات. فالوثائق المسربة من داخل سجلات الملاذات الضريبية "تلقي الضوء على شركة جرى تأسيسها في مالطا عام 2005 تحت اسم "الشركة الأفريقية للتجارة والاستثمار"، توزعت أسهمها بين عدة مساهمين، أبرزهم "الشركة الليبية الأفريقية العربية للاستثمار" (لايكو) المحظورة من قبل الولايات المتحدة ودول أوروبية لارتباطها بأموال القذافي، وبين عبد الحكيم جمال عبد الناصر، نجل الرئيس المصري السابق. ويرد في الشركة اسم شخص له علاقة وطيدة بالاستخبارات الليبية يدعى يوسف شاكونة، والذي عمل، وفق جهاز الاستخبارات البريطاني، في قسم الاستخبارات في وزارة الخارجية الليبية في طرابلس، وكان مسؤولاً عن اعتراض الرسائل.

وذكر الموقع استناداً إلى الوثائق التي عمل عليها، أن "وثيقة تأسيس الشركة تذكر أن نجل الزعيم القومي يحمل الجنسية المالطية، إلّا أن الأخير نفى أنه يحمل أي جنسية أخرى". أمّا عن علاقته بالقذافي، فيقول "كان بمثابة عائلة بالنسبة لنا".

وأضاف الموقع أنّ "حكيم لم ينف علاقته بالشركة الليبية، وقال إنها أسست في بدايات العقد الماضي، في شراكة مع أفراد ليبيين بغرض التبادل التجاري للبضائع المصنعة في ليبيا والبضائع المصرية. إلا أنه يقول إنه ترك هذه الشركة بعد عام من تأسيسها وأنها لم تنفذ أي تعاقدات منذ إنشائها".

غير أن إحدى الوثائق قالت إن نجل عبد الناصر ظلّ مرتبطاً بهذه الشركة، على الأقل حتى يوليو/تموز 2011. أي بعد 4 أشهر من حظر كل الشركات التي لها علاقة مباشرة بنظام القذافي، ومن بينها شركة "لايكو"، التي استعان القذافي بها لتوسيع نفوذه داخل القارة السمراء، فسيطرت على سلسلة من 10 فنادق فاخرة في العواصم الأفريقية، وفق الموقع.

عالمياً، أشارت الوثائق إلى علاقات أميركية روسية جديدة بطلها وزير التجارة الأميركي ويلبور روس الذي أبقى على مساهماته في شركة للنقل البحري على علاقة وثيقة مع ثري روسي فرضت عليه عقوبات أميركية، ومع صهر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفق ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز".

ورأى ريتشارد بيتر، المسؤول السابق في مكتب الأخلاقيات في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، أن قضية وزير التجارة الأميركي يمكن أن تطرح مشكلة أخلاقية. وخفّض رجل المال المعروف ويلبور روس بعدما تسلّم مهامه الوزارية في فبراير/شباط، مساهمته الشخصية في شركة "نافيغيتور هولدينغ"، لكنه ما زال يمتلك 31 في المئة من أسهمها بواسطة شركات أوفشور.


وذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية التي شاركت في التحقيق، أن من أبرز زبائن "نافيغيتور هولدينغ" شركة "سيبور" الروسية للغاز والمنتجات البتروكيميائية والتي بلغت قيمة تعاملاتها المالية مع شركة النقل البحري 23 مليون دولار في 2016. ومن بين مالكي "سيبور" كيريل شامالوف المتزوّج من صغرى بنات الرئيس الروسي، وغينادي تيمتشينكو رجل الأعمال الثري المقرب من بوتين والذي يخضع لعقوبات أميركية منذ ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم.

ورداً على هذه المعلومات، قالت وزارة التجارة الأميركية في بيان، إن "الوزير روس لم يشارك في قرار نافيغيتور القيام بأعمال مع سيبور" التي "لم تكن خاضعة لعقوبات يومها ولا هي كذلك اليوم". وأضاف البيان أن روس "لم يلتق أبداً المساهمين في سيبور المذكورين" في التحقيق، مشدداً على أنّ الوزير الأميركي "يحترم المعايير الأخلاقية الحكومية المتبعة في الولايات المتحدة".

وبين الزبائن الآخرين لـ"نافيغيتور هولدينغ" مجموعة النفط الفنزويلية العملاقة التي فرضت عليها واشنطن عقوبات صيف 2016.

كذلك، أفادت وسائل إعلام بريطانية بأن ملايين الجنيهات الإسترلينية العائدة للملكة إليزابيث الثانية استُثمرت في جنّات ضريبية. وذكرت "بي بي سي" وصحيفة "ذي غارديان" أن نحو عشرة ملايين جنيه استرليني (11.3 مليون يورو) من أموال الملكة البريطانية استُثمرت في جزر كايمان وبرمودا.

والأموال التي أودعت في هذه الملاذات الضريبية تستثمرها شركات عدة، بينها "بريتهاوس"، وهي متخصصة بتأجير العقارات مع خيار شراء أثاث ومعدات معلوماتية ومتهمة باستغلال الفقر وحتى شبكة لبيع المشروبات الكحولية أشهرت إفلاسها. واستثمرت أموال الملكة في هذه الملاذات الضريبية من قبل "دوقية لانكاستر"، الصندوق الاستثماري الخاص المسؤول عن إدارة أموال الملكة وعائداتها. وأكدت متحدثة باسم "دوقية لانكاستر" لوكالة "فرانس برس"، أنّ "كل استثماراتنا تخضع لتدقيق شامل وهي شرعية بالكامل"، مضيفةً "نقوم بعدد من الاستثمارات بما فيها استثمارات في صناديق في الخارج". وأوضحت أن هذه الاستثمارات الأخيرة لا تشكل أكثر من 0.3 في المئة من القيمة الإجمالية للدوقية.

وردّ زعيم المعارضة العمالية جيريمي كوربن، على "تويتر"، على هذه التسريبات بالقول: "هناك قاعدة للأثرياء وقاعدة للآخرين عندما يتعلّق الأمر بدفع الضرائب".


من جهتها، كشفت صحيفة "تورونتو ستار" في كندا، أن الملياردير ستيفن برونفمان الذي يرأس الشركة السابقة لإنتاج النبيذ والمشروبات الكحولية "سيغرام"، وظّف مع راعيه ليو كولبر، ستين مليون دولار في شركة أوف شور في جزر كايمان.

وبرونفمان، صديق جاستن ترودو، الذي كان مسؤولاً عن جمع التبرعات خلال الحملة الانتخابية في 2015 لحساب الحزب الليبرالي الكندي، يمكن أن يسبب إرباكاً لرئيس الوزراء الذي انتخب بناءً على وعود بتقليص الفوارق الاجتماعية وتحقيق العدالة الضريبية.

والقنوات التي لجأ إليها هؤلاء الأثرياء والشركات المتعددة الجنسيات لنقل أموالهم إلى ملاذات ضريبية بحد ذاتها ليست غير قانونية. وهذه الطرق تستفيد من الثغرات التنظيمية ليتاح لهم دفع أقل قدر ممكن من الضرائب.

(العربي الجديد، فرانس برس)